عز الدين البغدادي
أمس خرجت لقضاء بعض حاجاتي وكان هناك زحام شديد جعلني اقرر الرجوع
الى البيت، كنت امشي وانظر في وجوه الزائرين الذين يقطعون الطريق من منطاق جنوب
بغداد باتجاه راهب آل محمد الإمام موسى بن جعفر (ع) أتأمل فيها، نساء عجائز، شباب،
رجال، نساء، وجوه أعرفها وجوه أهلنا التي تتدفق طيبة وصدقا.
لكن هل كان الخروج بهذا الشكل ضروريا في وقت عم فيه البلاء والوباء
حتى أغلقت المدارس، وتعطلت الحياة؟ وهل مطلوب منا فعلا من الناحية الشرعية ان
نمارس طقس المشي من المحافظات أم هي مجرد طقوس شعبية؟
في حديث ان النبي (ص) رأى شيخا يمشي بين ابنيه يتوكأ عليهما، فقال
النبي (ص): ما شأن هذا؟ قال ابناه: يا رسول الله، كان عليه نذر. فقال النبي (ص):
اركب أيّها الشيخ، فإن الله غني عنك وعن نذرك.
وفي لفظ أنّ النبيّ (ص) قال: "إنّ الله لغني عن تعذيب هذا
نفسه" وأمره أن يركب.
وفي حديث آخر: جاء رجل فقال يا رسول الله ان أختي نذرت أن تحج
ماشية فقال إن الله لا يصنع بشقاء أختك شيئا لتحج راكبة ثم لتكفر يمينها.
كما سئل الإمام جعفر الصادق (ع) عن الحج، ماشيا أفضل أو راكبا؟
فقال: بل راكبا، فإن رسول الله (ص) حجّ راكبا.
وفي لفظ آخر: الركوب أفضل من المشي، لأن رسول الله (ص) ركب.
حب آل محمد حب فطرة، لكن الدين ليس شعورا عاطفيا فقط، هو علم
ومنهج، الدين وعي وفهم وهو شيء وتضخيم الطقوس شيء آخر، كلما تضخمت الطقوس قلّ
الوعي، ولهذا تجد اكثر الناس حرصا عليها هم الملوك الظالمون والساسة الفاسدون ونوع
من الفقهاء يهمّهم ان يبقى الناس ضعفاء في وعيهم حتى يسيطروا عليهم.
الدين وعي وقيم، ومن قديم قال صاحب الذكرى موسى الكاظم (ع): ان
المؤمن أخذ دينه من ربه، ولم يأخذ دينه من هواه.
تصور لو ان هذه المسيرة خرجت ضد الفساد قبل 15 سنة مثلا، تصور لو
ان الفاسدين كانوا يخافون من الوعي الديني هل كانت الأمور ستستمر على هذه الحال؟
هي يعقل إننا نتدين بدين لا يخاف منه الظالمون ولا الفاسدون؟ بل يفرحون به
ويدافعون عنه ويحثون عليه.
عظم الله لكم الأجر ونسأله تعالى ان يبصّرنا ما نصلح به أمر ديننا
ودنيانا.
0 تعليقات