محمود جابر
-----
لا اعرف لماذا قفزت صورة المارشيال برعى، والجماعة المصاحبة له فى
فيلم(شمس الزناتى) وهو يعيش على السلب والنهب للقرى والبوادي والواحات مستعين على
ذلك بمجموعة من اللصوص والخارجين على القانون، وهى صورة أشبه بالخابيرو، والجماعات اليهودية .
-----
تعتبر رسائل تل العمارنة واحدة من الكنوز التاريخية لمنطقة الشرق
الأدنى، وقوة مصر ونفوذها فى المنطقة، وكذلك تسجيل الممالك والدول والحضارات
والجماعات البشرية، ومن العجيب ان الرسائل التى تدون لتاريخ المنطقة فيما بين
القرنين الثانى عشر والثالث عشر ق. م، لم يأتى فيها ذكر لجغرافيا اليمن على
الإطلاق بعكس ما يحاول زعمه الكاتب فاضل الربيعى فى كتابه إسرائيل المتخيلة، وان
كنا نتفق أن جماعة العبرانيين أصل بنى إسرائيل كانت ضمن جماعات هائمة فى منطقة
الجزيرة العربية بشكل عام، وقد عرفوا فى الوثائق المصرية فى تل العمارنة وغيرهم
بالخابيرو.
وقد تعرضنا فى الحلقة الأولى لتسمية العبرانيين او الخابيرو أو
الهابيرو او العابيرو وأي ما كان النطق وفقا للخط المكتوب ... وتناولنا ما قاله
العلماء حول التسمية واليوم نستكمل الحلقة الجديد حولهم موضوع التسمية ....
دلالات التسمية :
أما عن تسمية (الخابيرو) وجذور ودلالات هذه التسمية. فهي كلمة
أكدية سامية ذات لها دلالات متعددة
وأحياناً متناقضة فقد وردت وهي كلمة سومرية دخيلة ذات معاني متعددة فهي تعنى (
معدن الرصاص) وكذلك تعني (القوة والمصارعة) و كذلك تأتي بمعنى ( يطوق، أو يعانق
شخص بالقوة).
وتشير هذه النصوص الاكدية إلى (الخابيرو) بدل (العابيرو) أي يقلب
حرف (العين) إلى (خاء) لعدم وجود حرف العين في اللغة الاكدية وهي ترجمة سامية
للتعبير السومري (Gaz-Sa ) الذي يعني (أيدي عاملة
مأجورة تعمل في الحصاد، وهي تسمية وردت كصفة سومرية تعني (المهاجر) أو (العابر
للحدود) أو بمعنى أوضح الغريب من خارج الوطن .
والملاحظ إن تسمية (الخابيرو)التي كانت تمثل مجموعة ظهرت في فترة
معاصرة لظهور العبرانيين وكانت تغزو فلسطين وتتوغل فيها من جهة الصحراء في فترة
كانت هذه البلاد خاضعة للنفوذ المصري، وقد ورد ذكرهم بشكل واضح في رسائل العمارنة،
وبعد هذا العصر لم يرد ذكرهم بعد ذلك، وظهر اسم (عبري) بدل تسمية (عابيرو – (خابيرو).
وان دل ذلك على شيء إنما يدل على اختفاء وامتزاج هذه الجماعات بين الاقوام
العبرانية بعد تركهم حياة الترحال والغزو واللصوصية. ورد اسم (الخابيرو) لأول مرة
في الكتابات والنصوص العائدة إلى عهد الملك الاكدي في أواخر الألف الثالث قبل الميلاد،
وقد وردت تسميتهم بمعنى (المحاربين)، أما في نصوص سلالة أور الثالثة حوالي 2050 ق
م فقد ظهرت التسمية بمعنى (بدو الصحراء)
أو (المكارين) و(سواق الحمير) أو (المرتزقة) أو الأجانب الساكنين خارج حدود المدن،
ولا يتبعون قوانينها ولا أعرافها.
أما في المصادر البابلية والآشورية فقد وردت، بصيغة (Gaz-Sa ) وتعني (قطاع الطرق المرتزقة) وهذا يدل على ان جذور
تحركات (الخابيرو) كانت قد انطلقت من بلاد الرافدين، ولم تأتي من بلاد النيل، وقد أخذت
هذه الكلمة منحى آخر في النصوص والكتابات المصرية .
والتي تعود إلى فترة القرنين التاسع عشر والثامن عشر قبل الميلاد،
فكانت كلمة (العابيرو) تعني (العابر) و(المتجول) و(البدوي) كما استخدمت للإشارة أيضا
إلى المجموعات التي كانت تهاجم بلاد الرافدين وحدود مصر، وتغير على أرض كنعان بين الآونة
والأخرى فتشيع الفوضى والاضطرابات، كما وردت بمعنى (الجندي المرتزق)، أي المستعد للانضمام
إلى صفوف أي جيش مقابل الحصول على الأجر أو الغنم.
بينما توصف جماعة (الخابيرو) في وثائق مدينة نوزى في القرن الخامس عشر قبل الميلاد
بأنهم (عبيد باختيارهم) لكن الكلمة كانت تستخدم للإشارةذ إلى كل العناصر الفوضوية في المجتمع،
وهذا يعني ان الكلمة ذات مدلول عرقي(الغرباء)، وأن لها في الوقت نفسه مدلولا
اجتماعيا وطبقيا.
وهناك مدلول آخر لكلمة (الخابيرو) في نص من وثائق نوزي يتحدث عن
شخصية غنية تدعى (تخيب تلا) وضع (الخابيرو) أنفسهم تحت تصرفه كعبيد شرط إذا ما
طلبوا تحررهم يتم ذلك لهم في بعض الحالات، مقابل أن عليهم أن يهيئوا عوضاً عنهم،
وفي حالات أخرى كان (تخيب تلال) يحتفظ بحقه في بيعهم بصفة أرقاء إذا ما رفضوا
العمل لديه.
التركيبة السكانية:
وفقا للتركيبة السكانية للخابيرو، وأنهم كانوا يعيشون خارج النظام الاجتماعي
لدول المنطقة، ويسكنون في معسكرات خاصة بعيدة عن المدن الكبيرة، وكانوا تحت قيادة
عشائرية منهم، وليس تحت سلطة مركزية.
كانت معسكرات أو تجمعات الخابرو تستقبل على الدوام الفارين واللصوص
والهاربين، ولهذا كانوا تركيبة غير سوية اجتماعيا وسلوكية.
وعلى مستوى النشاط الاقتصادي فكان الخابيرو فى أوقات السلم يقدمون بخدمة
أهل المدن في الحصاد وقطف المحصول، والنقل والعمل في خدمة القوافل التجارية، وفي أوقات
الحروب تخرج منهم عصابات تمارس السلب والنهب وتعمل كمرتزقة في جيوش الدول
المحتاربة.
إن هذه التركيبة السكانية كانت معروفة في ثقافة بلاد الرافدين،
فالنصوص السومرية تشيد إليهم بالرمز (GAZ-SA
وتعنى الجماعات التي تمتهن اللصوصية، ففي نص يعود إلى عهد الملك (شولجي
) الملك الثاني من ملوك سلالة أور الثالثة وصف هذه الجماعات بأنها: "لا يمكن
الوثوق بها، ورجالها يذهبون أينما يشاؤوا، ونسائهم تمضي كل الوقت في الغزل،
وينصبون خيامهم في أي مكان، ولا يخضعون لسلطة الملك.
واعتقد ان الصورة الآن قد اتضحت لعدم ذكر اى حضارة فى المنطقة لهم،
فما أهمية ان يدون أصحاب الحضارات تاريخ وحركات جماعة من المرتزقة واللصوص والعبيد
بالاختيار، لا يحترمون عهدا ولا يحفظون أمنا ولا يعرفون معروفا...
واعتقد أننا هنا نقدم دليلا لماذا كل هؤلاء الأنبياء أرسلهم الله
الى جماعة العبرانيين وبني إسرائيل ..... لان مثل هؤلاء يحتاج كل شخص منهم إلى نبى
....
0 تعليقات