ذكر اليزدي الطباطبائي في - العروة الوثقى - ذكر اقوائية استحباب
الغفيلة، وقال: أنها ركعتان بين المغرب والعشاء - ويقصد بين صلاتي المغرب والعشاء
- ولكنها ليست من الرواتب، ثم عرج وكيفيتها بحسب الرواية التي ذكرها الطوسي في -
مصباح المتهجد -
ولم يختلف شراح - العروة - ومحشيها عما أورده السيد اليزدي فيما
أفاد،
وبما أن رواية - مصباح المتهجد - مرسلة وأن كانت عن هشام بن سالم،
ولم ترد في الكتب الأربعة، بل ولم ترد أيضا في المصادر الثانوية أيضا مثل مصنفات
الشيخ الصدوق، ومن هنا ذهب الإعلام وصوب تصحيحها - بقاعدة التسامح في ادلة السنن -
ومن لم تثبت عنده هذه القاعدة ورغب والقيام بهذه الصلاة فالنية التي يعقدها - نية
الرجاء - رجاء المطلوبية في مثل هذه الموارد،
احتمل بعض الفقهاء، احتمل وجود الرواية في كتاب - مدينة العلم -
للصدوق، إلا أن هذا الكتاب وان وصل إلى عصر الشهيد الثاني ووالد الشيخ البهائي بل
قيل وحتى وصل لعصر الشيخ البهائي، إلا أنه ضاع أو تلف وبالتالي فقد في عصر الشيخ
المجلسي، وكيف ما اتفق: لم نجد من نقل عن هذا الكتاب ممن وصل إليهم وما يريد
المستدل إثباته ولو كان لبان،
وبالجملة: إن هذا الاحتمال لا يخدم الاستدلال بحال من الأحوال، وما
يهمنا أن رواية - المتهجد - لا يمكن والجزم بأن الشيخ الطوسي قد أخذها من كتاب
هشام أو غيره وبهذه الحال فالجهالة، جهالة المصدر من الوضوح بمكان،
ولا يقال: بأن الطوسي نسب الرواية لهشام وبالتالي وهذا يعني أخذها
من أحد كتبه،
وفيه: أن الطوسي لم يسلك هذه المنهجية في كتبه الحديثية ودونك
الأخذ بالواسطة على ما أفاد بعض الإعلام، وهذا الأمر ليس سبة على كل حال، فإذا
أردنا رواية من - فروع الكافي - يمكن أن نكتفي - بالوسائل - الذي نقل عن - الكافي
- في نهاية المطاف،
عودة على ذي بدء، هذه رواية هشام بن سالم اعرض عنها الأصحاب فلو
كانت مشهورة أو في كتاب مشهور اخذ منه الطوسي لما رأينا الأعراض وعدم الأخذ
وبالتالي الإهمال،
وقد أورد غير واحد في كتبهم الفتوائية هذه الصلاة تحت عنوان - صلاة الغفيلة –
والغريب بأن هذا العنوان لم يرد في رواية هشام بن سالم، ولم يذكرها
الطوسي الناقل للرواية في - مصباح المتهجد - بعنوان صلاة الغفيلة، وإليك نص
الرواية: ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد الله(ع) قال: من صلى بين العشائين
ركعتين قرأ في الأولى الحمد وقوله: وذا النون إذ ذهب مغاضبا .. إلى قوله: وكذلك
ننجي المؤمنين،
وفي الثانية: الحمد وقوله: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها .. الخ ..
فإذا فرغ من القراءة رفع يديه وقال: اللهم إني أسألك بمفاتح الغيب التي لا يعلمها
إلا انت أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تفعل بي كذا وكذا .. وتقول: اللهم أنت ولي
نعمتي والقادر على طلبتي تعلم حاجتي فأسلك بحق محمد وآله عليه وعليهم السلام لما
قضيتها لي وسأل الله حاجته أعطاء الله ما سأل، انتهى:
وقد نقلها الشيخ الطوسي إذ قال: يستحب التنفل بين المغرب والعشاء
الآخرة بما يتمكن من الصلاة وهي كذا وكذا وارد رواية هشام بن سالم، انتهى كلامه:
وكما ترى لا وجود للفظ غفيلة في النص بل ما يمكن أن نسميها - انتزاعها
- من الرواية - صلاة الحاجة –
أن قيل: إن الصدوق في - الفقيه - أورد نص حاصله: قال رسول الله(ص)
تنفلوا في ساعة الغفلة ولو بركتين خفيفتين فإنها تورثان دار الكرامة، وفي خبر آخر
دار السلام، ثم أردف الشيخ الصدوق، وهي الجنة - تعريفا بدار الكرامة أو دار السلام
كما هو واضح وساعة الغفلة بين المغرب والعشاء الآخرة،
وفيه: مع إرسال الرواية في - من لا يحضره الفقيه - أن تحديد الساعة
من الادراجات التبرعية التي أضافها الشيخ الصدوق من عندياته على ما ذكر بعض
المحققين،
والإدراج يعني إدخال كلام المصنف أو الراوي ضمن النص الروائي أما
إبتداءا أو وسطا أو ذيلا في النص،
وهي أي هذه الادراجات سببت ارتباكا كبيرا لمن جاء بعد الصدوق،
وبالجملة: بحث السيد محمد حسن الحسيني في موضوعة صلاة الغفيلة،
بحثا استدلاليا موسعا وقد تناول فيه النصوص نقاشا وايردا وذكر جملة من المطالب
الرجالية وما يتصل بالبحث، ثم وصل لنتيجة مفادها: إن هذه الصلاة الاصح أن تسمى
بصلاة ساعة الغفلة حيث ان قدامى الفقهاء ذكروها بهذا العنوان بلا بعنوان صلاة
الغفيلة، وأن سميت بالتالي بصلاة الغفيلة كما في - العروة - و - المستمسك - و -
منهاج الصالحين - للمحقق الخوئي و - منهج الصالحين - للشهيد الصدر الثاني، وغيرهم
من المعاصرين،
وحسب حدود فهمي: إن ساعة الغفلة. المعبر عنه بين صلاة المغرب
والعشاء الآخرة، ليس عنوانا لصلاة بخصوصها بل عنوان زماني. بصرف النظر عن وجود هذه
الصلاة ثبوتا من عدمه،
والخلاصة: من يؤمن بقاعدة التسامح في أدلة السنن، اجتهادا أو
تقليدا له أن يأتي بهذه الصلاة،
وأما من يذهب إلى كون قاعدة - توقيفية العبادة - وبالتالي لا شرعية
لأي عبادة ما لم ينص عليها الشارع فلا يلتزم بهذا الاستحباب بل لا يرى لهذه الصلاة
مشروعية وله أن يكتفي واستحباب النافلة الراتبة، بدون زيادة صلاة الغفيلة أو
الغفلة أو الحاجة، فإذا سلم هذا الدليل فبها ونعمت وأن لم يسلم له أن يدعي بأن
حرمة الصلاة التطوعية في وقت الفريضة لا يمكن رفع اليد عنها، بتقريب: بعد صلاة
المغرب صلاة نافلة وبعد الانتهاء منها دخل وقت فضيلة فريضة العشاء ومعه حرم التطوع
وقت الفريضة، بالتالي إذا كان التطوع في وقت الفريضة محرم فالصلاة بالنتيجة باطلة،
وله أن يدعي أيضا أن المعصوم تنفل بعد الصلاتين وهذا هو القدر المتيقن ..
0 تعليقات