علي الأصولي
على أن هناك جملة من الروايات وان لم تصرح بالوجوب نصا إلا أنها
تدل عليه ظهورا بحسب الأصول، يعني فهم الوجوب منها من خلال ظهور صيغة الأمر المتفق
عليها أصوليا بالوجوب بصرف النظر عن بيان كيفية الاستفادة بنفسها أو بالقرائن
وسياقاتها، ويمكن استكشاف هذه الروايات من كتاب - كامل الزيارات - لابن قولوية -
والتهذيب - للطوسي، وابن المشهدي في كتاب - المزار - فراجع،
إذ أن فيها تام سندا ودلالة وفيها مخدوشة سندا أو دلالة أو دلالة
وسندا وبالجملة يمكن أن يستفاد المدعى من المجموع مجموع هذه الطائفة من الروايات،
ويمكن ومراجعة التفصيل الموسع من بحث استدلالي للشيخ رافد التميمي حول زيارة
الإمام الحسين(ع) ففيه الكفاية والعرض وقد أخذنا جملة من المناقشات الرجالية وهذا
البحث القيم،
منها: ما عن ابن قولوية في - كامل الزيارات - عن سيف بن عميرة عن
رجل عن أبي عبد الله(ع) قال: من لم يأت قبر الحسين(ع) وهو يزعم بأنه لنا شيعة حتى
يموت، فليس هو لنا بشيعة وان كان من أهل الجنة من ضيفان أهل الجنة،
وفيها أن هذه الآثار المترتبة على من ترك الزيارة تفيد الوجوب وعدم
الزيارة مفضية للخروج من التشيع والإيمان، وكل ذلك ظاهر في الوجوب، إلا أن مشكلة
الرواية الإرسال،
ومنها: بنفس المصدر، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر(ع) قال: من لم
يأت قبر الحسين(ع) من شيعتنا كان منتقص الإيمان منتقص الدين وان دخل الجنة كان دون
المؤمنين في الجنة،
فقول: منتقص الإيمان والدين لا يفضي إلا بترك واجب، بالتالي ظهور
الرواية بالوجوب، وجوب الزيارة، وبما أن الرواية وردت بعدة طرق فقد تم معالجة
الإشكال السندي بعد عدة مناقشات طفيفة،
ومنها: بنفس المصدر السابق، عن أبي الناب قال: سألت أبا عبد
الله(ع) عن زيارة قبر الحسين(ع) قال: نعم تعدل عمرة ولا ينبغي أن يتخلف عنه أكثر
من أربع سنين،
وظاهرها عدم جواز ترك الزيارة أكثر من هذه المدة وهذا دال على
الوجوب بالتالي، ولا يقال: بأن لفظ ينبغي قد يوهن المعنى، فهذا لا يهدم ظاهر عدم
جواز الترك لو خلي ونفسه ولا قرينة على الاستحباب لصرفها ومعنى لا ينبغي،
وكيفما كان: الرواية مرسلة من هذه الناحية فتترك على كل حال،
ومنها: بنفس المصدر، عن العمركي عن الإمام الصادق(ع) قوله ... فلا
ينبغي للمسلم أن يتخلف عن زيارة قبره أكثر من أربع سنين، إلا أنها مرسلة كسابقتها،
ومنها: بنفس المصدر، عن بشار عن أبي عبد الله(ع) قال: ... من كان
معسر فلم يتهيأ له حجة الإسلام فليأت قبر الحسين(ع) .. إلى أن قال: فذلك يجزيه عن
حجة الإسلام .. الخ ،
وفيها، تساوي رتبة الزيارة عن الحج في المعسر ولا تساوي رتبي إلا
بين الوجوبين وبنفس الملاكين،
ومعلوم أن الواجب لا يمكن استيفاءه بواجب آخر مع الإمكان إلا في
الواجب التخييري،
نعم: لعل أهم مناقشة وردت عليها هي لأحد الباحثين، وحاصلها: إن
الرواية ناظرة إلى الثواب الذي يفوت العبد لفوات الحج عليه بلحاظ الإعسار، فجاءت الرواية
كتعويض الثواب، ثواب الزيارة بثواب الحج،
نعم: هذه المناقشة، لازمها القول أن ثواب المستحب بقدر ثواب
الواجب، وأن كان يمكن دفع ذلك بأن الثواب ليس علة تامة للوجوب، وكيف كان: لا يمكن
والتمسك بالمدعى وهذه الرواية،
ومنها: بنفس المصدر، عن أبي أيوب عن الصادق(ع) قال: حق على الغني أن يأتي قبر
الحسين(ع) في السنة مرتين، وحق الفقير أن يأتيه في السنة مرة، وكما ترى تعميم الحق
يقتضي الوجوب على الكل، إلا اللهم يقال: بأن لا ملازمة بين الحق والوجوب إذ ليس كل
حق واجبا بل يمكن فهمه على أنه مستحب، ولكن ما نحن فيه تثبت الحق وتريد منه الحصة
الوجوبية بعد ملاحظة التحديد مرة أو مرتين في السنة وهذا أقل المجزي على أفضل
التقادير، والرواية تامة سندا،
ومنها: بنفس المصدر، عن عامر بن عمير وسعيد الأعرج عن أبي عبد
الله(ع) قال: ائتوا قبر الحسين(ع) في السنة مرة،
ودلالتها ظاهرة بالوجوب، وهي صحيحة السند،
ومنها: بنفس المصدر، عن محمد بن مروان عن أبي عبد الله(ع) قال:
سمعته يقول: زوروا قبر الحسين(ع) ولو كل سنة مرة، والرواية تامة سندا ودلالة،
وغيرها من الروايات الناصة على العدد فراجع مظانها، حيث الترغيب
والترهيب وضرورة عدم الجفوة وغير ذلك وظاهرها كالسابقات دلالة مع صحة السند لها في
الجملة،
الخلاصة:
بعد سرد الروايات ودلالتها
نصا وصراحة وظهورا بالوجوب، وجوب الزيارة،
وإفادتها للتواتر المعنوي فهل يمكن التمسك ودلالة وجوب زيارة قبر
الإمام الحسين(ع) كما فهم بعضهم أم لا؟
وقد لخص الباحث الشيخ رافد التميمي على أن مجموع المرويات منها ما
دل على أصل الوجوب دون تقييد بزمان وعدد، ومنها ما دل على وجوب تكرار الزيارة،
ومنها ما دل على وجوب الزيارة في كل أربع سنين، ومنها ما دل على وجوب الزيارة
بالسنة مرة واحدة للفقير ومرتين على الغني،
ومنها ما دل على وجوب الزيارة للقريب من كربلاء في كل شهر مرة
والبعيد كل ثلاث سنوات، وبالجملة الوجوب ثابت بصرف النظر عن فهم هذه التفريعات
الدلالية،
إلا أن هذا اللون من الروايات مخالف لروايات كثر تعارض الوجوب
وعليه الفتوى، حيث نص الفقهاء على الاستحباب،
بجملة من الروايات منها ما ساوت زيارة الإمام الحسين(ع) بزيارة
الإمام الكاظم(ع) بنص الإمام الرضا(ع) بل جعلت زيارة عبد العظيم الحسني كزيارة
الإمام الحسين(ع) كما في بعض رواية، وان كانت رواية زيارة عبد العظيم مرسلة
بالتالي،
وكيف كان: ذهب الشيخ التميمي على أن زيارة الإمام الحسين(ع) واجبة
كما في بحثه الاستدلالي، تبعا لابن قولوية والمفيد ومحمد المشهدي وابن حاتم
العاملي في - الدر النظيم - والمجلسي الأول، في - روضة المتقين - والمجلسي الثاني
في - البحار والحر العاملي في - الوسائل - باب وجوب زيارة الحسين(ع) .. والسيد علي
الطباطبائي في - الرياض –
والشيخ حسين آل عصفور في - سداد العباد –
وقد نقل عبد النبي العراقي في كتابه - الكنز الخفي - دراسة في
زيارة عاشوراء - عن الآخوند الخرساني حيث قال: بعد أن نقل تعارض الأخبار بين
الوجوب والاستحباب: وقد اختلف أيضا الأنظار في كيفية الجمع بين الأخبار فالمرحوم
شيخنا الأعظم الآخوند ملا كاظم حمل الأخبار الدالة على الوجوب على الوجوب
الاقتضائي وقال: إن غيبة ولي العصر(عج) مانعة من فعلية ذلك الوجوب، ولكن سيرتقي من
الوجوب الاقتضائي إلى الوجوب الفعلي بطلوع شمس الولاية من أفق الغيبة، شأن ذلك شأن
كثير من الواجبات الممنوعة الفعلية لعلة الغيبة، أنتهى: راجع التفصيل في كتاب -
زيارة الإمام الحسين(ع) بحث استدلالي في روايات الوجوب - للشيخ رافد التميمي حيث
ذهب ونتائج بحثه للوجوب تبعا لغيره،
أقول: لا وجوب فتوائي في البين وأما روايات الوجوب فهي وان كانت صحيحة سندا ودلالة في الجملة، إلا أننا نحمل معنى الوجوب المعصومي آنذاك على معنى ولائي لا فتوائي بحسب الظاهر والقرائن وعصر النصوص والى الله تصير الأمور ....
زيارة الإمام الحسين بين الوجوب والاستحباب .. (1)
...
0 تعليقات