آخر الأخبار

فقه الأصول : مقولة منهجية ..

 

 


 

علي الأصولي

 

 

 

من المقولات المنهجية في باب المعرفة هي مقولة وجوب تقديم الدليل على المدعى - الديني المذهبي الفكري الفلسفي الأصولي الفقهي - ونحو ذلك من حصص المدعيات في عالم المعرفة،

 

وهذه المنهجية علاوة على أنها عقلية وعقلائية فإنها قرآنية وذلك من خلال نص الآية الكريمة - قل هاتوا برهانكم أن كنتم صادقين - والملاحظة وهذا النص القرآني هو الأمر بالمطالبة بتقديم برهان الدعوى والمدعيات أي كان نوعها من إثبات الإلوهية ومرورا بدعاوى النبوة والإمامة وانتهاء بدعاوى الاعلمية والاجتهاد ، والملاحظة الأخرى والنص القرآني - قل هاتوا برهانكم - فهو لم ينظر إلى دعوى الإثبات فقط بل النظرة للأعم من الإثبات والنفي، ولذا ذكرت في مقام آخر أن النفي كالإثبات يحتاج إلى دليل برأسه لا كيفما اتفق وكيفما كان،

 

وهنا نصور المسألة لفهم حقيقتها ، حقيقة هل النافي يلزمه دليل النفي كالإثبات أم النفي كاف في المورد ، يعني هل يمكن اخذ قول من ادعى نفي أمر ما مسلما بناء على أن الأصل عدم الأشياء وانتفاؤها، فمن ادعى وجودها وثبوتها فعليه الدليل. أم أنه يكلف بالدليل على ما ادعاه من النفي كما هو الحال في المثبت، إذ لم ينازع أحد في أنه مطالب بالدليل.

 

والجواب: هو أن النفي كالإثبات أو قل النافي كالمثبت كلاهما مدع ، وعلى كل مدع بيان دليل دعوته أو دعواه أو مدعياته ، وعدم الاكتفاء بالنفي إذ لا قيمة علمية للنفي المجرد ، وهذا عندي أصل منهجي سيال لكل مقولات المعرفة ، وقد قالت به الأكثرية الشافعية والحنابلة وغيرهم ونسبه الباقلاني والماوردي والباجي إلى الجمهور، واختاره الكثير من المحققين منهم أبو بكر الجصاص وقد حكاه عن أبي الحسن الكرخي. وخالف هذا الأصل داوود الظاهري إذ رأى أن لا دليل على معتقد النفي مطلقا ، بل يكفيه التمسك بدون دليل ، وما ذهب إليه الفقيه الظاهري خلاف الإطلاق القرآني السالف الذكر من جهة وخلاف المرتكز العقلي والعقلائي من جهة أخرى ، ولو عرف لوازم مقولته لما تورط بهذا القول ..

 

إرسال تعليق

0 تعليقات