عمر حلمي الغول
مازالت هناك قائمة من
الاسئلة تثار حول مواقف حركة حماس من الانتخابات، واثناءها وما بعدها. لا سيما وان
عقدة حماس من الانتخابات متأصلة وعميقة. رغم موافقتها على اجرائها بالتتالي، بعد
ان وضعت العصي في دواليب العملية الديمقراطية. والاسئلة المثارة سابقا وراهنا: هل
موافقة حماس جاء بقناعة، أم نتيجة ضغط حلفائها؟ وما هي حسابات حركة حماس تجاه
العملية الديمقراطية؟ هل نابع خيارها من توطين ذاتها في الساحة الفلسطينية بعيدا
عن الاجندات العربية والاسلامية والدولية، ام لا؟ وهل لديها الرغبة والارادة
لتعزيز الوحدة مع ما تتطلبه من طي صفحة الانقلاب الأسود؟ وهل هي مستعدة للتخلي عن
السيطرة على محافظات الجنوب، أم لا؟ وهل مجرد موافقتها على الانتخابات، يعني
إستعدادها لدفع استحقاقات الاتفاقات المبرمة بينها وبين حركة فتح وفصائل العمل
السياسي الفلسطينية، ام انها تريد الاحتفاظ بقطاع غزة تحت سيطرتها وتقاسم النفوذ
تحت عنوان الشراكة السياسية في الضفة الفلسطينية؟ وهل ترغب حركة حماس فعلا
بالشراكة السياسية وفق معايير نتائج صناديق الاقتراع، أم سيكون لها تحفظات
وارتدادات؟ وهل ترى العملية الانتخابية منفصلة عن باقي استحقاقات الوحدة؟ وهل تؤمن
حقا بالنظام السياسي الديمقراطي التعددي، أم انها تعتبر الخطوة الجديدة لتكريس
حضورها وشرعيتها في المشهد الفلسطيني بعيدا عن اية التزامات وطنية؟ وهل حماس ترغب
بالدخول للانتخابات بقائمة واحدة مع فتح وباقي الفصائل ام العكس؟ وهل حماس موحدة
على موقف واحد تجاه الانتخابات والمصالحة، أم لا؟
في البداية تملي
الضرورة مباركة موافقة حماس على العملية الانتخابية بالتتالي، وإزالة بعض العصي من
دواليب عربة المصالحة، بغض النظر عن الخلفيات، التي ساحاول ملامستها وطرح الموقف
والقراءة لها بشكل موضوعي. لكن بالمنطق العقلي لا يمكن الفصل التعسفي بين موقف
بعينه عن مرتكزات السياسات الحمساوية. وعليه فإن الموافقة على العملية الديمقراطية
لم تكن إرتدادا عن رؤية حماس الإستراتيجية، ولا تعني وفق ما اعتقد، إنفصالا عن
ارتباطاتها مع التنظيم الدولي للاخوان المسلمين، ولا عن اجنداتها العربية
والاقليمية، ولا عن رهاناتها على التطورات الدولية عموما. وبالتالي الحديث عن
توطين الذات الحمساوية في الساحة والمشروع السياسي الفلسطيني من المبكر الحديث
عنه، وسابق لإوانه. لإن لهذا التوجه استحقاقات تتجاوز حتى موضوع المصالحة بحد ذاته.
وإقدام حركة حماس على
الموافقة جاء نتاج حساباتها الذاتية الخاصة، وبالإتفاق مع مرجعياتها وحلفائها في
الاقليم من عرب وعجم. ولإنها كما اشرت تريد أن تعزز شرعيتها في الساحة، وتعمل على
الإنضواء في منظمة التحرير، ليس حبا في المنظمة، ولا عن قناعة بالممثل الشرعي
والوحيد، وانما تقديرا منها، ان الشروط الذاتية في الساحة تسمح لها في ظل قراءتها
لواقع القوى الفلسطينية عموما وحركة فتح خصوصا بالتمدد في المنظمة لبسط مكانتها،
ولسحب البساط من تحت اقدام القوى الوطنية عموما وقائدة المشروع الوطني خصوصا. ولهذا
يخطىء من يفترض ان حركة حماس معنية بالربط بين الانتخابات والمصالحة، حتى لو أعلنت
موافقتها على اليات محددة في إجتماع القاهرة القادم، وبالتالي من الصعب التكهن
بجاهزيتها لطي صفحة الانقلاب، وتسليم القطاع وعلى اساس الشراكة السياسية وفق
برنامج الاجماع الوطني، وستضع مجددا عصي جديدة في دواليب عربة المصالحة، وستصر على
الإحتفاظ والسيطرة على محافظات الجنوب، ولن تتنازل عنها بسهولة. ولعل ما عبر عنه
الزهار وحماد وآخرين يعكس هذة الحقيقة. وهو ما يشير إلى وجود تيار حمساوي رافض من
حيث المبدأ للانتخابات والمصالحة معا، والإصرار على التمسك بخيار السيطرة على قطاع
غزة.
كما ان كل تياراتها
المختلفة ترفض مبدئيا موضوع وفكرة القائمة الواحدة مع فتح والفصائل الاخرى
لإعتباراتها، وبما ينسجم مع رؤيتها المركزية، وستنزل بقائمتها ولونها الخاص. كما
انها تعتقد، ان القوى الاخرى مأزومة، وتريد ان تتكأ عليها، وهي ترفض حمل اي قوة
وطنية معها، إعتقادا منها، أنها الأكثر تماسكا وقوة في المشهد الفلسطيني، وتفترض
القدرة على حصد نتائج تؤهلها لتبوأ مركز الصدارة مجددا في الساحة، وهذا على ما
اعتقد فيه مغالاة، ومكابرة وغرور لا ينسجم مع واقع ورصيد الحركة في الشارع
الفلسطيني عموما وفي قطاع غزة خصوصا.
مع ذلك اتفق مع حماس
برفض المشاركة في قائمة واحدة، لإنها تفترق عن القوى الوطنية في العديد من
العناوين السياسية وبالعلاقة مع النظام السياسي، الذي لا تؤمن به، ولا بتعدديته
ولا بالديمقراطية من حيث المبدأ. ودخولها ومشاركتها في الإنتخابات لا يعني قبولها
بالعملية الديمقراطية، لإن إنخراطها فيها ينسجم مع حساباتها الخاصة، وحسابات
مرجعياتها العقائدية والسياسية، وليس تبنيا لها. بيد ان ذلك لا يحول، ولا يمنع من
الترحيب بالخطوة الحمساوية، والعمل على توسيع هذا التوجه داخل صفوفها، مع ضرورة
الإنتباه والتعاطي بمسؤولية عالية مع السيناريوهات المختلفة لحركة الانقلاب بما
يحمي المشروع الوطني
0 تعليقات