خالد
الأسود
يؤكد
الإعلان المصري لحقوق سيدي حياء على حق كل إنسان في التلصص ودس عينه وأذنه
ومناخيره ومناخير الست الفاضلة أمه في حياة غيره وحقه المصري الأصيل في ألا يجد
بعد تلصصه أيتها حاجة تخدش سيدي حياء ..
الحقيقة
أن الأخلاق منتج ثقافي ارتبط بالتحضر والاجتماع وبداية الوعي الجمعي، لم يأت أي
دين بأخلاق جديدة وإنما أكد على مفهوم الالتزام الأخلاقي..
بعيدا
عن تصورات المتدين المصري الوسطي الزفلوط فحتى من يفقد إيمانه لا يجامع أخته ولا
يغتصب أمه ولا ينزل الشارع عاريا ولا يتحول إلى قاتل متسلسل ولا حرامي شنط..
الأخلاق
هي أداة مجتمعية لتحقيق المنفعة، بدأت باختيار كل إنسان أن يتنازل عن جزء من
حرياته الفوضوية فلم يعد ينهب ما في يد غيره حتى يأمن التعرض للنهب والاعتداء..
لهذا
كانت الأخلاق العربية تمجد من يقطع الطرق على القوافل وينهب القبائل ويسبي النساء
طالما عصم قبيلته من بطشه وسمح لهم أن يشاركوه غنائمه..
مع
تطور العرب وتحولهم لنظام الدولة تطور مفهوم الأخلاق واتسعت دائرة التحريم لتشمل
أرجاء الدولة كلها..
ظل كل
ماهو خارج الدولة مباحا وسواء أسموه غزوا أو فتحا..
لم يكن
العرب وحدهم.. كل الأمم والحضارات كانت على نفس سلمة التطور..
جاء
عصر الصناعة والعلم ومنظومة الأخلاق الإنسانية الجديدة ..
كان
العالم في حاجة إلى الحربين العالميتين ليرى ويعي مفهوما جديدا للأخلاق تستظل به
الإنسانية كلها، صاغ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان دستورا حاكما تأتي منه الأخلاق
الملزمة لكل إنسان وكل مجتمع..
العالم
الأول وعي أولا أنه صاحب حق في ألا يخدش أحد حقوقه الإنسانية في الحريات والأمن
والرفاهية والمساواة والعدل..
العالم
الثاني وعى ثانيا..
ظل
العالم الثالث متمسكا بأخلاق العصور الوسطى وضجيجها وصراعاتها، مؤخرا بدأ الوعي
يصل لدول العالم الثالث، صرنا نرى دولا تحقق طفرات في حياتها وفي بضع سنين تضم إلى
مجموعات النمور..
لم تبق
إلا منطقتنا وحدها مستكينة في العالم السفلي، منتهى الحقوق المخشي عليها حق كل
مواطن في الحياء..
ماتفعله
السعودية بسلاسة ينم عن مجتمع تواق للتحرر من كهنوت ملالي السنة..
ما
تفعله السعودية يعبر عن إرادة سياسية تملك الوعي والرؤية في اللحاق بركب العصر
والخروج من كهف الجهل والتخلف.
التعليم
والسفر والانفتاح على الوافدين منح المواطن السعودي رحابة، تجربة الحكم الديني
والمطوعين أكسبتهم مناعة ضد الأوهام الرومانسية عن دولة الكهنوت.
السودان
بعد التجربة المريرة تحدد بوصلتها، تونس مع وجود الإخوان والسلفيين في المشهد ما
زالت متشبثة بمقعدها المكتسب بين دول المجتمع الإنساني..
كل يوم
يكشف المجتمع المصري أنه مازال غير مؤهل لتجاوز زمن العثمانيين..
مازال
مفهوم الأخلاق عندهم هو تلك المسرحيات الأخلاقية دفاعا عن حقهم في الحياء!!!!!
صحوة
محمد علي تم وأدها بعد قرن واحد عندما وجد مدرس الابتدائي القروي وشلة الصنايعية
الأميين حاضنة شعبية لجماعته ..
محاولة
عبد الناصر للسيطرة على الخطاب الديني ونهضته الثقافية لم تصمد أمام مجموعة المعممين
بقيادة الغزالي والشعراوي الذين أطلقهم السادات على عقل ووجدان الناس ..
مبارك
اعتقد في سنوات حكمه أنه قادر على محاربتهم بالتنمية والطفرة الاقتصادية، حاول
حصارهم وتحجيمهم، خانته الطبقة الوسطى التي راهن عليها..
عندما ارتفع
مستوى دخول الطبقة الوسطى توقع مبارك أن يلفظوا ثقافة الموت والقبح التي زرعها
شيوخ السبعينات وشلة قتلة فرج فودة..
وبدلا
من أن يكون ارتفاع مستوى معيشة الطبقة الوسطى سببا لنمو وعيها وارتباطها بقيم
الحياة اختاروا أن يصنعوا من عمرو خالد عرابا يلفق لهم بين قناعاتهم بثقافة الموت
وبين المتع والملذات الحياتية التي يحرمونها وصارت متاحة لهم.
قاد
عمرو خالد ورفاقه قاطرة دعاة التوفيق والتلفيق..
أباح
لهم فساتين السواريه حسب أحدث صيحات الموضة كل العملية صارت حتة بودي كارينا ويبقى
سواريه شرعي..
لامانع
من البحر والمنتجعات بالبوركيني وملابس الضفادع البشرية..
لا
مشكلة مع البناطيل المحزقة والباديهات الستومك مع طرحة إسبانيش..
فكرة
التلفيق سادت العقول وربما كان انتشار حالات الزواج العرفي خير دليل على حالة خداع
النفس والسماء..
علاقات
جنسية خارج منظومة الزواج تصبح شرعية بورقتين يشتريهم أي راغب لذة عابرة من السوبر
ماركت ويبقى كله بما يرضي الله ورسوله..
اشترك
يسار العار في تدمير وعي تلك الطبقة، استخدموا السينما والمسلسلات لخلق سخط جمعي
شمل الجميع..
صدقوا
جميعا أن الكل لصوص وفاسدون،صدقوا أن طعامهم مسرطن، وأن الدولة تقتلهم وأنهم أكثر
شعوب الأرض ذكاء ومهارة ولكنهم مظلومون..
ظلوا
يسمون عدوهم الألد "بتوع ربنا"..
ظلوا
يسمعون عمرو خالد ويطيعون حسان وبرهامي ..
خانوا
حاضرهم ومستقبلهم في برلمان 2010
رضوا
أن يكونوا قطيعا تحركه الشعارات والهتافات..
زرعوا
فيهم فكرة التطهر بالشعارات والمظاهر والمسرحيات..
في نفس
الوقت الذي يستلذون فيه الحياة والفن والموسيقا والحب والرقص، نفوسهم التي تم
تشويهها مقتنعة أن الحياة وأفراحها إثم ومعصية، علمهم كبيرهم عمرو خالد أن خداع
السماء ميسور بحتة طرحة تتربط إسبانيش على نص الشعر وكله يبقى شرعي بمايرضي الله.
خيانة
الطبقى الوسطى لنفسها استمر حتى أحداث يناير 2011 ..
خرجوا
يطالبون بالحرية التي يعيشونها، وبعدالة اجتماعية تأخذ استحقاقاتهم لمن لا يستحق..
اليوم
تعيش تلك الطبقة منزوعة الحقوق، مباحة مستباحة، يتم استلاب كل مدخراتها المالية
ومكتسباتها الحضارية..
سبقتنا
الإمارات وحملت مشعل الريادة الحداثية، السودان تنعتق والسعودية تنطلق، حتى تونس
تحت حكم الإخوان تتطهر ونظل وحدنا مرعوبين من مؤخرة ممثلة وحتتين جاتوه..
في
فوضى المسرحيات الأخلاقية والحزق من الشمخ الأخلاقي تتوه الحقيقة والبوصلة وتظل
منظومتنا الأخلاقية مجرد مسرحية سخيفة لا تنظم ولا ترتقي بالحياة..
دور
الدولة أن توجه مواطنيها للعلم والتعلم والثقافة والفنون والرفاهية وزيادة
الإنتاج..
الأخلاق
الإنسانية غير مشغولة أن تمنع واحد من شرب الكحوليات كي يدخل الجنة، الأخلاق
الإنسانية مشغولة بألا يمارس القيادة تحت تأثير الكحول، تعاقبه لو ألقى زجاجة
الكحول في الطريق ..
الدولة
لا تستنزف جهدها ومؤسساتها في قضية مؤخرة ممثلة أو جاتوه عيد الميلاد الدولة تمنع
إقامة مواقف الميكروباصات على مطالع الكباري..
0 تعليقات