بقلم : عمرو صابح
صورة للرئيس جمال عبد الناصر وصلاح سالم أحد قادة ثورة 23 يوليو
وبينهما عبد الرحمن البنا شقيق حسن البنا ، وهم يقرأون الفاتحة على قبر حسن البنا
مؤسس الإخوان فى ذكرى وفاته الخامسة ، وبعدها ألقى عبد الناصر كلمة أشاد فيها بحسن
البنا.
يستغل خصوم عبد الناصر تلك الواقعة للهجوم عليه ، ويتم عزلها عن
سياقها كما يتم تجاهل تاريخ حدوثها فى 12 فبراير 1954.
فى تلك الفترة بلغ الانقسام داخل مجلس قيادة الثورة أشده ، بين
فريق يتزعمه عبد الناصر القائد الفعلى للثورة ، وفريق يتزعمه محمد نجيب القائد
الواجهة ورئيس الجمهورية.
قبل تلك الزيارة لقبر حسن البنا بشهر ، كان جمال عبد الناصر قد قرر
حل جماعة الإخوان المسلمين وأمر بإلقاء القبض على مرشدها حسن الهضيبى وقادتها
ومجموعة كبيرة من كوادرها بعد أعمال تخريبية لكوادر الجماعة فى الجامعات ومظاهرات
ضد الثورة ، قرر نجيب الاستقالة رفضاً للقرار ، فقد كان فريق محمد نجيب والذى يضم
كل أحزاب ما قبل 23 يوليو 1952 متعاطفاً مع الإخوان وضد جمال عبد الناصر وفريقه ،
واجتمعت أهداف خصوم عبد الناصر على تصفية الثورة وإقامة انتخابات فورية وخروج الجيش
من السياسة ، وقاموا بتنظيم مظاهرات حاشدة مؤيدة لمحمد نجيب الذى تراجع عن
استقالته وعاد منتصراً لمنصبه.
عندما وجد جمال عبد الناصر ان الموجة عالية ، وان خصومه على وشك
الانتصار عليه ، قرر المناورة فقام بالإفراج عن الإخوان وزار مرشدهم حسن الهضيبى ،
وذهب لقبر حسن البنا للترحم عليه ، تم ذلك خلال شهر فبراير 1954، ضمن عبد الناصر
بذلك تحييد الإخوان فى الصراع ضده على السلطة.
بنهاية الشهر التالى مارس 1954 خرج جمال عبد الناصر منتصراً ودانت
له السلطة كاملة ، وتحول محمد نجيب لمجرد صورة فى الحكم ، بهزيمة نجيب انتهت
مقاومة أحزاب ما قبل الثورة ، وجرت السيطرة التامة على مفاصل السلطة فى مصر.
انتظر الإخوان نصيبهم من السلطة بعد انتصار جمال عبد الناصر وعندما
رفض وصايتهم ، قاموا بالتشهير به واتهامه بالخيانة ثم حاولوا قتله فى حادث المنشية
فى 26 أكتوبر 1954.
بعد نجاة عبد الناصر تخلص من الإخوان وعزل محمد نجيب حليف الإخوان
من الرئاسة بعد ثبوت علم نجيب المسبق بمؤامرة اغتيال جمال عبد الناصر، وانتهت
مرحلة حضانة الثورة التى امتدت لأكثر من عامين ، جرى خلالهما تحطيم النظام السياسي
القديم بأحزابه وتنظيماته ، وتنقية نظام الحكم الجديد من الضباط المنتمين
للشيوعيين والإخوان ، وإزالة نتوء محمد نجيب الذى تحول من واجهة للثورة لواحد من
أشد خصومها.
هذا هو السياق التاريخى الحقيقى لتلك الحادثة التاريخية التى
وثقتها الصورة.
0 تعليقات