علي الأصولي
لا ضابط في تحديد ضروري الدين بين العلماء إذ قد اختلفت كلماتهم
تبعا لاختلاف نظرياتهم وهذا المفهوم،
النظرية الأولى: المراد من ملاك ضروري الديني هو ذاته الملاك من الضروري
المنطقي، كما هو مستوحى من كلمات بعضهم منهم المحقق الخوئي والسيد الحكيم جد الأسرة،
إذ نص المحقق الخوئي حول الولاية إذ قال: وأما الولاية بمعنى
الخلافة فهي ليست بضرورية بوجه وإنما هي نظرية - التنقيح/٨/٣ –
وقال الحكيم: وأما الأمور الاعتيادية التي يجب فيها الاعتقاد لا
غير فالحكم بكفر منكرها ضرورية كانت أو نظرية يتوقف على قيام دليل على وجوب
الاعتقاد بها تفصيلا ، - المستمسك/٣٨٠/١/ -
وكيف كان: بعد ملاحظة التقابل بين الضروري والنظري يستنتج إرادة
منه المعنى المنطقي للضروري، هذا ما يمكن استظهاره على كل حال،
ويرد على هذه النظرية: ما ذكره المحقق الاستربادي في كتابه -
الفوائد المدنية - أننا لو قبلنا أن الضروري الديني هو بمعنى الضروري المنطقي،
فيلزم منه خروج مجموعة من الأمور المسلم كونها من ضروريات الدين عن كونها من
ضروريات الدين، مثل وجوب الصلاة والحج وما شاكل ذلك، يعني أن الصلاة والحج لا يصنف
على كونه من الضروريات المنطقية الستة التي ذكرناها من قبيل التجريبيات والمحسوسات
وغيرها، فالعلم بهذه الوجوبات الشرعية لم تكن عن طريق الضرورات المنطقية الستة،
وبالجملة القول أن الضروري الديني هو نفس الضروري المنطقي يلزم منه هذا اللازم
الباطل كما ترى. وهذه مناقشة نقضية فلاحظ،
وأما المناقشة الحلية: إن العلم بالضروريات هو من خلال النص
القرآني والسنتي، وهذا بخلاف الضروري المنطقي الذي له مجاله المعرفي،
أن قيل ان وجوب الصلاة ثابت بالتواتر وهذا التواتر أحد أقسام
الضروري المنطقي،
قلنا: إن الوجوب ثبت بالنص نعم نقل النص بالتواتر وهذا غير ذاك،
نعم: لعل أقوى مناقشة وهي أن النص القرآني الذي جاء بمفاهيم
الوجوبات جاء بطريق متواتر وعليه يمكن ضم بعض الضروريات الدينية بالمتواترات بشكل
أو بآخر ، إلا أن نقطة الضعف تكمن بأن ليس كل ما كان ضروري من الدين طريقه التواتر
بل أن بعضها ثابت بطريق المشاهدات أو المحسوسات خاصة لمن عاصر النبي(ص) وأفعاله وتقاريره،
ما يهمنا أن ما أفاده الاستربادي لا يمكن أخذه كضابط تشيحصية للمدعى،
أي وتحديد ضروري الدين.
والمناقشة الأخرى، يمكن نقض الضابطة التزاما وما أفاده الشهيد
الصدر الأول، بعد أن حصر البديهيات والضروريات في قسمي الأوليات والفطريات، وعلى
نظرية السيد باقر الصدر فالمتواترات والمشاهدات ليست من الدبيهيات الضروريات بل هي
نظريات.
إذن: وهذه الحالة لا يمكن عد الضروري الديني كالضروري المنطقي،
والمناقشة الثالثة: حاصلها، أن الضابطة مفتقرة للملاك العلمي إذ لا
دليل على كون الضروري الديني هو بمعنى الضروري المنطقي، بالتالي لا يمكن اخذ هذا
القول اخذ المسلمات.
0 تعليقات