آخر الأخبار

التعليم والمزايدة الدينية في زمن الجعجور الصحوي

 

 




خالد الأسود

 

مسلم وأفتخر..

 

هل صليت على النبي اليوم..

 

صاحب محل ملابس شغل قرآن، تاكسجي شغل قرآن، كافيه شغل قرآن..

 

لا بتسمع ولا حد سامع..

 

مش مهم؛ المهم الناس تعرف إنك مشغل قرآن..

 

عصير يثرب، حلاقة مكة، حاتي الأندلس، بقال نور الرحمن، عجلاتي الجنة، خردواتي الإيمان، حضانة براعم الجنة، كل حيطة أو مساحة ملصوق عليها هل صليت على النبي اليوم، ناقص خمارة التقوى، وكباريه المؤمنين..

 

المزايدة بالتدين مظهر من مظاهر شوطة الصحوة التي لطشت مجتمعنا..

 

الصحوة هي التي خلقت هذه الحالة من الدروشة، هي التي عظمت الإيمان المظهري والتدين السطحي.. صار غاية الإيمان هو أن ترفع شعاره، تلبس أزياءه تتحدث لغته الأحفورية، تتعصب لقيمه..

 

كله لازم يعلن عن تقواه وإيمانه بأي مظهر وإلا فلن ينال كارنيه الحماية المجتمعية وعضوية جماعة المهاويس..

 

واجب الدولة ألا تسمح بخطف العقل الجمعي، عليها أن تستخدم أدواتها لعلاج الناس، غير مقبول أن نراها راحت هي أيضا في الوبا، عندما تجتاح شوطة الصحوة عقول الجالسين على المقاعد فنحن في أزمة..

 

لا يجوز أن تستمر وزارة التربية والتعليم في الانبطاح لمفاهيم الصحوة وخزعبلاتها المفبركة..

 

لا يجوز أن تسمح الوزارة للعقل السلفي والإخواني أن يخطف مادة الفلسفة ويسوق لبضعة مقالات توافق المزاج الصحوي ويضع على الغلاف كلمة فلسفة وخلاص..

 

لا يجوز أن نسحب من النصوص الأدبية شعر المتنبي وأبي تمام وابن الرومي وأبي فراس وابن المقفع لنقرر على الطلاب أشعار فقهاء الإسلام الحسن البصري وأبو الأسود وسابق بن عبدالله وحتى لو صارت النصوص الأدبية متحررة فليست هذا النظم السقيم مدخل الطالب لتذوق النص الأدبي..

 

لا يجوز أن تكون مقررات التاريخ مزيفة دعائية لخرافة دولة دينية وتسويق الخلافة والخضوع للخليفة..

 

أشهد للمقررات الجديدة في الصفوف الابتدائية الأولى بالوعي والوطنية والتحرر من هيمنة العقل السلفي..

 

تبقى مقررات المرحلة الإعدادية والثانوية قنابل مازالت تحشو عقول الصبية والمراهقين بالفيروس..

 

كل تلك المقررات نتاج لجان إخوانية وسلفية بعد أحداث يناير، من السهل أن نعيد المقررات القديمة مع قليل من التنقيح بأيدي خبراء الوزارة حتى يأتي دورها في خطة التطوير 2.0

ما زلت أثمن دور طارق شوقي ودوره في إعادة إحياء التعليم المصري..

 

ومع هذا التقدير والدعم فلي ملاحظات:

 

١- ما زلنا نعاني ازدواجيات التعليم المصري، ما زلنا نسمح بالتعليم الديني والتعليم الانترناشيونال والتعليم الأميري والتعليم التجريبي..

 

تعدد أنماط التعليم المصري لا تخلق إلا مجتمعا متفسخا يعجز أفراده عن الاتحاد والرؤية الواحدة..

 

كيف يتعايش المتخرج من التعليم الديني الذي درس أحكام أكل لحم الأسير وأحكام ملك اليمين وحكم هدم الكنائس في القاهرة الباهرة وغزوات عقبة بن نافع مع المتخرج من التعليم الإنترناشيونال بتوع حقوق الإنسان وتحرير العبيد..

 

تعدد التعليم لا يعطينا مجتمعا عاجزا عن الاتحاد والتضامن والوعي الجمعي فقط، إنه يخلق مجتمعا مشوها متفسخا مقبلا على الاحتراب..

 

ربما بدأتم بالتعليم الأنترناشيونال والثانوية الأمريكية، ومازال التعليم الديني يرتع في القرى والنجوع والمناطق العشوائية وصار يغزو أرقى المناطق في المدينة..

 

واثق أن الوزارة فاهمة كويس أن استمرار التعليم الديني ينسف كل جهد وأي تطوير.. فلماذا التراخي.

 

ولا تبقى مصيبة لو النية نخلص من التعليم الإنترناشيونال ونحافظ على التعليم الديني..

 

٢- قضية الدروس الخصوصية:

 

الترويج للمجموعات المدرسية بواسطة الوزارة لا يعني غير أن الدولة لا تستوعب خطأ الدروس، هي فقط عينها في التورتة..

 

٣- الأوبن بوك:

 

فجأة صدر قرار بمنع دخول الطالب الامتحان بكتاب المدرسة، الاتفاق المعلن بين طلاب المرحلة الثانوية والوزارة أن الامتحانات أوبن بوك يعني من غير حفظ .. المطلوب الفهم والنقد والإبداع، حتى لو حيتم توزيع ورقة معلومات وقواعد أساسية فهي ورقة مجهولة وإخلال باتفاق الوزارة مع الطالب..

 

٤- أجر المعلم:

مازال أجر المعلم يضعه في مربع محدودي الدخل، نحن لا نقدم تعليما مجانيا، هو بصراحة ووضوح تعليم على حساب المعلمين ومن جيوبهم، الأجر العادل الطبيعي للمعلم لا يجب أن يقل عن ٨٠٠٠ آلاف جنيه للمعلم المتخرج حديثا..

 

لكن هل يستحق المعلم المصري في نسخته الحالية هذا الأجر؟

الحقيقة لا.

 

الغالبية من المعلمين أصحاب عقول جامدة متصلبة غير قادرة على استيعاب التطوير، الغالبية غير قابلة حتى للترقي الثقافي لا تستطيع تطوير مهاراتها ومعلوماتها عاجزة عن استيعاب مفاهيم التعليم والتعلم ومخرجات التعلم التي تستهدفها الدولة..

 

ودي مسئولية الوزارة..

على الوزارة وضع سياسات فرز وتقييم قدرات معلميها وتكيفهم مع المنهج المعدل..

 

على الوزارة أن تثمن رجالها وأن تضع سياسات الثواب والعقاب في صيغة منضبطة قانونيا وهي التي تملك جيشا من رجال القانون..

 

عليها تخزين العاجزين والرافضين على الرف بعيدا عن العملية التعليمية بحسم ورؤية شاملة، عليها أن تعتمد فقط على الأكفاء المؤمنين والراغبين في التطور..

 

شهدت بعيني استهزاء وسخرية غالبية السادة المعلمين من دورات تربوية تحت إشراف مؤسسة ثقافية تريوية بحجم ديسكڤري، المشهد العبثي لم يكن دالا على مقاومة التطوير ورفضه، بل كان شديد الدلالة على العجز والسطحية.

 

أجر عادل لمن يستحق، إقصاء للعاجز والرافض.

 

٥- الأسئلة التعجيزية التي يختلف فيها المتخصصون:

 

أعي تماما قيمة تغيير نمط الأسئلة لقياس العقل الناقد القادر على الفرز والتقييم وحل المشكلات..

 

ويظل الهدف تكوين المواطن الناضج ذي الوعي، المرحلة الثانوية مشغولة بخلق عقليات ناقدة مبدعة تملك أدوات التفكير والتعلم ولا أعتقد أن الهدف خلق متخصصين.

 

٦- الوزارة حتى اليوم تمضي بخطوات ثابتة في تحقيق التطوير بشقيه الجذري في المرحلة الابتدائية والترميمي في المرحلة الثانوية..

أنا من الذين يرون نجاحات مبهرة لطارق شوقي وفريقه..

 

وتأتي التفاصيل المهمومة بإرضاء جمهور السوشيال ميديا لتجعل الوزارة تظهر في صورة المهتز القابل للابتزاز الشعبوي..

 

الانبطاح ولو في التفاهات يبعث الحياة في جسد المقاومة المتصلبة و المغرضة ويفجر طموحاتهم في نسف الجديد والعودة لقديمه..

 

أكيد لن أخضع لتفاهات هو الامتحان تابلت ولا بابل شيت ولا ورقي، ونحفظ إيه، والسيستم وقع ولا ما وقعش، والثانوية العامة تابلت ولا ورقي..

 

نقطة أخيرة مش مفروض نضيع وقت مع غير القادر على التمييز بين إجراءات ظروف الوباء وبين خطوات التطوير.

 

 

 

إرسال تعليق

0 تعليقات