خالد الأسود
أذكى وأعمق لمحة قرأتها مؤخرا كانت في مقال للأستاذ “خالد البري”
المفكر والصحفي..
المشكلة كما يراها “البري” وكما فهمتها من مقاله أن الناس المتدينة
الملطوشة بالصحوة بتتعامل مع التحرش كذنب ممكن يتمسح بصلاة أو عمرة أوحتى كام دعاء
يتشيروا على الفيسبوك أو الواتساب..
التحرش عند المتدين مجرد لمم وذنب يمكن محوه بصوم ثلاثة أيام ولا
يصل في عقلهم الجمعي لمرتبة الكبيرة التي لا تغتفر كشرب الخمر والزنا وكشف المرأة
لشعرها مثلا..
الناس التي نجت من الصحوة شايفين أن التحرش جريمة، بيتكلموا عن حق
الضحية وحق المجتمع.. مالهمش في الستر وأن ربنا حيغفر ولا مايغفرش فهذا شأن إلهي
وهم غير مهاويس بالتدخل في المشيئة الإلهية.
من هنا فهمت الفجوة..
الناس التي نجت من الصحوة تعي قاعدة المسئولية والإضرار..
ومن هنا فهمت أزاي ممكن عقل بشري يكتب تعليقا بعد واقعة تحرش بطفلة
ارتكبها صحوي وسطي كيوت وخرج له المجتمع الصحوي يبرر ويطلب له الستر ويتساءل
الصحوي صاحب أوسكار أغبى تعليق:
( أنت ليه مش بتهاجم بابا الفاتيكان، ما المسيحيين عندهم تحرش)
هو كدا كيوت دا كفاية إنه ما قالش النصارى، ولم ينس أن يختم تعليقه
أنه ضد التحرش سواء من شيخ الأزهر أو بابا الفاتيكان نفسه..
اللي كتب يقول ماهما كمان!!
ما أمريكا كمان فيها تحرش وفيها اغتصاب أطفال..
واللي مش فاهم وبيتعجب إزاي سايبين قضية أطفال الشوارع وماسكين في
المتحرش، وكأنه بعد واقعة اغتصاب المفروض نتكلم عن ارتفاع فواتير الكهربا..
لم ينس الصحويون التلميح بتكفيرنا واتهامنا بخلط الأوراق كي نهاجم
الإسلام..
الحقيقة لا أحد يشوه الإسلام مثلهم بعقولهم المتحجرة..
هم يرون أحاديث الذباب والبول ومسألة ضرب الزوجة والحط من شان
المرأة أمورا يرتكز عليها الإسلام؛ فلا إسلام عندهم بدون تعدد وضرب زوجات وبول
وذباب..
هذا هو الإسلام كما يصدره لنا الصحويون..
وسنظل نهاتي ونعافر وندفع الثمن انحطاطا وتعاسة وتكفيرا ودما حتى
يأتي الأمر من قوة مهيمنة واعية تفرض القيم الإنسانية كما فرضوا وقف مهزلة التجارة
بالبشر وملك اليمين ونكاح الأطفال وجهاد الطلب، وقطع الأعضاء التناسلية للطفلات.
لحظتها سيتراجع شيوخ الصحوة كما طالما تراجعوا..
بل بكل وقاحة سينكرون ويستنكرون وسنجد دينا جديدا جميلا يرفض
الذباب والبول ويعيد فهم آيات التعدد والضرب، ولن يخجلوا عندما يضعفون كل الأحاديث
التي يصرون على صحتها..
لحظتها فقط سيصدق السادة المتدينون أن ضرب الزوجة جريمة وليس
إسلاما، أن التحرش جريمة وليس إسلاما، أن بول الإبل وتغميس الذباب محض افتراء
يصدقه البلهاء وليس إسلاما.
السؤال الآن لو أردنا المواجهة والمصارحة:
هل الإسلام دين ضد الحداثة؟
هل الإسلام دين يناقض القيم الإنسانية؟
أتكلم عن عقيدة الإسلام لا عن عقيدة الصحوة المزعومة..
ألا من عاقل رشيد عالم مخلص مؤمن يخلص الإسلام من عوار الصحوة
ومفاهيمها ولو كرهت قطعان البلهاء الكيوت الحلوين المسهوكين..
مصيبة لو كله فاهم أن الإسلام ضرب وتعدد وذباب وخلافة وولاء وبراء
وحاكمية وفرقة ناجية..
كلمة حق:
الدولة المصرية كانت سريعة في التصدي للجريمة، لم تتعامل بعقلية
الذنب والستر..
وأرجو أن تكون تلك السرعة بداية للوعي بمسئولية الدولة الموكولة
بتنفيذ القانون والمعاقبة على الجرائم التي تخل بالقانون وحقوق المواطنين، وألا
تهدر طاقاتها في تتبع ذنوب الناس وجرهم جرا إلى الجنة كما يتخيل قطاع المرضى
النفسيين المصابين بهذاء وهلاوس الصحوة.
ملحوظة لم أفند تعليقاتهم ولا أرد عليهم وأرجو ألا ينساق صديق للرد
على تهافتهم الواضح انتصارا للدين أو المنطق، مناقشة البلاهة خطأ..
النقاش يجب أن يكون منضبطا بقواعد المنطق وحد أدنى من الفهم والوعي
واللغة المشتركة..
الكائنات الغيورة على التحرش وضرب الزوجة وشوربة الدبان غير جديرة
بالمناقشة أصلا.
0 تعليقات