آخر الأخبار

محمد علي وعبدالناصر و..

 


 

خالد الأسود

 

لو حتقرا الكلام القادم وعندك رأي مخالف في الشخصيتين التاريخيتين فلى سمحت أنساه وأنت تقرأ الكلام القادم، فالموضوع ليس عنهما..

 

محمد علي وناصر كلاهما مؤسس دولة فارقة في التاريخ المصري، كلاهما صاحب بصمة في تأسيس الدولة الوطنية الحديثة..

 

الاثنان تعرض مشروعهما الحداثي لمحاولات الإجهاض من الخارج بمعونة الداخل..

 

محمد علي أسس دولة وطنية حديثة من رحم مأساة ثلاثة قرون تحت حكم العثمانيين..

 

العقل دوما ينصف محمد علي ويظل القلب لا.

 

محمد علي بنى دولة على النمط الأوروبي لنفسه ولأسرته..

 

الحداثة التي أدرك حتميتها لم تخرج عن دائرته الأسرية وبضع عائلات عاونته في الحكم..

 

ربما طالت الحداثة بعضا من المصريين الذين كانوا لازمين لبناء مشروعه..

 

هو فعلا بنى المدارس المدنية التي تعلم العلوم الحديثة بعيدا عن الكتاتيب والأزهر لكنه أيضا لم ينشر التعليم بين أبناء الشعب، اكتفى محمد علي بتعليم من يحتاجهم لبناء جيشه والعمل في المصانع المبنية لخدمة هذا الجيش..

 

آمن محمد علي بالحداثة ولم يهتم بأن يؤمن بها الشعب، اكتفى بخطف أبناء الفلاحين وإعادة تأهيلهم لخدمة جيشه ومصانعه..

 

هل تحسنت الأحوال المعيشية للمصريين في دولة محمد علي الحديثة؟

 

الحقيقة لا.

 

فرض محمد علي نظام الاحتكار، احتكر لنفسه وأسرته عموم مصر احتكارا حرفيا، كان هو الزارع الأوحد والصانع الأوحد والتاجر الأوحد، هو مصر ومصر هو ..

 

مصر كلها أبعدية هو محتكرها والجميع يعملون بأجر وتظل كل المكاسب تصب في خزينة المحتكر وفي خدمة أهدافه ..

 

للرجل مبررات وأعذار ، لن أغفل حال المصريين، كانوا نتاجا متعفنا لحكم الأتراك العثمانيين الذين عزلوهم عن العالم وحبسوهم بسيوف المماليك وفتايا الشيوخ..

 

الفلاحون في عزلة العثمانيين وصلوا لأشد درجات الفقر والضنك والمرض بدون ممانعة منهم، استسلموا للموت كقدر، كانوا يتقبلون الجوع والعري والمرض لكنهم لا يقبلون تعليم الطب الكيمياء، يثورون بسبب وجود المطبعة أو فرض قواعد الصحة العامة، كان حلاق الصحة ملكا متوجا والشيخ إلها، مازالوا يتوارثون الولاء للجالس في الأستانة يرون الانعتاق من حكم الأتراك كفرا والعياذ بالله.

 

هل كان محمد علي يستطيع النهوض بهذا الشعب ؟

 

هل كان يستطيع أن يجعلهم ينتمون لدولته الحديثة ويشاركون فيها..

لا أعلم.

 

أعلم أن مشروع محمد علي أُجهض في ١٨٤٠ بتحالف تركيا مع كل الدول الاستعمارية في ذلك العصر..

 

وبعد قرن واحد سقطت الدولة العلوية تماما ولم يكن سقوطها بيد الجيش وحركته في ٥٢

 

الحقيقة أن الدولة العلوية سقطت على يد أتباع الأتراك الحالمين باستعادة إمبراطوريتهم باسم الخلافة، راجع شخصيات مثل رشيد رضا وحسن البنا..

 

مصر قبل ٥٢ بسنوات كانت تنفض أيديها من دولة محمد علي، تنحاز للعودة إلى حكم الأتراك وخلافتهم، يرون في الدولة الوطنية مشروع استعماري يقوم على الشعوبية لتفتيت دولة المسلمين وأن الحاكم التركي الذي لا يعرفون شكله هو رمز وحدتهم وعزتهم التي لم يروها قط.

 

جاء عبد الناصر..

 

أول حاكم مصري يحكم مصر منذ أكثر من ألفي عام.

 

عاش ناصر على المستوى الشخصي نفس الصراع الانتمائي بين دولة السماء المزعومة بحكم أصوله الريفية وبين الدولة الوطنية التي يعيها بحكم تعليمه وقراءاته..

 

تلاعبت به مشاعره وحاد عن الهدف في البدايات ربما..

 

سريعا ماحسم الرجل الصراع ووعى الحقيقة وانحاز لمصر الوطن وتحرر من أوهام الشعبوية..

 

أسس جيشا ووطنا وبنى المصانع، ربط مصر بتحالفات إقليمية ودولية واسعة ولم يكتف بفرنسا حليفا وحيدا كمحمد علي..

 

حاول نقل قناعاته بالوطن والحداثة إلى شعبه، لم يحتكر مصر أبعدية لأسرته..

 

فتح الباب لتعليم أبناء الفلاحين، سلط عليهم الفن والفكر والأدب..

 

جعلهم يشاركون في خيرات الوطن، علمهم أن العزة من الوطن والولاء للوطن ..

 

كانت الستينات فترة الزخم الأهم في تاريخ مصر الحديث، وعى ناصر أن البدء في التصدى لفلول الأتراك المروجين باسم الله لدولة الخلافة، سحق بإرادة رجل الدولة أحفاد البنا ورشيد رضا..

 

التفت لشعبه يمنحه الحياة الكريمة ويسأله الانتماء..

 

هل أخطأ عبد الناصر؟

 

بالتأكيد للرجل أخطاؤه التي تصير أكبر في أعيننا ونحن في مقعد المشاهدين بعد نصف قرن .

 

يظل هؤلاء المنتمون للدولة الوطنية عنوان بقاء مشروع ناصر وإن اختلفوا معه ومع وسائله.

 

نعود للعنوان : ( محمد علي وناصر و.. )

المقارنة بين الرجلين في منظوري أن كليهما بنى وأسس دولة وطنية حديثة..

 

الأول عاش المصريون بمعزل عن دولته وخيراتها..

 

أما الثاني فقد اهتم بعموم الناس جعلهم يعرفون أن الوطن ليس كلمة جوفاء بل حياة كريمة وخيرات وأمن.

 

يبقى و..

 

هل هو محمد علي أم ناصر أم تجربة أخرى تماما.

 

إرسال تعليق

0 تعليقات