{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا}البقرة/ 187
باتت مفردة الإسلام بعبع يرعب الكثير ربما يرجع سبب ذلك إلى سوء الإدارة
والفساد الذي اقترن بالأحزاب التي ترفع شعار الإسلام حتى وصل الأمر إلى معاداة
الإسلام نفسه وهذا هو التعريف الحقيقي لخلط الأوراق!
ينشغل العراقيين اليوم بإقرار قانون المحكمة الاتحادية العليا لكن
نشاهد اعتراض واسع على نص دستوري واضح وصريح يتعلق بتكوين المحكمة الاتحادية وهي
خبراء "الفقه الإسلامي" إضافة إلى القضاة وفقها القانون (مادة ٩٢)
وأوجه الاعتراض كثيرة أبرزها كيف لخبير فقهي أن يكون ضمن المحكمة
وهو غير متخصص وأيضا يعتبرونه تأصيل لولاية الفقيه!
في بادئ الأمر علينا أن نميز بين نوعين من المحاكم هناك محاكم
جنائية ومدنية هذه يتوجب فيها التخصص وان كان عملها له صلة وثيقة بالدين الإسلامي
واعرف الكثير من القضاة يرجعون بأحكامهم إلى الشريعة الإسلامية وبعضهم يرجع إلى
مرجع تقليده قبل أن يصدر حكم معين ليبرئ ذمته أمام الله مع ذلك نقول يجب أن يكون
من يعمل بهذا النوع من المحاكم قضاة متخرجين من المعهد القضائي حصرا.
أما المحكمة الاتحادية هي محكمة دستورية فقط وفقط لا علاقة لها
بالنوع الأول لا من قريب ولا من بعيد، هي محكمة متخصصة بمراقبة القوانين وتوضح
دستوريتها من عدمها والمصادقة عليها وهذا الأمر يتطلب إلمام بالقوانين والدستور
وهذا الإلمام لاينحصر بالقاضي بل ممكن أن نجده في أساتذة الدستور وفقها القانون
والمحاميين وخبراء الفقه الإسلامي وغيرهم حتى يوجد في المحاكم الدستورية لبعض
البلدان ناشطين ومحامين وخبراء إلى جانب القضاة باعتبار أن القوانين التي يشرعها
مجلس النواب متنوعة وتهم شرائح كل شرائح المجتمع فأين المشكلة في ذلك؟
أما حاجة خبراء الفقه الإسلامي فهي ضرورية إذ تنص المادة الثانية من الدستور
العراقي على مايلي:
أولا: الإسلام دين الدولة الرسمي، وهو مصدر أساس للتشريع
أ – لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام
ب – لايجوز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية
ج – لايجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الأساسية الواردة
في هذا الدستور
ثانيا : يضمن هذا الدستور الحفاظ على الهوية الإسلامية لغالبية
الشعب ألعراقي ، كما ويضمن كامل الحقوق الدينية لجميع ألأفراد في الحرية والممارسة
الدينية ، كالمسيحيين ، وألأيزيديين ، والصائبة والمندائيين .
والسؤال هنا لو شرع مجلس النواب قانون فيه مخالفة لثوابت الإسلام
من سيستخرج ذلك الخلل؟ كما هو موجود فعلا في القوانين التي فيها مخالفة للإسلام
نفسه لا الى ثوابته فحسب!
مثل قانون إتاحة شرب الخمر والعنف الأسري والأحوال الشخصية وغيرها
الكثير ،
واستغرب ممن ينتقد الحكومة ومجلس النواب ويدعوها إلى الالتزام
بالدستور كيف يخالف الدستور في هذه الفقرة، وكيف لمن يتهم الإسلام بأنه غير صالح
للحكم ولايوجد لدينا أي قانون إسلامي!!
"تلك إذا قسمة ضيزى"
كما خُدع العراقيين بالأمس القريب بالجهات والأصوات التي نددت
ورفضت قانون الأحوال الشخصية الجعفري بأنه يتيح زواج القاصرات وانه يضطهد المرأة
حتى رفض القانون وسرعان ما ظهر زيف وكذب هؤلاء اذ لايوجد اي شيء من هذا القبيل ،
بل توجد هكذا تصرفات في بعض الكنائس حسب التقارير التي تشير الى ذلك اذ تتكرر
عمليات الاغتصاب للقاصرات واعتراف بعض البابوات بحق المثليين لكن هذه الأفعال لم
تجد من يستنكرها في مجتمعاتنا الإسلامية اقل تقدير بما اخذ البعض بتبريرها وعدها
تصرفات شخصية وحريات شخصية!!
تتكرر اليوم نفس الحملة ومن ذات الجهات لرفض وإزالة فقرة خبراء
الفقه الإسلامي من المحكمة الاتحادية وكأن الإسلام بات بعبع حتى نتحسس منه كل هذا
التحسس!
وهل ثمة مشكلة حين ترشح المرجعية العليا بالنجف الأشرف او الوقفين
الشيعي والسني أشخاص أكفاء ورعين متخصصين بالقضاء ليكونوا ضمن المحكمة التي يقتصر
عملها على مراقبة القوانين في حال مخالفتها للدستور وأحكام الشريعة؟ هل فقدنا
ثقتنا بالمرجعية ام ماذا؟!
فالإسلام معروف على امتداده بالقضاة وأساسا مهنة القاضي إسلامية
وشرعية بحته وهي من صلاحيات الإمام والفقيه الجامع للشرائط وهذا مثبت في كل رسائل
مراجع التقليد دون استثناء وإلا لماذا في أحوالنا الشخصية كالإرث والزواج والطلاق
وغيرها نعود فيها إلى الحاكم الشرعي ولانكتفي بقاضي المحكمة!! (مالكم كيف تحكمون)
بعد هذا التوضيح الموجز اعتقد الهدف الحقيقي ليس كما يعلن بأنها
دعوة للمدنية والتعايش والحريات لان الإسلام أساسا يكفل ذلك وأكثر، بل بات واضحا
ان الهدف الحقيقي هو "الإسلام نفسه".
والا كيف يتم مشروع التطبيع ومشروع الإبراهيمية الجديد في ظل تمسك
الدولة بهويتها الإسلامية وثوابته وأحكامه وكأننا نعارض الله تعالى في حكمه وحدوده
نصيحتي لكل مغرر به ويعترض على دون معرفة واطلاع في زمن كثر فيه
التضليل والتشويش والتشويه وخلط الأوراق ان لاتكون أداة لإرادات خارجية مارقة
هدفها عولمة العالم وصهره في بوتقة واحده وهذا يستوجب تمزيق وطمس الهوية الإسلامية
التي كرمنا الله تعالى بها وخصنا بها دون غيرنا فهذه نعمة تستوجب الشكر لا الكفر
والا من يصر على فعله عليه ان يحضر جوابا أمام محكمة العدل الإلهية،. والله
المستعان.
سجاد الحسيني
٢٩ رجب الاصب ٢٠٢١
0 تعليقات