جاء في سفر رؤية حزقيال المحرف ذكر لأربعة ملائكة بأشكال مختلفة
وهو قولهم:
1: 10 أما شبه وجوهها فوجه إنسان و وجه أسد لليمين لأربعتها و وجه
ثور من الشمال لاربعتها و وجه نسر لاربعتها". انتهى
فصور الملائكة جاءت بحسب هؤلاء على شكل اسد، ونسر، وثور و الرابع
على صورة رجل.
وموضوع هذا السفر المحرف هو الحديث عن المسيح عليه السلام و كيف
كانت تطوف حوله أربعة من الملائكة بأشكال مختلفة.
وتظهر صور بعض الكنائس و بعض اللوحات الفسيفسائية ان المسيح كان
يجلس على كرسي وحوله أربعة من الملائكة، من دون ان تظهر تلك الصور ان الملائكة
كانوا يحملون كرسي أو عرش المسيح.
وقد حاول بعض الزنادقة المطابقة بين سفر حزقيال و بين قول النبي
صلى الله عليه وسلم: " أن حملة العرش اليوم أربعة فإذا كان يوم القيامة أيدهم
الله تعالى بأربعة آخرين فكانوا ثمانية " . ذكره الثعلبي .
وأيضا ما قاله الرسول : " يحمله - اي العرش- اليوم أربعة وهم
يوم القيامة ثمانية ". أخرجه الماوردي عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا.
فظن هؤلاء الزنادقة ان العرش الذي يحمله أولئك الملائكة يشابه
الصورة التي تكلم عنها سفر حزقيال وان أولئك الملائكة حقيقة على شكل إنسان و أسد و
ثور و نسر و يقومون بحمل العرش، و بالتالي فان الذي يجلس على العرش هو الله و
العياذ بالله.
فأثبتوا مناسبة بين الله و العرش بالقعود و الجلوس، أخذا بظاهر
قوله تعالى: "وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ
ثَمَانِيَةٌ" - الحاقة-
فخالفوا بذلك معتقد المسلمين أن العرش ليس مكانا لله تعالى، بل ان
الله خلقه اظهارا لقدرته وهو غير محتاج للعرش و لا لغيره. فلم يخلقه عز وجل للجلوس
أو القعود عليه، إنما تسربت تلك الاعتقادات الفاسدة عن طريق أولئك الزنادقة و
قاموا ببثها بين عوام المسلمين.
وقد زاد اؤلئك الزنادقة على الاقتباس من كتب أهل الكتاب و تعدوا
إلى النظر الى ألوان الفسيفساء التي شاهدوها داخل بعض الكنائس، فنسبوا لله نعلا
ذهبيا و انه في روضة خضراء .
وبهضهم قال أنه شيخ و الٱخر قال عنه شاب أمرد، فتلقف تلك العقائد
الفاسدة بعض أهل الحديث ممن تأثر بلوثة التجسيم، فوضعوا لها متونا و ركبوا عليها
أسانيدا و نسبوها زورا للنبي صلى الله عليه و سلم.
من ذلك ما حصل مع الٱجري فقد أورد مثل تلك الأحاديث في كتابه
الشريعة بسند ظاهره الصحة و الاتصال حيث قال: "حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ
أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ آدَمَ قَالَ :
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
إِسْحَاقَ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عَيَّاشٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ , أَنَّ عَبْدَ
اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بَعَثَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ
يَسْأَلُهُ : هَلْ رَأَى مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَبَّهُ
عَزَّ وَجَلَّ ؟ قَالَ : فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ : أَنْ
نَعَمْ , فَرَدَّ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَسُولَهُ أَنْ كَيْفَ
رَآهُ ؟ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَنَّهُ رَآهُ فِي رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ مِنْ دُونِهِ
فِرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ عَلَى كُرْسِيٍّ مِنْ ذَهَبٍ يَحْمِلُهُ أَرْبَعَةٌ مِنَ
الْمَلَائِكَةِ : مَلَكٌ فِي صُورَةِ رَجُلٍ , وَمَلَكٌ فِي صُورَةِ نَسْرٍ ,
وَمَلَكٌ فِي صُورَةِ أَسَدٍ , وَمَلَكٌ فِي صُورَةِ ثَوْرٍ". انتهى
وهذا الأثر في غاية البطلان و هو مخالف لأصول الدين و قطعياته،
والحمل فيه على أبي بكر بن أبي داود رأس التجسيم في زمانه، فالظاهر أنه هو الذي
وضعه.
وليعلم أن مصطلح أصحاب الحديث ليس اسما جامعا لفرقة معينة بل يضم
فرقا شتى منتسبة للاسلام كالمعتزلة و المجسمة و القدرية و الجهمية و الجبرية و
الحلولية وغيرهم، إضافة لأصحاب الحديث من اهل السنة و الجماعة القائمين على نصرة
العقائد الإسلامية.
الصورة #منقولة عن الباحث أسامة المالكي، وهي جزء من كنيسة موجودة
في روما ترجع للقرن الرابع عشر ميلادي و فيها إشارة لما جاء في سفر رؤيا يوحنا
اللاهوتي 5: 14 المحرف وهو قولهم:
"وَكَانَتِ الْحَيَوَانَاتُ الأَرْبَعَةُ - يريد بزعمه
الملائكة- تَقُولُ: «آمِينَ». وَالشُّيُوخُ الأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ خَرُّوا
وَسَجَدُوا لِلْحَيِّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ".
0 تعليقات