فرقد الحسيني القزويني
الجواب: كمقدمة نسأل ما تعني كلمة عرب وعلى من أطلقت ومتى أول مرة
وردت ؟
الجواب: وردت لفظة عرب في نص للملك شلمنصر الثالث عام ٨٥٣ قبل
الميلاد كأول نص ووردت في الكتابات البابلية كلمة ماتوعرابي ومعناها: أرض العرب أو
الأرض التي كانت تحفل بالأعراب. واقتبس العبرانيون كلمة عرب من الآشوريين
والبابليين واستعملوها بالمعنى نفسه ووردت لفظة عربية وعربة وبلاد العرب في العهد
القديم بمعنى البداوة والقفر.
على هذا فكلمة عرب ليست كلمة تختص بالذين يتكلمون اللغة العربية بل
هم الذين يسكنون الصحارى وبيوتهم الخيام.
حيث قال أهل الاختصاص أن كلمة أعرابي تعني اليهود: سكّان القفار
المتنقلين أكثر مما تعني سكّان المراعي الذين يتحضّرون ويستقرون وبخاصة المتنقلين
منهم قرب الهلال الخصيب.
ومما يؤيد هذه التفسيرات ورود كلمة هاعرابة في العبرية، ويراد بها
وادي العربة الممتد من شمالي البحر الميت أو بحر الجليل إلى خليج العقبة وتعني هذه
اللفظة بالعبرية: القفر والجفاف وحافة الصحراء والأرض المحروقة وفرّق العبرانيون
في التسمية بين الحضر والبدو إذ عندما يذكرون الحضر يسمونهم بأسماء قبائلهم أو
بأسماء المواضع التي ينزلون فيها. أما تعميم كلمة عرب على سكّان شبه الجزيرة
العربية فقد جاء متأخرًا على أثر احتكاك العبرانيين بالقبائل التي كانت تقيم في
البادية.
وظهرت للمرة الأولى في عام ٥٣٠ قبل الميلاد لفظة عرباية في نص
فارسي مكتوب باللغة الأخمينية في نقش بهستون للشاه دارا الأول الكبير وقصد الفرس
بها البادية الفاصلة بين العراق والشام بما فيها شبه جزيرة سيناء.
إذن لفظة العرب أطلقت على القبائل العربية التي سكنت شبه الجزيرة
العربية الفراتية ثم أصبحت بعد ذلك تطلق على من يتكلم اللغة العربية.
وعرفت شبه جزيرة العرب طيلة العصر الهيليني أي: الإغريقي: بعربا أو
عرفا: وهذه اللفظة أطلقوها على ثلاث مناطق:
أولا : البتراء : التي تشمل جنوب سوريا والأردن وشبه جزيرة سيناء ومناطق
من شمال السعودية حيث كانت هذه المناطق تشكل مجموعة قطاع والعاصمة هي البتراء.
ثانيا: الصحراء العربية : وكان المقصود منها هي الصحراء الداخلية في شبه
الجزيرة العربية .
ثالثا: البلاد العربية السعيدة : وكان يُقصَد بها اليمن .
أما العثمانيون فأطلقوا بلاد العرب على عدة مناطق: هي بلاد الشام وبلاد
اليمن جنوب الجزيرة وبلاد العراق والكل تقع تحت اسم عربستان: كلفظة شاملة
............................
الكثير من الدارسين والباحثين لم يلتفتوا إلى منطقة كانت يطلق
عليها شبة الجزيرة العربية الفراتية التي هي ديار مضر وربيعة وبكر بن وائل ثم لحقت
بهم قبيلة أياد وتغلب هذه المنطقة لعبت دورا مهما على الصعيد السياسي والتجاري
والديني لموقعها الجغرافي .
................................
جغرافية شبه الجزيرة العربية الفراتية:
تضم مناطق شمال شرق سوريا وشمال غرب العراق وجنوب شرق تركيا. وهي
الجزء الشمالي من وادي الرافدين.
يحدها من الشرق جبال زاغروس ومن الشمال جبال طوروس وإلى الجنوب
بادية الشام ومنخفضات الثرثار والحبانية.وتنسب إلى البلاد الجزرية مدن وبلدات وقرى
هامة أسهب البلدانيون في تعدادها ووصفها ومن أشهرها الموصل وآمد والرها ورأس العين
ونصيبين وجزيرة ابن عمر وسروج وقرقيسيا ودنيصر
وسنجار والرقة وقرقيسيا والرحبة وعانة وهيت والأنبار وسورا والكوفة
وماكسين وسنجار والحضر والموصل وبلد وماردين والرها وحران والحديثة.
وحسب التقاسيم الإدارية اليوم تضم الجزيرة كل من محافظة نينوى
ومحافظة صلاح الدين وجزء من محافظة كركوك وقسم من محافظة الأنبار حتى مدينة هيت في
العراق ومحافظة الحسكة بشكل كامل بالإضافة لمناطق من محافظتي دير الزور والرقة في
سوريا ومحافظات أورفة وماردين ودياربكر وبطمان وسعرد وشرناق .
وأديامان ووان وبدليس ومعمورة العزيز بشكل كامل بإضافة لأجزاء من
بينكل وملطية في تركيا.
ويطلق حاليا اسم الجزيرة في الغالب على المنطقة بين الرقة والموصل
وصولا إلى الحدود التركية بينما تطلق تركيا اسم جنوب شرق الأناضول على الجزء
الواقع في أراضيها من الجزيرة.
سكن الجزيرة الآراميون وأسسوا فيها عدة ممالك وسقطت تحت سيطرة
الآشوريين وشهدت بعد ظهور ممالك سريانية وعربية مثل مملكةالرها والحضر وتدمر وحديبا
وأول الممالك التي أوجدها العرب في الجزيرة مملكة الحضر في جنوب غرب الموصل والتي
ازدهرت في القرن الثاني ميلادي واندثرت في القرن الثالث.كما أصبحت مركزا هاماً
للمسيحية السريانية في القرون المسيحية الأولى.
وقعت المنطقة بعد مجيء الإسلام تحت سيطرة الأمويّين والعباسيين ثم
نشأت فيها إمارات إسلامية كالزنكيين والأيوبيين والحمدانيين وغيرهم.
وتشير الكتابات التاريخية إلى منطقة الجزيرة باسم إقليم آقور وهو
أحد الأقاليم العربية السبع حسب الجغرافيين العرب من أمثال شمس الدين المقدسي
المتوفى ٩٩٠ميلادي في كتابه أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم إذ يروي في جمل شؤون
هذا الإقليم فيقول:
إقليم نفيس وهو ثغر من ثغور المسلمين ومعقل من معاقلهم لأن آمد
اليوم دار جهادهم والموصل من أجل انضادهم. وجزيرة ابن عمر أحد منازلهم، وهو واسطة
بين العراق والشام ومنازل العرب في الإسلام. ومعدن الخيل العتاق ومنه ميرة أكثر
العراق. رخيص الأسعار جيد الثمار ومعدن الأخيار. أما الهواء والرسوم فمقاربة للشام
مشابهة للعراق وبه مواضع حارة وبه نخيل مثل سنجار ومدن الفرات وكورة أمد باردة
لقربها من الجبال وأصح بلدانه هواء الموصل. وأكثر بنيانهم الحجارة ولا أعرف به ماء
رديا ولا واديا وبيا ولا طعام إلا تجده مريا. وليس به مجوس ومعدن الصابئين بالرها
وحران في جميع المملكة. ولغتهم لغة حسنة أصح من لغة الشام لأنهم عرب أحسنها
الموصلية وهم أحسن وجوها وهي أصح هواء من سائر الإقليم وقد جمعت أكثر القبائل
أكثرهم حارثيون.
وكان العرب يسمون بلاد ما بين النهرين العليا بالجزيرة لأن أعالي
دجلة والفرات كانت تكتنف سهولها وكانت الجزيرة تنقسم إلى ثلاث ديار:
ديار ربيعة وديار مضر وديار بكر بن وائل وأسماء هذه الديار نسبة
إلى القبائل العربية مضر بن نزار بن معد بن عدنان وبكر وتغلب ابني وائل من ربيعة
بن معد بن عدنان التي نزلت الجزيرة قبل الإسلام فعرف كل من هذه الديار بقبيلته.
وكانت مدينة الموصل على نهر دجلة أجل مدن ديار ربيعة وكانت مدينة الرقة على الفرات
قاعدة ديار مضر وآمد في أعالي دجلة وهي أكبر مدن ديار بكر وهي أقصى هذه الديار
شمالا.
والجزيرة أرض خصبة جدا وفيها تنوع كبير من حيث طبيعة الأرض من سهول
وهضاب وجبال وأودية وأنهار.
من أشهر الأنهار فيها: الفرات دجلة الخابور جقجق الزركان الجرجب
كما توجد فيها جبال وتلال ذات أهمية تاريخية ودينية مثل:جبل سنجار جبل عبد العزيز
جبل كوكب.
وتشتهر المنطقة كذلك بوجود تنوع نباتي كبير من محاصيل زراعية
كالقمح والقطن والشعير والخضروات والبقوليات
اضافة الى اشجار الفاكهة المتنوعة والنخيل
..................
نبذة عن بعض مدنها:
أولا: آمد أو آميدا: مدينة عتيقة تسمى اليوم ديار بكر تقع في أقصى ما
بين النهرين.تأسست المدينة كمستوطنة آرامية على ضفاف نهر دجلة وازدهرت في العصر
الروماني فأصبحت مركزا لولاية بين النهرين الرومانية
دخلت المسيحية إليها مبكرا فصارت مركزا هاما للكنيسة السريانية
الأرثوذكسية.
وعانت المدينة خلال الحروب الرومانية الفارسية كثيرا لكونها تقع في
منطقة حدودية حيث تمكن الساسانيون من السيطرة عليها عدة مرات أولها على يد شابور
الثاني سنة ٣٥٩م وآخرها سنة ٦٠٢م.
تمكن المسلمون من السيطرة عليها سنة ٦٣٩م وأضحت مركزا لإقليم ديار
بكر من الجزيرة الفراتية.ثم توالى عليها السلاجقة والأيوبيون والأرتقيون والصفويون
حتى وقوعها بيد السلطان العثماني سليم الأول سنة ١٥١٥م.ومنذ ذلك الحين تعرف في
الكتابات الرسمية باسم ديار بكر وبقي الاسم القديم متداولاً بين سكانها لغاية
اليوم.
.........................
ثانيا الرها: هي مدينة في الجزيرة الفراتية أسسها سلوقس الأول في موقع مدينة
سابقة حوالي عام ٣٠٢ قبل الميلاد سقطت تحت الحكم الروماني المباشر عام ٢٤٢م لتكون
عاصمةً لمقاطعة الرها. وأصبحت مركزا مبكرا مهما للمسيحية السريانية.
في عام ٢٦٠م وقعت معركة الرها بين الإمبراطورية الساسانية
والإمبراطورية الرومانية التي كان يقودها فاليريان، وانتهت بانتصار الساسانيين.
وفي عام ٦٣٣م دخل الجيش الإسلامي المدينة في إطار فتح بلاد الشام. استعادت
الإمبراطورية البيزنطية سيطرتها على المدينة لفترة وجيزة عام ١٠٣١م ثم سقطت في يد
الدولة الزنكية عام ١١٤٤م وضُمَّت في النهاية إلى الدولة العثمانية عام ١٥١٧م.
الاسم الحديث للمدينة هو أورفة، وتقع حاليا في محافظة أورفة في منطقة جنوب شرق
الأناضول في تركيا.
وفقا لبعض الاخبار اليهودية والإسلامية فإن الرها هي نفسها أور
الكلدانيين مسقط رأس إبراهيم عليه السلام.
يروي المؤرخ الأرمني سيبيوس عن وفد يهودي ذهب إلى مدينة عربية بعد
أن غزا البيزنطيون الرها: فيقول اجتمعت ١٢ قبيلة تمثل جميع قبائل اليهود في مدينة
الرها. عندما رأوا أن القوات الإيرانية غادرت ... وثم أعطى هرقل إمبراطور
البيزنطيين، أمرا بمحاصرة المدينة سنة ٦٢٥م ... فغادروا وأخذوا الطريق عبر الصحراء
إلى تشكستان ثم إلى بني إسماعيل. دعا اليهود العرب لمساعدتهم وأطلعوهم على العلاقة
التي تربطهم في كتب العهد القديم. وعلى الرغم من أن العرب كانوا مقتنعين بعلاقتهم
الوثيقة إلا أنهم لم يتمكنوا من الحصول على إجماع من جماهيرهم لأنهم انقسموا على
بعضهم البعض بسبب الدين. في تلك الفترة برز أحدهم وهو رجل من أبناء إسماعيل يدعى
محمد تاجر. وكُشفت لهم عظة عن طريق الحق يفترض أنها بأمر الله ... أمرهم جميعًا
بالتجمع والتوحد في الإيمان ... قال: وعد الله إبراهيم ونسله بهذا البلد إلى
الأبد، وقد تحقق ما وعد به في ذلك الوقت عندما أحب الله إسرائيل ولكن الآنوأنت
حفيد إبراهيم والله سوف يفي بالوعد الذي قطعه لإبراهيم ونسله. فقط أحبَّ إله
إبراهيموواذهب وخذ البلد الذي أعطاه الله لأبيك إبراهيم لا أحد يستطيع أن يقاومك
بنجاح في الحرب لأن الله معك.
أقول: هذا نص يحتاج إلى تأمل طالما حاول البيزنطيون استعادة الرها خاصة في
عهد رومانوس الأول الذي حصل من السكان على منديل الرها وهوصورة قديمة للمسيح عليه
السلام ونقلها رسميًا إلى القسطنطينية في ١٦ اب سنة ٩٤٤م.
هذه الصورة التي كانت موجودة في الرها من عام ٥٤٤م حتى تمت سرقتها
من قبل حاكم البندقية في عام ١٢٠٧م بعد الحملة الصليبية الرابعة.وتوجد نسخة قديمة
منها في مكتبة الفاتيكان
تعتبر صورة مدينة الرها التي سميت قديمًا آديسا وهي حاليًا مدينة
تركية باسم أورفة من التراث المسيحي المقدس وهي مكونة من قطعة قماش مستطيلة طُبِعت
عليها صورة عجيبة لوجه المسيح وتسمى هذه الصورة في الكنائس الأرثوذكسية المنديل.
0 تعليقات