محمود جابر
كثيرا ما نسمع عن العلويين، وبعضنا يعتقد أنهم دين قائم بذاته،
والبعض الآخر يرى أنهم أحد فرق المسلمين المنحرفة أو المغاليين فى الأئمة إلى إلى
درجة العبودية .
وإذا سألت أحدهم عن مصدر معرفته، ويقينه فى هذه المعرفة يتحير
ويحيلك إلى فلان أو إلى السماع، والبعض الثالث يحيلك على تراكمات من السماع وقشور
المعرفة .
وحين نتناول قضية معرفة العلويين كقضية معرفية وكموضوع للحديث؛ فإننا
لا بد وأن نأخذ بالاعتبار تجاوز أزمتين؛ أزمة المحددات أولاً وأزمة الدلالة. وذلك
لارتباطهما الوثيق بالأيديولوجيا التي تصبغ هذا الموضوع بطابع ظنى ومذهبى..
ولأننا ندخل إلى عالم المعرفة من باب الثنائيات ونفى الآخر فإن عقولنا جاهزة لفكرة
نفى الآخر واتهامه، بيد أننا هنا نريد أن ندخل إلى هذا الموضوع من باب التنوع والإثراء،
والتحرر من الذات الثقافية من أجل الولوج لذات الآخر بحيادية دون تحيز متحليين بقلق الإبداع فى المعرفة كمحفز لبناء المعرفة
والوعي التاريخ ومقاومة أشكال الهيمنة المُكبِلة والمُثبّطة للقدرات المعرفية،
وشعور الاستلاب الكامن فى ثقافتنا.
وهذا لا يتطلب منك سوى الجهد الدؤوب فى القراءة والاستيعاب وتجاوز
الروح الانطباعية التي تفرز نمطا عقليا مغيبا ومقوقعا فى المعرفة المؤدلجة.
العلويين أو النصيرية هى فرقة من فرق المسلمين وهم من بقايا القبائل العربية التي قاتلت مع الإمام علي بن أبي طالب في معركة صفين، وهم بذلك جزء من شيعة علي بن أب طالب الأوائل و انه لا يميزهم عن الشيعة الجعفرية الإمامية شيء من حيث مضمون الاعتقاد ككل، حيث يؤمنون بالأصول الخمس للشيعة الجعفرية والتى هى :
التوحيد، والعدل، والنبوة، والإمامة، والمعاد .
العلويون أصل التسمية :
مما سبق يتضح أن كلمة علويين أى شيعية علي بن أبى طالب، ولديهم حديث يستندون فيه إلى أن هذه التسمية تعود إلى زمن النبى صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال لعلي عليه السلام: "هذا جبرئيل يخبرني عن الله أن الله يبعثك وشيعتك يوم القيامة ركبانا غير رجال على نجائب رحلها من النور، فتناخ عند قبورهم فيقال لهم: اركبوا يا أولياء الله، فيركبون صفا معتدلا أنت إمامهم إلى الجنة حتى إذا صاروا إلى الفحص ثارت في وجوههم ريح يقال لها: المثيرة فتذري في وجوههم المسك الأذفر، فينادون بصوت لهم: نحن العلويون، فيقال لهم: فأنتم آمنون ولا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون". المجلسى بحار الأنوار ...
وبهذا فالعلويين يقولون أن من سماهم علويين هو النبى صلى الله عليه وآله، وكان الاسم يطلق على عموم الشيعة او عموم آل على بن أبى طالب ثم أصبح يخصص لهذه الفرقة وحدها .
وهناك مصدر آخر للاسم، حينما توفى الإمام التاسع محمد بن علي بن موسى بن جعفر المعروف بـالجواد عليه السلام اختلف الشيعة فيمن يلى الإمامة بعده فبعضهم انتصر لإمامة ابنه موسى وكان محمد بن نُصير النميرى ممن ناصر الإمام على الهادى بن بمحمد الجواد، وبهذا سموا العلويين لانحيازهم للإمام على الهادى .
وهذا ما ورد فى سبب تسميتهم بالعلويين ...
أما سبب تسميتهم بالنصيريين ...
الأول: لأنّه لما فتحت جهات بعلبك وحمص استمد أبو عبيدة الجراح
نجدة، فأتاه من العراق خالد بن الوليد، ومن مصر عمرو بن العاص، وأتاه من المدينة
جماعة من أتباع علي وهم ممّن حضروا بيعة غدير خم، وهم من الأنصار، وعددهم يزيد عن
أربع مئة وخمسين، فسميت هذه القوة الصغيرة، نصيرية، إذ كان من قواعد الجهاد تمليك
الأرض التي يفتحها الجيش لذلك الجيش نفسه، فقد سميت الأراضي التي امتلكها جماعة
النصيرية: جبل النصيرية، وهو عبارة عن جهات جبل الحلو وبعض قضاء العمرانية المعروف
الآن ثمّ أصبح هذا الاسم علماً خاصاً لكلّ جبال العلويين من جبل لبنان إلى أنطاكية.
الثانى : هم اتباع أبو شعيب محمد بن نصير النميرى الباب الشرعي للإمام
الحسن العسكري(ع) في المنهاج العلوي الأصيل، إلا أنهم يفضلون عليه تسمية العلويون
لأنهم من وجهة نظرهم أتباع علي بن أبي طالب و أنصاره في الأساس و يذكرون في هذا
حديثا نبويا في كتبهم : أنّ الذي أطلق عليهم هذا الاسم هو نبيّ الأمة ورسول الرحمة
سيّدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم حيث يقول في بعض أحاديثه: (ألا أنّ شيعة علي
يقولون يوم القيامة نحن العلويون فتقول لهم الملائكة أنتم الآمنون ولا خوف عليكم
ولا أنتم تحزنون).
والعلويين يرفضون فكرة نسبتهم إلى شخص بعينه على اعتبار أن أفكارها
تنبع مباشرة من النبي محمد (ص) الذي بين ولاية علي و أمر بها .
وأما ما نُسِبَ إليهم من الغلو في الأئمة لا أساس له من الصحة , كيف ذلك وهو- محمد بن نصير- من جُلساء الأئمة المعصومين والموثوق عندهم والمُلتزم بنهجهم الشريف وما ذلك إلا
من قبيل بعض حسّاده وهذا البلاء عانى منه الكثيرون. وإنّ العلويين عندما قالوا
بمدحه فعلى أساس علوّ كعبه وصفاء عقيدته وصحّة رواياته التي اعتمدها كبار العلماء,
وبالنتيجة فإنا نقول بأنّ المعصومين (ع) أولى باختيار جلسائهم والمتحدثين عنهم,
ولم يرد إلينا نصٌ من قبل الأئمة الذين عاصرهم يدل على عدم موثوقيته أو التشكيك
بعقيدته.
وللحديث بقية
0 تعليقات