خاص : رسالة النيل
القائد في إيران هو
دور إرشادي دون التدخل في الوظائف التنفيذية، هكذا كان وصف السفير ناصر كنعانى
لوظيفة المرشد( القائد) الأعلى فى الدستور الايرانى وفى بنية مؤسساته الدستورية،
ونحن نستكمل معه الحلقة الثانية من الحوار حول النظام السياسى الإيرانى والدستور الإيراني
وطبيعة السلطة والتيارات الحاكمة فى حوار علمى ومعرفى للتعرف على طبيعة البنية
الدستورية للجمهورية الإسلامية من خلال القائم بالأعمال الإيرانية فى جمهورية مصر
العربية فى حوار ممتد بمناسبة ذكرى نجاح الثورة الإسلامية وهذه هى الحلقة الثانية والتي
بدأت بسؤال :
رسالة النيل : في كل النظم السياسية ينقسم النظام إلى
ثلاث سلطات، تنفيذية وتشريعية وقضائية، بيد أننا نجد في الجمهورية مرشد ورئيس
وحكومة ومجلس شورى ومجلس تشخيص مصلحة النظام ومجلس صيانة الدستور مما يجعل المراقب
والمتابع يصف النظام بأنه نظام شمولي وغير مؤسسي، فهل لكم أن تضع لنا خارطة لهيكل
النظام؟
السفير ناصر
كنعانى : الجمهورية الإسلامية
الإيرانية مثلها مثل الكثير من الأنظمة الجمهورية في العالم، فهي تشتمل على ثلاث
سلطات وهي التنفيذية والتشريعية والقضائية وقد جاءت تفاصيل دور كل منها في الدستور
الذي وافق عليه الشعب الإيراني، الثلاث سلطات تكمل بعضها بعضًا ولا تتدخل في وظائف
بعضها بعضًا، ولكن مكانة المرشد في إيران تعود إلى ماهية النظام نفسه والذي هو في
الأساس نظام الثورة الإسلامية الإيرانية المرهون لقيادة الإمام الخميني بصفته
المرجع الديني والعالم بأحوال زمانه مؤيدًا من قِبل الشعب، دور القائد في إيران هو
دور إرشادي دون التدخل في الوظائف التنفيذية للثلاث سلطات، وبالنظر إلى أهمية
مكانة القائد الأعلى وموضوع ولاية الفقيه الذي عادة ما يكون محل سؤال واستفهام
أكبر من قِبل الرأي العام غير الإيراني ويحكم عليه البعض بشكل خاطئ أو بشكل خاطئ
مُتعمد، وسوف أعطيكم المزيد من التوضيحات حوله. جاء في دستور الجمهورية الإسلامية 17
مادة يتعلق بالقيادة في إيران، وطريقة الانتخاب، فضلاً عن واجباتها ومسؤولياتها.
فكما جاء في مقدمة
الدستور الإيراني، يهيئ الدستور الظروف
المناسبة لتحقيق قيادة الفقيه جامع الشرائط الذي يعترف به الناس قائداً لهم حتى
يضمن عدم انحراف مختلف المؤسسات عن وظائفها الإسلامية الأصيلة.
على الرغم من أن قبول
قيادة الإمام الخميني جاءت بشكل تلقائي من قِبل آحاد الشعب، إلا أن هذا الأمر
وبسبب الأهمية التي يحملها قد تم تدوينه وتسجيله في الدستور بعد انتصار الثورة
بشكل قانوني، وتم تفويض مجلس خبراء القيادة المُنتخب من قِبل الشعب بانتخاب القائد
والولي الفقيه بشكل عام، كما جاء في المادة 107 من الدستور الإيراني حول الطريقة
الوحيدة والقانونية لاختيار القائد: "توكل مهمة تعيين القائد إلى الخبراء
المنتخبين من الشعب"، وبهذا فحتى اختيار القائد يكون من قِبل الشعب عبر
انتخابهم لمجلس خبراء القيادة، ويتشكل هذا المجلس من 88 شخصًا من الفقهاء الجامعين
للشرائط الذين يتم اختيارهم بشكل مباشر ومخفي من قِبل الشعب لدورة تبلغ مدتها 8
سنوات، وبهذا فإن انتخاب وعزل والرقابة على القائد هي الثلاث وظائف الموكل بها
مجلس خبراء القيادة، وهذا المجلس هو مؤسسة مستقلة بذاتها تمامًا ولا تخضع لسلطة
ونفوذ أي جهاز وشخص آخر، لذا يجب القول أنه على الرغم من أن الولي الفقيه في
الجمهورية الإسلامية يحظى بصلاحيات واسعة إلا أن هناك الكثير من الشرائط والخصائص لازمة
حتى يُحرز هذه المسئولية وهناك أيضًا رقابة صارمة على استمرار هذه الصفات في
القائد.
أما عن مجلس الشورى
الإسلامي في إيران فجميع أعضائه منتخبون عبر التصويت المباشر للشعب، ووظيفته هي
تشريع القوانين، ويجب على الحكومة بصفتها السلطة التنفيذية أن تنفذ وظائفها القانونية
المتسقة مع السياسات العامة للنظام بما فيه صلاح الدولة والشعب ووفقًا للأولويات
والسياسات المدونة وأن تُقدمها للبرلمان والشعب.
أما بالنسبة لمجلس صيانة الدستور فمهمته هي مطابقة القوانين التي تم
تشريعها في مجلس الشورى مع أحكام الدين الإسلامي المبين ودستور الدولة، وجدير
بالذكر أنه يحدث في بعض الأوقات اختلافًا في وجهات النظر بين البرلمان و مجلس
صيانة الدستور حول بعض القوانين، لذا فقد أسس القائد حينها الإمام الخميني مجلسًا
باسم مجلس تشخيص مصلحة النظام حتى يفصل في الاختلاف في وجهات النظر الحاصل بين
البرلمان والحكومة، وآراء هذا المجلس هي فصل الخطاب في هذا الاختلاف.
لذا فإن نظام
الجمهورية الإسلامية هو نظام متطور وديمقراطي، لأن جميع أركان النظام التي تشمل
رئيس الجمهورية ونواب البرلمان وأعضاء مجلس خبراء القيادة يتم اختيارهم عبر
التصويت المباشر من قِبل الشعب الإيراني، كما أن القائد يتم اختياره عبر التصويت
غير المباشر من قِبل الشعب عن طريق مجلس خبراء القيادة (المنتخب مُباشرة من قِبل
الشعب) ويتم الإشراف عليه أيضًا من قِبل المجلس ذاته.
رسالة النيل: هناك تقسيمات يُشاع ذكرها إعلاميًا
كالمحافظين والإصلاحيين والوسط، مع عدم وجود أحزاب سياسية فهل يمكن أن نتعرف على
الفارق بين هذه الثلاثة أم أن هناك تقسيم لا يعرفه الجمهور؟
السفير ناصر
كنعانى: المصطلحات المذكورة هي
أسماء توضح التيارات الفكرية السياسية في إيران، ومن الطبيعي أن المجتمع الإيراني
هو مجتمع متنوع من الناحية الفكرية والتوجهات السياسية، فهناك تيارات فكرية مختلفة
ومتنوعة خاصة بالسياسة الداخلية والخارجية والسياسات الاقتصادية والثقافية
والاجتماعية وكل من هذه الأطياف والتيارات تبین أفكارها بحُرية وتعرضها على الرأي
العام، وعلى الجهة الأخرى يُظهر الشعب ميوله وتوجهاته المختلفة نحو كل من هذه
التيارات والأفكار، وعادة ما يظهر ميول وارتباط الشعب بكل واحد من هذه التيارات أو
السياسات الإدارية في انتخابات رئاسة الجمهورية والبرلمان أكثر من أي وقت آخر، حيث
ينظر الشعب نظرة عملية لكل من هذه الأطياف ويصوت له على هذا الأساس، لذا يبذل كل
طيف من هذه الأطياف جهده الوفير حتى يحظى بثقة الشعب، وهو الأمر الذي خلق نشاطًا
وحركة للأمام داخل البلاد، وعلى هذا الأساس نحن نرى أن الناس الذين صوتوا لتيار
فكري مُعين في إحدى الدورات، يصوت للآخر في الدورة الانتخابية التي تليها، وهذا
يعني أن الشعب هو المحور الأساسي والمفصلي في تحديد الحكومة، أما عن التصنيفات
الفكرية المذكورة فهي لم تمنع من تشكيل الأحزاب، حيث وفقًا للمعلومات الموجودة في
الموقع الرسمي لوزارة الداخلية الإيرانية، هناك 248 حزبًا وتشكلًا سياسيًا لديه
تصريح بمزاولة النشاط في إيران، ولكن من الممكن أن تكون الكثير من هذه الأحزاب غير
نشطة بسبب الأوضاع الداخلية لها وقد تشكلت بدوافع انتخابية في فترة معينة ولم
تستمر في نشاطاتها بعدها، كما أنه من الممكن أن تكون الكثير من هذه الأحزاب قريبة
أو متسقة من الناحية الفكرية مع التيارات السياسية الثلاثة الموجودة، وعلى أي حال
لا يوجد أي موانع قانونية لنشاط الأحزاب في إيران، بل على العكس نجد تشجيعًا على
ممارسة النشاط السياسي، إلا أن عدم بروز الأنشطة الحزبية فهو أمر يعود للتقاليد
السياسية والاجتماعية الداخلية في إيران ولا يوجد أي عوائق قانونية لذلك.
يتبع
0 تعليقات