عمر حلمي الغول
من البداية أود
التأكيد، أن فرضية إتمام الانتخابات البرلمانية مرهونة بالتطورات السياسية الجارية
على الأرض، وتنفيذها في كافة المناطق وخاصة في القدس العاصمة وقطاع غزة، وإن حالت
الظروف السماح للمواطنين بالإدلاء بأصواتهم بشكل نزيه وشفاف، فبالضرورة سيؤثر هذا
على إتمامها. لكن من المؤكد، ان لجنة الانتخابات والقيادات السياسية المختلفة
ستعمل للوصول للجميع بطرق إبداعية، مع أنهم يفضلون الطريقة السابقة، أي بإجراء الانتخابات
في القدس عبر مكاتب البريد، وبالتالي ستعمل وتدعم الإلتزام بما حدده المرسوم
الرئاسي بشأنها.
وفي مسألة الإنتخابات
لا مجال للعواطف والتمنيات والفرضيات الطيبة، لانها لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا
تقدم او تؤخر في نتائجها، فكل طرف ان لم يحسن ترتيب بيته وخياراته، ولم يتمكن من
ضبط إبقاع الخلافات البينية بين صفوفه وممثليه، ولم يستطع وضع معايير مناسبة
ودقيقة ترضي جميع القوى المتحالفة إن كانت سياسية أو من المستقلين أو من خليط
سياسي واجتماعي، فلن يكون مؤهلا للفوز، وإن فاز بعدد من المقاعد، فسيكون فوزا
ضيعفا ولا يتناسب مع تقديراته لنفسه وثقله في الساحة. وبالتالي تحتم الضرورة على
كل ممثلي قائمة وأنصارها بذل كل جهد ممكن لنيل ثقة النسبة الأكبر من الأصوات، وحصد
اكبر عدد من المقاعد. وبقدر ما يتمكن هذا الطرف او ذاك من أولا إختيار الأشخاص
الأكثر إقناعا للجماهير؛ ثانيا طرح رؤية برنامجية تنسجم وتستجيب لمصالح الجماهير؛
ثالثا القدرة على تقديم ممثلوا القائمة كما يتوافق ورغبة المواطنين، والدفاع عن
خيارهم وأهدافهم، بقدر ما سيكونوا الأقرب لصوت وورقة إقتراع الشعب. وهنا اتحدث عن
الكتلة الجماهيرية التي لم تحسم توجهها وخيارها. اما أنصار الأحزاب والحركات
والقوى فهؤلاء إمكانية الـتأثير عليهم قد تكون محدودة. لإن اتجاه بوصلتهم
وقناعاتهم واضحة ومحددة، ومنحازون سلفا لإتجاه وكتلة محددة.
مع ذلك ما تقدم من
استنتاج، لا يجوز ان يحول دون محاولة ممثلوا الكتل الأخرى من العمل والحرث في
اوساط تلك القطاعات لحثهم للتصويت لها، ولإن هناك جزءً من الجماهير، قد لا يكون
راسخ القناعة بمن يؤيدهم، وقد تلهمه بعض الأفكار أو بعض الشخصيات الموثوقة من وجهة
نظرهم للتأثير فيهم، مما يدفع هذة الفئة لإعادة نظر في خياراتها ولو في اللحظة
الأخيرة. وبالتالي لا يفترض لممثلي قائمة، ان يغلقوا على انفسهم بابا مفتوحا او
شبه مفتوح، انما عليهم ان يفتحوا كل الأبواب المغلقة او المواربة دون تردد،
ويُسمعوا الجماهير هنا او هناك اراءهم ومواقفهم وما يتميزوا به من طاقات وكفاءات
ومصداقية، وما لديهم من تاريخ في الدفاع عن الوطن والشعب، وتصديهم لكل من حاول في
الداخل او الخارج التطاول على المصالح والحقوق الوطنية.
وعلى صعيد النتائج من
المؤكد سيكون هناك حالة استقطاب حاد في المشهد وعشية وأثناء الإنتخابات، وقد يكون
حصاد الإنتخابات مفاجئا، ومغايرا لكل التوقعات والسيناريوهات، بتعبير آخر من
الممكن ان لا تأتي النتائج وفق الرياح، التي تشتهيها سفن القوائم جميعا، مما يشكل
إرباكا لاحقا وعلى اكثر من مستوى؛ وقد تحظى قائمة فتح ومن يتحالف معها بالأغلبية،
وعندئذ حركة حماس والمتنفذين في محافظات الجنوب قد لا يعترفوا بالنتائج، ويدعون
انها "مزورة"، او يضعون العصي في الدواليب، ويعرقلون خطوة عودة الشرعية
للقطاع، ويرفضون الألتزام بالنتائج، وقد يكون العكس، كأن تتمكن حركة حماس ومن معها
حصاد اكبر عدد من المقاعد في البرلمان، وهو ما يعزز تشبثها أولا بالسيطرة على غزة؛
وثانيا رفض الشراكة وبناء النظام السياسي الواحد التعددي؛ ثالثا المطالبة بتسلم
مهامها في الضفة، وهو ما قد يواجه باعتراضين ورفضين: من قبل اسرائيل، رغم انها
تريدها مسيطرة في القطاع، ولكن لا تريدها في الضفة. لإن هدفها بقاء وترسيخ
الإنقسام والإنقلاب، ومن قبل قطاعات وطنية بما في ذلك من بعض تيارات حركة فتح
رافضة لحكم الجماعة؛ رابعا وقد تتقدم قائمة من المستقلين، وهذة ستواجه باستعصاءات
من حركة حماس وايضا من بعض تيارات فتح. لا سيما وانها لا تملك اوراق قوة بيدها
تسمح لها بفرض حضورها وسيطرتها على الحكم في جناحي الوطن، وسيتعزز هكذا خيار في
حال تمكنت احدى الشخصيات المستقلة من الفوز بمنصب الرئيس في حال لم يتم التوافق
على دعم مرشح واحد لحركة فتح، مما قد يفتح الأفق على سيناريوهات معقدة لا تحمد
عقباها.
هذة الجولة من
الانتخابات كما ذكرت سابقا، لن تكون كسابقاتها من الجولات، وتحمل في طياتها الكثير
من الفرضيات من داخل وخارج الصندوق، خاصة وان قوى عربية وإقليمية ودولية ستحاول
الدخول على خط الانتخابات بمستوياتها الثلاث. الامر الذي يتطلب من القوى المختلفة
وضع كل السيناريوهات نصب اعينها والاستعداد لإسوأ الكوابيس وأفضلها بالطبع.
0 تعليقات