خاص: رسالة النيل
يستمر الحوار الهادي الرصين بين " رسالة النيل" والسفير المخضرم القائم بالأعمال الإيرانية فى جمهورية مصر العربية سعادة السفير ناصر كنعانى الذى يستطيع إرسال رسائله بكل تمكن واقتدار ليس فقط للغته العربية الرصينة، ولكن لحنكته الدبلوماسية وتمرسه فى العمل الدبلوماسي عقود طويلة، وحبه لأهل جواره العربى حبا لقومه وشعبه وبلده؛ الحديث معه جميل ورقيق وعذب وشيق ونظرته للأمور تبعث على الأمل وثقته فى العلاقات التاريخية بين الشعب الايرانى والشعب العربى والتى يراها بأنها علاقات أبدية وتاريخية وضاربة بجذورها فى عمق التاريخ، و منطلقة من منطلق المشتركات التاريخية والحضارية والثقافية والدينية كل هذا الحديث المطول فى الحلقة الثالثة مع ذكرى انتصار الثورة الإسلامية التى غيرت مجرى الموقف الايرانى والتى جعلت من ايران قوة كبرى فى المنطقة أخبارها وتطلعاتها وطموحها تهم القارئ العربى عامة والمصرى خاصة وكان لنا هذا السؤال :
رسالة النيل : بعد أكثر من ثلاثة عقود من عمر الثورة، ما
هي طبيعة العلاقة الدبلوماسية بين إيران والدول العربية بشكل خاص؟ ولماذا كانت
العلاقات على هذا النحو؟ هل شكل هذه العلاقات مبعثه الخوف من إيران أم عدم فهم
إيران أم تقصير في الرسالة الدبلوماسية والإعلامية؟
السفير ناصر
كنعانى : موضوع العلاقات
الإيرانية العربية موضوع كبير للغاية وبالتالي فإن الرد عليه يحتاج إلى ساعات
طويلة من الحوار، ولكني هنا أريد أن أنظر إلى العلاقات الإيرانية العربية على
صعيديها الشعبي (غير الرسمي) والحكومي (الرسمي)، على الصعيد الشعبي فهناك علاقة
متجذرة وعميقة بين الشعبين العربي والإيراني وهي علاقة ضاربة في عُمق التاريخ من
منطلق المشتركات التاريخية والحضارية والثقافية والدينية بين الإيرانيين والعرب،
لذا فإنني أقيم نظرة الشعوب العربية للثورة الإسلامية والجمهورية الإسلامية
الإيرانية بأنها نظرة إيجابية وتصاحبها علاقة محبة وود، فقد خُلقت حالة من الترابط
الفكري والمعنوي العميق بين الشعوب العربية وإيران منذ بداية حركة نهضة الإمام
الخميني ومنذ أن تعرفوا على أفكاره ومبادئ الثورة الشعبية الإيرانية وخاصة على
صعيد التعارض مع الهيمنة الأمريكية والصهيونية على مقدرات الدول الإسلامية، ورأوا
في مبادئ الثورة الشعبية الإيرانية مبادئهم القديمة في مواجهة الكيان الصهيوني،
وعلى الرغم من الهجمات الدعائية وخلق حالة سوداوية منظمة حول إيران والثورة
الإسلامية، إلا أن هذه العلاقة لا زالت قائمة بل وتتزايد مع الوقت.
أما على الصعيد
الرسمي، فعلى الرغم من العلاقات الجيدة جدًا التي تحظى بها إيران مع عدد ليس
بالقليل من الدول العربية، إلا أنني أوافقك الرأي في أننا نواجه الكثير من المشاكل
ونقاط الضعف، حيث أن تضارب المصالح بين الحكومات أمر طبيعي، ولكن بالنظر إلى
الماهية المعادية للاستكبار التي تُشكل الثورة الإسلامية فمن الواضح أن أمريكا
والصهاينة وجبهة الاستكبار قد دفعت الكثير من الأموال والتكاليف الطائلة من أجل
خلق حالة من التشاؤم والتفرقة والعداوة بين إيران والدول العربية، لذا وبشكل
إجمالي أستطيع القول أن العلاقة الإيرانية العربية تشمل الكثير من المشتركات
والمفارقات، وبعض هذه المفارقات والاختلافات طبيعية وهي نابعة من طبيعة العلاقات
بين الدول والشعوب وخاصة دول الجوار، ولكن حجم كبير من هذه الاختلافات أو
التعارضات لم تكن عادية وتحتاج إلى بحث وتحقيق من أجل علاجها، ومن جانبها تبذل
إيران الكثير من الجهود التي تهدف لتحسين العلاقات مع الدول العربية وسوف تستمر في
بذل هذه المساعي بنفس القوة، حيث أن نظرة إيران لضرورة تدعيم العلاقات مع العالم
العربي ناشئة من منطلق أهمية دول ومكانة الجيران في السياسة الخارجية الإيرانية،
والمشتركات الموجودة، والإسلام بصفته الدين المشترك، ودور التعاون الإقليمي في
تأمين الأمن الجماعي والتنمية المستدامة ومضافا المصير المشترك للأمة الإسلامية،
وعلى هذا الأساس تعتقد إيران بضرورة تحكيم سياسة حسن الجوار وتشكيل منطقة قوية
لتحقيق الأهداف المشتركة ومواجهة التحديات والتهديدات المشتركة.
والوصول إلى هذا
الهدف يحتاج إلى حوار ونقاش إيراني عربي مشترك على المستويين النخبوي الرسمي وغير
الرسمي وتجنب السقوط في مخططات الأعداء المشتركين والحقيقيين، وأنا من جهتي قد
أكدت كثيرًا في حواري مع أصدقائي المصريين أن الحوار هو مفتاح التفاهم والفهم
المشترك ومن شأنه أن يجد لنا حلولًا للكثير من المشاكل ويؤدي أيضًا إلى خلق أرضية
للعمل المشترك، أما نقطة الضعف الأساسية في العلاقة الإيرانية العربية هي انخفاض
مستوى الحوار بين الطرفين وأن بعض الدول العربية قد فضلت التحالف مع أمريكا والعدو
الصهيوني على تكوين تحالفات إقليمية وسياسة الجوار، بينما نرى أن عداوة أمريكا
والصهيونية للعالم الإسلامية ثابتة ولا تحتاج لتوضيح، الجمهورية الإسلامية
الإيرانية لا تعترف بالكيان الصهيوني رسميًا ولم تقف أبدًا مع أمريكا ضد أي من
الدول العربية، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو لماذا تضع بعض الدول العربية
الموضوع الإيراني كمحور دائم للحوار بل التعاون مع أمريكا بل وحتى إسرائيل وليسوا
مستعدين للحوار مع إيران وبقية الجيران للتباحث حول القضايا الخلافية! مثل هذه
السياسات لا تضر بإيران فقط، بل جميع دول المنطقة قد تضررت من هذا الوضع الذي لا
يُدر بأي منافع سوى للكيان الصهيوني وأمريكا.
رسالة النيل: كيف تنظر للعلاقة بين إيران والسعودية؟
السفير ناصر
كنعانى: تعتبر إيران أن
السعودية من أهم الدول الإسلامية والعربیة، وعلى الرغم من وجود اختلاف في وجهات
النظر والسياسات بين إيران والسعودية في القضايا الإقليمية، إلا أن إيران تعتقد
بضرورة ترميم العلاقات وإنهاء الخلافات والعودة إلى التعاون البناء المرتكز على
المصالح المشتركة لكلا البلدين والعالم الإسلامي، فاستمرار الوضع الحالي في
العلاقات بين إيران والسعودية لا يضر بكلا البلدين فحسب، بل أعتبره ضررًا للمنطقة
والعالم الإسلامي بأسره، ومن الطبيعي أن حاجة إيران لوجود علاقة مع السعودية ليست
أكثر من الطرف المقابل، ولكن إيران تُفكر في المصلحة العامة للعالم الإسلامي وأمن
واستقرار المنطقة وهو الأمر النابع من إحساس إيران بالمسئولية تجاه المصالح
المشتركة للمنطقة والعالم الإسلامي، إن ترميم العلاقات بين إيران والسعودية من
شأنه تدعيم دور منظمة التعاون الإسلامي ويبث الروح من جديد في هذه المنظمة التي
فقدت تمامًا فعاليتها ونشاطها المتعلق بقضايا العالم الإسلامي.
يتبع
0 تعليقات