علي الأصولي
ذكرت المصادر التاريخية التي أرخت مرحلة الغيبة وتحديدا بعد وفاة
الإمام الحسن العسكري(ع) أن الشيعة أو المجتمع الشيعي دخل في مقطع وفترة وجو
[الحيرة] نتيجة ظروف موضوعية وأخرى فنية سببت بشكل أو بآخر وهذه [الحيرة].
والحيرة هي في قصة وموضوعة ولادة الخلف من بعد الإمام العسكري(ع)
الذي فرض الجو السياسي والاجتماعي تعتيما نوعيا على موضوع الولادة،
إلا أن هذه [الحيرة] تم توظيفها كلاميا وتاريخيا والتشكيك بأصل
الولادة من جهة وإلغاء فكرة الإمام الموعود من جهة أخرى، ورتبوا قديما وحديثا على
هذه التوظيفات مبان وأفكار ومخرجات،
اجل: استغل لفظ ومدلول أو دلالة [الحيرة] وتعويمها بدوا من جهة
وسعة وشمول [الحيرة] من جهة أخرى بمعزل عن أسبابها الموضوعية ملابسات ظروفها.
فقدمت قراءة بناء على هذا الاستغلال التوظيفي لتحديد الحادثة
والفترة وبالتالي إنكار القضية من أصل،
وفي هذه الأسطر حاولنا والوقوف على المعنى الدلالي للفظ ومن ثم
قراءة الفترة بناء على المعنى وانتهاءا والوقوف على حقيقة السعة الجماهيرية التي
دخلت [بالحيرة]
[الحيرة] كمفهوم مأخوذ من - حار - وهو مفضي إلى عدم الوضوح بالرؤية
والموقف نحو - حيارى - صاحبهم التردد وعدم تحديد الموقف، وجامع المعنى الاضطراب
والتردد،
غير أن الأقلام قديما وحديثا وخصوم الفكرة أو القضية أو حتى
المشتبه منهم اخذ معنى لفظ [الحيرة] هو الإنكار بينما لا جامع دلالي ومساوقة
[الحيرة] واردة منها الإنكار .
غاية ما تدل [الحيرة] هو عدم اتخاذ الموقف بسبب تردد وعدم وضوح
رؤية وضبابية ونحو ذلك. بينما معنى الإنكار هو اتخاذ موقف من قضية ما، سواء كانت
هذه القضية حقة أم باطلة حاصلة أو غير حاصلة، واقعة او غير واقعة، بالتالي
اللاموقف لا يساوق الموقف، والنتيجة المتحصلة [الحيرة] لا تعني أكثر وعدم اتخاذ
موقف إنكاري بل غاية ما تفيد هو السكون وعدم القطع والبت،
اعتقد بأن هذا التقريب من الوضوح بمكان ومعنى[الحيرة] ودلالتها
اللغوية والاجتماعية والمعرفية، وقد اتضح بما لا مزيد عليه وكيفية توظيف اللفظ في
غير معناه تمهيدا لإنشاء مبنى معرفيا مغايرا وما يريده الآخر ،
إذن: نستخلص من كل ما ذكرناه أعلاه علاوة على المغالطة وسوء
التوظيف. أن من أصحابتهم [الحيرة] يؤمنون برتبة سابقة بقضية الإمام غاية ما في
الأمر لم يقم عندهم دليل حسي أو تواتري وولادته. وهذا راجع لأسباب كثيرة منها وجود
اللغط في الوسط الشيعي وتفرقهم وعدم وجود مركزية معصومية يرجعون إليها في حل كبرى
المعضلات كما كان في السابق في تواريخ أئمة الدين(ع) وحل مشكلات الشيعة، ولذا حصل
في هذه الفترة التي نحن بصدد بيانها نوع تزلزل في الموقف الشيعي في الجملة.
إلا أن أنجلت الغبرة شيئا فشيئا ورجعت قطاعات من الشيعة عن ترددهم
وحيرتهم على ما سوف تعرف،
على أننا ينبغي أن نفهم كون أن [الحيرة] لم تكن عامة وشاملة بين
صفوف الشيعة فلا الخلص من الأصحاب والمقربين على البيت المعصومي وقع في [الحيرة]
ولا العوائل الشيعة المقربة من بعض وكلاء الإمام العسكري(ع) دخولوا في حيص بيص وما
يسمى [الحيرة] بل غاية من احتار جماعات شيعية وأكثرها بعيدة عن المراكز والعواصم.
بالتالي الجمهور الشيعي بمنأى وهذه [الحيرة] وان كان سبب اللغط هو ما كتبه جملة من
ارخ لتلك المرحلة حيث كتب - الاشعري القمي كتابا بعنوان - المقالات والفرق - و
النوبختي في كتابه - فرق الشيعة - حيث تعرضوا لعدد من الفرق الشيعية وأرائها
الدينية الكلامية. وأخذ من جاء بعدهم عنوان لفظ - الفرق - فهي جمع - فرقة - فهول
من هول بدون إحصاء يذكر لهذه الفرق أو المسماة بالفرق، على اننا وجدنا بعض
الاتجاهات الكلامية في كتاب - الملل والنحل - مسماة بفرقة أو مذهب مع أن اتباعها
ثلاثة أنفر أو يزيد ،
نعم: يمكن حصر الفرق الشيعية على أيام [الحيرة] إجمالا بما أورده
بعض المؤرخين بما أفاد: وافترقت الشيعة بعد وفاة أبو محمد وتشتت أنصاره. فمنهم من انتهى
الى جعفر ومنهم من وقف تاه وشك ومنهم من وقفت عليه الحيرة ومنهم من ثبت بتوفيق
الله عز وجل .. وكما ترى تحديد إجمالي لعدد الفرق لا حجم الفرق،
النعماني في - غيبته - نص على أن الجمهور منهم - أي من الشيعة - من
يقول بالخلف .. وهذا النص كاشف على أن ما عدا الجمهور هو شرذمة، والكلام طويل
تجنبت التطويل خوفا من الملل المهم هو الوقوف على جهل المنهجيات سوء التوظيفات في
مثل هذه الحالات. والى الله تصير الأمور ..
0 تعليقات