آخر الأخبار

ندوة مركز فجر والتمهيد للإبراهيمية الصهيونية ... العراق يواجه خطر وسط صمت مطبق (1)

 




 


محمود جابر

 

من العبث والخداع أن يظن أحد أن الحديث عن الثقافة يمكن أن يكون بعيدا عن السياسة، ومن الخداع أن يقول أحد أن بابا الكنيسة الكاثوليكية يتحرك بعيدا عن أهداف سياسية، أو أن زيارات البابا أمر عقائدى بحت، أو أن الدعوة إلى الإبراهيمية هى دعوة دينية لمعتقدين فى ان إبراهيم أبو الأنبياء....

 

كل هؤلاء واقعين حتما فى حبائل الإبراهيمية الصهيونية المتشابكة بين ما هو إسرائيليات اسلامية وإسرائيليات مسيحية وخداع ثقافي ملتبس بحالة ثقافية خادعة يعيشها الجميع ويخدمها مراكز بحثية وجامعات ومؤسسات وحكومات وقوى كبرى ..

 

لا يا عزيزى .... وحدهم فقط المسلمين من يعتقدون ان إبراهيم ابو الأنبياء، أما غيرهم من يهود ومسيحيين يعتقدون ان إبراهيم أحد البطاركة الأوائل أو الآباء البطاركة ...

 

وكلمة بطرك أو بطريقة كلمة يونانية مكونة من شطرين، ترجمتها الحرفية "الأب الرئيس"؛ ومن حيث المعنى فهي تشير إلى من يمارس السلطة بوصفه الأب، على امتداد الأسرة، ولذلك فإن النظام المعتمد على سلطة الأب، يدعى "النظام البطريركي".

 

إذا ينظر اليهود والمسيحيين على إبراهيم باعتباره أبو الأسرة اليهودية التى انتهت بولادة المخلص عند المسيحيين .

 




الإسرائيليات وسفر الخروج من الأزمة

 

في التجربة المستمرة للتعامُل مع طُروحات الأيديولوجيا الإسرائيلية، والمؤسَّسة على أعمدةٍ تاريخية ودينية قُدسية، والتى تجعلنا جميعا دون أن ندرك أو نشعر – رغم الرفض – نقع فى قَبضة منظومته الفكرية، بعد الإقرار لها بكلِّ تأسيساتها التاريخية والقدسية، كل هذا ونحن كلنا ثقة – زائفة- أننا بعدين عن التسليم الإيماني بقُدسية التاريخ الإسرائيلي.

 

نهلت سردياتنا الإسلامية من التأسيسات الإيديولوجية الإسرائيلية منذ البدء بقصة الخليقة وآدم مرورًا بنوح والطوفان، حتى قيامِ مملكةِ شعب الرب (مملكة إسرائيل القديمة) في فلسطين، وما لَحِق ذلك من قصص الأنبياء والمُرسَلِين، وكلهم من ذات النسل المبارك.

 

تلك المُدوَّنات التي عمِلَت مستضيئةً بحديث النبي محمد عليه الصلاة والسلام: «حدِّثوا عن بني إسرائيلَ ولا حَرج.» والتزامًا بقانون الإيمان، وما فرضه كل ذلك من سيادة المأثور الإسرائيلي على العقل العربي وروحه، بعد أن غَصَّ مأثوره بالإسرائيليات.

 

أمَّا الشق الثاني من عناصر الأُمة، والذي يُمثِّله المسيحيون العرب، فمعلومٌ منذ البدء أنهم قد سلَّموا لإسرائيل وتوراتها، عَبْر إسرائيلية المسيح وتلامذتِه جميعًا، نسبًا، بل وبِالشقِّ الأعظم من العقيدة المسيحية، وذلك اتِّباعًا لأمرٍ إيماني، يطلب الإيمان بالمُقدَّس الإسرائيلي القديم، والتاريخ الإسرائيلي؛ إعمالًا لتوجيهاتٍ يسوعية بَدأَت بالإعلان: «ما جئتُ لأنقُض الناموس، بل جئتُ لأُكمِل.» ولهذا ركَّز المسيح تعاليمه على الجانب الأخلاقي التشريعي، وتركَ ما دون ذلك للمؤمن يبحث عنه في المُقدَّس الإسرائيلي؛ لذلك تمَّ ضَمُّ الكتاب اليهودي المُقدَّس (التوراة ومجموعة الأسفار القديمة) إلى الكتاب المسيحي المُقدَّس (الأناجيل ومجموعة رسائل التلاميذ) في كتابٍ واحدٍ مُقرَّر على المسيحي المؤمن، يحمل عنوان «الكتاب المُقدَّس» بِشقَّيه «العهد القديم» و«العهد الجديد».

 

وإعمالًا لذلك سلَّم المسيحيون بتاريخِ إسرائيل وقُدسيته وحتميته القدَرية، ونهايته المرسومة في التقدير الإلهي لقيام مجد إسرائيل في فلسطين مرةً أخرى، بل أصبح المسيحيون هم مادة التطوُّر الكبرى، لقيامِ مملكةِ داودَ وسليمانَ في فلسطين بزعامة الرب يسوع صاحب الملكوت؛ لأنه امتدادٌ لملوكِ إسرائيل القديمة، باعتباره من نسلِ سليمانَ وأبيه داود؛ فإن هو إلا حفيدُ ملوك، تجري في عروقه دماءٌ إسرائيلية مَلَكية، ارتفع في المسيحية من كرسي النجارة الأرضية في مدينة الجليل، حيث كان يُمارِس حِرفته، إلى كرسي الأُلوهية في السماء. لكن يظل وفيًّا لِرَحِمه وعشيرته، بمركز كل الحقوق التاريخية والدينية لإسرائيل في فلسطين؛ لأنه هو ذاته إله اليهود «يهوه» القائد الرباني المُظفَّر الذي قاد شعبَ إسرائيلَ من مصر ليقيم مملكةً في فلسطين، نعم هو «يهوه» ولكن بعد أن تجلَّى لخرافِه الضالَّة في صيغةٍ بشرية.

 

ومن ثَمَّ تنافَس العُربان، عتاة العقيدة العاضُّون بالنواجذ على الإيمان، مسيحيةً وإسلامًا، في تشريفِ تاريخِ إسرائيلَ وتكريمِه. وبينما باتت عودة المسيح لإقامة مملكة أبيه داود، والجلوس على عرشِ سلفِه سليمان في فلسطين، مشروعًا مسيحيًّا، فلا يزال المسلمون ينتظرون المسيح لِيقتُل الدجَّال، ويقيم ذات المملكة، وبعدها يقف إسرافيلُ ينفخ في البُوق من صخرة بيت المقدس، لقيام مملكة الحق الإسلامية الخالدة، مشروعًا إسلاميًّا.

 

والأَمرُ بهذا الشكل مُشكِلةٌ إيمانية، وأزمةٌ فكرية طاحنة، يتغافَل عنها الجميع وفق صِيَغهم السياسية، وتكتيكاتهم المرحلية، وأهدافهم الإستراتيجية، لكن المأساة الحقيقية أنها تَتجاوَز ذلك الإطار إلى مستوى الأزمة الوطنية والقومية والاجتماعية، بحالةٍ تبدو مستعصيةً على الحل تمامًا، اللهم إلا في عالم الحُلم الثوري الآتي، وهو — بالركون إليه — يُعادِل تمامًا انتظار المسيح قاتل ، كما يُعادِل انتظار عودة المسيح الإله وقيام المملكة المجيدة في المشروع المسيحي واليهودي، على حدٍّ سواء.

 

والمُدرِك لأبعادِ تلك الأزمة المُروِّعة في الفكر والسلوك العربي، سيجد كمًّا من الإحباط الفكري والنفسي، والواقعي (في التعايُش مع ذلك الفكر السائد)، كفيلًا وحده بإلجائه إلى إهمال الأمر برُمَّته، ونفضِ يدَيه منه، بيأسٍ كامل ومُطبِق، لولا بقيةٌ من روحٍ قتالية تتشبَّث بالمحاولة، لوضع لبنةٍ حقيقية في بناء الأمل الآتي، ضِمنَ لبِناتٍ أخرى نتمناها ونرجوها ونستحثُّها، من الباحثِين المُخلصِين.

 

هذه المحاولة تجعلنا نبحث ونجتهد فى التعامل مع هذا التراث لتحدي الهوية والفهم والانتماء بعيدا عن حبائل وشراك الأطروحات الأيديولوجي اليهودية الصهيونية، مع قناعةٍ خاصة، إن هذا هو مضمار الصراع الثقافي والحضاري، المُلتبِس دومًا بالاجتماعي، والذي يجب أن نخوضه اليوم قبل أن نتحول إلى أمة ممسوخة الهوية، مستلبت الانتماء.

 

عودة إلى إبراهيم :

 

رغم الشهرة والمكانة لإبراهيم عند الأديان الكتابية الثلاث (اليهودية والمسيحية والإسلام)، وانتماء أنبياء هذه الأديان (موسى وعيسى ومحمد)، إليه، إلا أنه لا يوجد أي ذكرٍ له في المصادر التاريخية والآثار المُكتشفة.

 

سواء من حيث أصل النبي إبراهيم ومكان ولادته من خلال المعلومات الدينية والتاريخية والجغرافية المتوفرة والتي تتضمنها النقاط التالية:




مسقط رأسه :  يذكر كتاب العهد القديم (التوراة) بأنّه ولِد في أور الكلدانيين، و هو كلام لا يتطابق مع الحقيقة التاريخية، لأنّ العصر الذي عاش النبي إبراهيم فيه يسبق وصول الكلدانيين الى هذه المنطقة بأكثر من ألف (1000) سنة.

 

إبرام / إبراهيم / الخليل والإبراهيمية

 

-    إبراهيم عند العبريين أهم الآباء الأوائل للشعب العبري وهو أب لسلسلة من الأبناء جميعا ذوى علاقة حميمة بالإله وهو يعود بموطن الميلاد إلى منطقة أور الكلدانيين على شاطئ الفرات، وقد هاجر منها الى أرض كنعان ( فلسطين ) كما هو معروف وليس ثابتا.

 

-         وعند المسيحيين فان إبراهيم هو الجد الأعلى ليسوع المسيح بن داود بن إبراهيم ........ متى

 

-         ولوجه الحق كيف يتفق هذا مع الاعتقاد المسيحى فى جوهرة ولاهوته ؟!

ومن المعروف أن المسيحية تعتبر يسوع المسيح إلها ليس له آب بشرى...

 

ويمكن أن نحسب هذه الأبوة راجعة للام مري، ولكن متى لا يترك لنا فرصة فيؤكد الأبوة الإبراهيمية ليسوع المسيح عن طريق آخر

يرصد هنا سلسلة نسب الأبناء والأحفاد تمتد من إبراهيم مرورا بداود وسليمان حتى تصل إلى يوسف النجار ويصفه بأنه ( رجل مريم التى ولد منها يسوع الذى يدعى المسيح ) متى.

 

ومن هنا فيكون إبراهيم آبا لكل المسيحيين حسب اعتقادهم، ولما كان منحدر منه ولم يفارق ناسوته لاهوته وهو على الصليب ينادى

أبانا الذى فى السموات..

 

ولما كان أباه الذى سبقه إبراهيم بنص الإنجيل وفى سفر اعمال الرسل..

 

ظهر اله المجد لأبينا إبراهيم قبلما سكن حاران وقال له اخرج من أرضك ومن عشيرتك وهلم إلى الأرض التى اريك فخرج من ارض الكلدانيين وسكن فى حاران ومن هنا نقله بعدما مات أبوه الى هذه الأرض التى انتم ساكنون فيها ...........

 

وهو عند المسلمين خليل الله وأبو الأنبياء جميعا

( وجعلنا فى ذريته النبوة والكتاب ) العنكبوت

( واتخذ الله إبراهيم خليلا) النساء

وقد اسكن ابنه إسماعيل بلاد العرب الحجازية وقام ببناء الكعبة فيها هو ولده ( وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ) البقرة.

 

ولكن اخطر ما أعلنه القرآن كعقيدة للمسلمين ( ما كان ابراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفيا مسلما وما كان من المشركين ) آل عمران.

 

وهو حكم قاطع بعد تخلص اليهود والنصارى من الشرك !!

 

غير أن التوراة لم تعلن أى علاقة لإبراهيم ببلاد الحجاز ولم تأتى على ذكر ذلك مطلقا .

 

ومن هنا علينا البحث والتدقيق فصدق التوراة وعدم ذكرها لدخول إبراهيم بلاد الحجاز من عدمه.

ولم يقتصر إغفال التوراة عن دخول إبراهيم الحجاز وفقط بل إن التوراة لم تأتى على ذكر حادث هام لإبراهيم وهو تكسيره للأصنام ....!!

 

أو قصة إلقاءه فى النار !!

 

أو خلافه مع أبيه فى قضية عبادة الأصنام!!

 

أو خلافه مع الملك المذكور حول الإلوهية ووحدانية الإله ....

 

ورب سائل يسأل وما الداعي إلى الحديث عن إبراهيم فى التوراة عند اليهود والمسيحيين أو فى القرآن..

 

ورغم اتفاق الأديان الثلاثة على وجود شخصية إبراهيم، نجد التاريخ كعلم اركيولوجى لا يعلم عن إبراهيم شىء - حتى الآن !!

 

وعدم وجود تلك الأدلة الاركولوجية سوف تجعلنا نذهب مرة أخرى الى التوراة للتحري والبحث ومحاولة التنقيب من جديد حول إبراهيم.

وخاصة ان كل المصادر الدينية لليهود والمسيحيين والمسلمين اعتمدت على الاسرائيليات .

 

فالحافظ ابن كثير الذى اعتمد على الاسرائيليات – كما يسميها علماء الإسلام – سواء فى تفسيره القرآن العظيم أو فى موسوعته البداية والنهاية يقول مبررا :

قال النبى صلى الله عليه وآله ( بلغوا عنى ولو آية، وحدثوا عنى بنى اسرائيل ولا حرج وحدثوا عنى ولا تكذبوا ومن كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار "...

ثم يعقب : فهو محمول على الإسرائيليات المسكوت عليها عندنا فليس عندنا ما يصدقها ولا يكذبها ويجوز روايتها للاعتبار وهذا هو الذى نستعمله فى كتابنا هنا ) ابن كثير البداية والنهاية ...

 

ونظرا للاعتراضات التى واجهها ابن كثير وغيره من حشو كتبهم بالإسرائيليات فقال لقد رويا ما لا يخالف الشرع الاسلامى من حوادث بدت مبهمة وتحتاج الى مزيد من الشرع ولا طريق لمعرفتها سوى من التوراة ومن علوم بنى إسرائيل .

 

وحينما يجيب عن سؤال : لماذا هى مبهمة ؟

 

فيجيب لانه لا فائدة من تعيينها لنا ؟!!

 

وهنا نطرح سؤال لما كان الشرع –القرآن – ذكرها مبهمة لعدم الحاجة إليها لماذا بحثت عن الشرح والتفصيل أنت وغيرك رغم عدم الحاجة إليها ؟!!

 

تلك الإشكاليات التى ظهرت بعد عصر التنزيل القرآنى والتى دعت الكثير من الإخباريين المسلمين البحث عن جواب لها وقد هداهم بحثهم الى الإسرائيليات اى الروايات التوراتية وشروحها ...

 

وان كان عصر ابن كثير كان يحتاج للبحث عن جواب فهذا الجواب ما يزال حائرا ويبحث عن جواب ومن هنا نحتاج إلى إعادة التدقيق فى التوراة مرة أخرى بحثا عن الإشكاليات التى ربما نجد لها حل..

 

فى سفر التكوين الإصحاح (11) تثبت التوراة نسب ابراهيم ع " إبرام بن تارح بن ناحور بن سروج بن رعو بن فالج بن عابر بن شالح بن أرفكشاد بن سام بن نوح.» (تكوين ١١: ١٠–٢٦).

 

بدأت التوراة أول ذكر إبراهيم حين قالت :

وأخذ تارح إبرام ابنه، ولوطًا بن هاران ابن ابنه، وساراي كنَّته، امرأة إبرام ابنه، فخرجوا معًا من أور الكلدانيين ليذهبوا إلى أرض كنعان، فأتوا إلى حاران وأقاموا هناك، ومات تارح في حاران. تكوين.

إرسال تعليق

0 تعليقات