آخر الأخبار

ناصر كنعانى : إن أكبر هدف إستراتيجي لإيران الخروج من الاقتصاد الأحادي وصولا إلى التنمية الاقتصادية المستدامة بالتعاون مع كافة الدول الإسلامية والصديقة والشقيقة (5)

 

 


 

 

العالم الإسلامي يمتلك تنوع جغرافيا ومحيط طبيعي ومكانة الجيوسياسية الهامة، يمتلك جميع المقومات التي تؤهله ليصبح القوة الاقتصادية المحورية في العالم والنظام الدولي الحالي، ويبقى السؤال حائر لماذا لا نسعى لتكوين تحالف اقتصادي حقيقي؟ّ!!

 

(ناصر كنعانى)

 

خاص : رسالة النيل

 

فى الحلقة الخامسة والختامية للحوار مع سعادة السفير المخضرم ناصر كنعانى سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية فى القاهرة، وقد تجولنا خلال الحوار السابق الذى امتد لساعات عديدة وموضوعات شتى، من الثورة الإسلامية، والنظام السياسى، والمؤسسات الدستورية، ومجلس الشورى الاسلامية وطبيعة البنية السياسية الإيرانية، إلى السياسات والطموح الايرانى كدولة وثورة وأهداف، وكذلك علاقة ايران بجيرانها العرب والمسلمين، حديثا ينم عن نظرة دقيقة ومعرفة بالأمور والمخاطر والتداعيات التى تدعونا الى الدعوة لوحدة تكاملية وإستراتيجية بين إيران وبين العرب، وكانت الحلقة الماضية حديثا خاص حول مصر وعلاقتها التاريخية بإيران، وعن نظرة (ناصر) لطبيعة العلاقة وهى ليست نظرة منفصلة او شخصية بل هى نظرة شعب لشعب شقيق، وكل من يعرف سعادة السفير كنعانى يدرك ان كلامه ليس كلام رجل دبلوماسى يؤدى عملا رسميا فى دولة آخرى بل شعور ينم انه يعيش فى بلده الثانى، او بلده بغض النظر عن الترتيب بكلا من مصر وايران بلد شقيق وبلد حضارى وبلد مهم فى المنطقة ...

 

وفى نهاية الحوار وحيث لغة المصالح والمكاسب، والتكامل والتعاون ولغة الاقتصاد والأرقام وبناء الذات والقوة، كان الحديث منصب عن تصور كنعانى لطبيعة العلاقة الاقتصادية بين ايران الثورة وبين الاشقاء العرب والمسلمين، وماذا لو تخيلنا سعادة السفير المخضرم المحترم يذهب الى مؤتمرا اقتصاديا عربيا أو إسلاميا، فماذا يحمل فى أجندته من أوراق للتعاون والتكامل على مستوى بناء هذه العلاقات والمقدرات وما لدى ايران ان تقدمه لإخوانها من العرب والمسلمين

 

 

 

رسالة النيل : ولو السفير ناصر كنعاني جاء إلى مؤتمر اقتصادي عربي إيراني وفي حقيبته مجموعة ملفات اقتصادية للتعاون بين إيران والعالم العربي، ما هي الملفات التي سوف تعرضها كمشروعات تعاون سواء على مستوى الخبرة الإيرانية في المجالات المتعددة أم على مستوى المقدرات الطبيعية الإيرانية بما فيها المقدرات السياحية الإيرانية وفي القلب من هذه المقدرات المقدرات الدينية للتعاون وحين أقول المقدرات الدينية فأنا أقصد المقدرات التي تخص كل الأديان وليس الإسلام وحده؟

 

 

السفير ناصر كنعانى : الاقتصاد من أهم عناصر القوة في أي نظام دولي حالي ويمكن القول أيضًا أنه العنصر الأهم بجانب القوة العسكرية، كما يمكن التباحث حول العلاقة الاقتصادية الإيرانية مع العالم العربي من جانبين، الجانب الأول هو العلاقة الثنائية بين إيران وكل الدول العربية، حيث يبدو أن هذه العلاقة قوية مع بعض الدول، وهي أقل مع بعض الدول الأخرى، ولكني أريد أن أنظر إلى الجانب الآخر من هذا الموضوع وهو تحول العالم الإسلامي لقوة اقتصادية ومحورية في العالم، من المعلوم أن النظام الحالي للعالم مرتكز على القوة ومن لا يمتلك القوة لا يُعترف بأي حق له!

 

وسؤالي هو ما هي مكانة العالم الإسلامي -التي يتمركز فيها كل من إيران والعرب- على المستوى العالمي؟ ما هي مكانة العالم الإسلامي في الإنتاجات الصناعية والإلكترونية العالمية؟ ما هي مكانة العالم الإسلامي في إنتاج العلم؟ هل العالم الإسلامي سوق مستهلك أم مركزًا للإنتاج وتوفير السلع للأسواق العالمية؟

 

أعتقد أن العالم الإسلامي وبسبب تنوع الجغرافيا والمحيط الطبيعي والمكانة الجيوسياسية الهامة، يمتلك جميع المقومات التي تؤهله ليصبح القوة الاقتصادية المحورية في العالم والنظام الدولي الحالي، ولكننا على بُعد مسافة كبيرة من الوصول إلى هذه المكانة، ونموذج التطور الاقتصادي الأوروبي نُصب أعيننا، لماذا لا يجب أن تتحرك الدول الإسلامية نحو تشكيل كتلة اقتصادية قوية؟ لماذا لا تستطيع الدول الإسلامية تشكيل كتلة تجارية خاصة بذاتها كما فعلت ذلك أوروبا المسيحية؟ لماذا لا يُدشن العالم الإسلامي المجمع الاقتصادي الخاص به؟ ولماذا لا تستطيع منظمة التعاون الإسلامي لعب الدور البناء في مجال التعاون الاقتصادي بين الدول الإسلامية؟

 

إن أكبر هدف إستراتيجي للجمهورية الإسلامية الإيرانية والمنطبق كليًا مع المبادئ العامة للثورة هو الخروج من الاقتصاد النفطي أحادي المنتج والوصول إلى التنمية الاقتصادية المستدامة، ولكن إيران قبعت تحت أقسى وأقصى العقوبات بسبب عداوتها لأمريكا والكيان الصهيوني وبالتعاون مع أوروبا بل وبعض الدول العربية، ومع ذلك فإن إيران قد حولت هذا التهديد الذي كان يهدف إلى إسقاط النظام في إيران إلى فرصة بشكل كبير وهذا بفضل توجيهات قائد الثورة ومساعي النخب الإيرانية تحت شعار السياسة المعروفة ب"الاقتصاد المقاوم" والتي تم التعريف بها وتنفيذها في ظل العقوبات، وفقًا للإعلان الرسمي للحكومة الإيرانية فإن الموازنة الإيرانية تعتمد بنسبة 20% فقط على النفط وهي بالتأكيد نسبة كبيرة، ولكن إيران في الوقت الحالي قطب كبير في الإنتاج الزراعي والصناعي والبتروكيماوي والبرمجيات أيضًا، حيث تحولت إيران من مستورد للدواء والتجهيزات الطبية وحتى الأطباء أنفسهم إلى مُصدر لجميع هذه الموارد، هذا باستثناء بعض السلع الدوائية المخصصة لبعض الامراض النادرة وهي السلع المحظورة من قِبل القوى المدعية لحقوق الإنسان، ولكن إيران تُنتج بقية السلع.

تتبوأ الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الوقت الحالي المرتبة السابعة على مستوى العالم في السياحة والثانية عشر في إنتاج النحاس والثامنة في إنتاج الحديد والتاسعة عشر في إنتاج الألمونيوم والعاشرة في الصناعات الجوية والحادية عشر في إنتاج الإسمنت والثالثة عشر في إنتاج الصُلب والسادسة عشر في إنتاج السيارات، وقد وصل معدل الاكتفاء الذاتي في صناعة النفط في إيران من 4% في زمن النظام السابق إلى 80% في الوقت الحالي.

 

إيران مستعدة للتعاون في أي مجال تريد الدول الإسلامية التعاون فيه، وفي الوقت الحالي تتبوأ إيران مكانتها بين أفضل القوى الإقليمية والعالمية في التصميم والإنتاج الأسلحة والتجهيزات العسكرية الجوية والبحرية والغواصات أيضًا، بل أزيدك من الشعر بيتًا أن إيران في بعض هذه المجالات ضمن الدول الأوائل في العالم، لا شك في أن ما قامت به إيران في صناعة الطاقة النووية السلمية والمقاومة ضد القوى المتسلطة قد أدى إلى انكسار احتكار هذه الصناعات من قِبل القوى العالمية الكبرى وتسهيل دخول الدول الإسلامية في هذا المجال أكثر من أي وقت مضى، أعتقد بضرورة التوجه نحو تأسيس سوق إسلامية مشتركة والتحرك نحو تحول العالم الإسلامي لقطب اقتصادي عالمي والخروج من تحت عباءة سياسة التبعية والاحتماء بالقوى العالمية.


ناصر كنعانى ( حوار خاص) : الجمهورية الإسلامية اختيار شعب ونجاح ثورة {1}


ناصر كنعانى : القائد في إيران هو دور إرشادي دون التدخل في الوظائف التنفيذية (2)

علاقة إيران والعرب عميقة ومتجذرة و ضاربة في عُمق التاريخ و السعودية من أهم الدول الإسلامية والعربیة (3)


ناصر كنعانى : ظروف المنطقة المتحولة والمختلفة خلال العقود الماضية لم تمثل عائقاً أبداً لتواصل بين إيران ومصر (4)

إرسال تعليق

0 تعليقات