حمدي عبد العزيز
فلاديمير بوتن الذي وصف تفكك وانهيار الاتحاد السوفيتي بأنه (أكبر
كارثة جيوسياسية في القرن العشرين) ..
-
وللأمانة - أراه محقاً في ذلك الوصف الدقيق ..
لكنه - هو نفسه بوتن - الذي أرسل أمس للرجل الذي قاد الإتحاد
السوفيتي إلي التفكك فالإنهيار فالنهاية ، وهو الرئيس السوفيتي الأخير ميخائيل
غورباتشوف برقية تهنئة بمناسبة احتفاله بعيد ميلاده التسعين قال له فيها :
(أنت تنتمي إلي مجموعة من الأشخاص التاريخيين ورجال الدولة
البارزين في الحقبة المعاصرة ، أولئك الذين أثروا بشكل كبير علي مسار التاريخ
الوطني والعالمي) .
عادة في الكلمات البروتوكولية للساسة يفر الصدق وتهرب الأمانة
الموضوعية بعيداً لتفسح مجالاً لنوع ما من الكذب علي النفس تمر كلماته وعباراته
علي ضمير المتكلم دون جواز مرور ، ويظل هذا مسموحاً به في الأعراف الدبلوماسية ،
بل وربما يشكل جزءاً مهماً وضرورياً من آدواتها ..
هذا بالضبط مايجعل الكثيرون من عامة البشر يعتبرون أن الساسة هم في
الحقيقة ثعالب لاآمان لها ، وحواة يلعبون بالبيضة والحجر وبالعبارات والكلمات
وربما بالشعارات وأماني الملايين من البشر أحياناً .
، وبالتالي يمتنع أولئك البشر الغير متخرطين في العمل السياسي عن
تصديق السياسي ولايريدون من الأصل تحمل مشقة الإجتهاد للفصل بين ماهو حقيقي وماهو
غير حقيقي ، وماهو علي السطح ومايتحرك تحت السطح ، أو ماهو علي موائد الإجتماعات
ومايجري تحت تلك الموائد في عالم السياسة والهيمنة علي المجالات العامة للبشر ..
أعرف أن من سيقرأ هذا الكلام من المتمرسين والغواصين المهرة في
بحار العمل السياسي النخبوي بكهوفه وشعابه الغاطسة .. سيبتسمون بسخرية من هذا
الحديث الرومانسي الساذج..
وسيرددون ..
السياسة .. أيها الأخ الطيب .. ليست - ولم تكن يوماً - من أعمال
الملائكة ..
______________
حمدى عبد العزيز
3 مارس 2021
0 تعليقات