آخر الأخبار

تصريح مكناس: أول وثيقة دولية وضعتها دولة إسلامية لمنع الرق ( 1777م )

 

 





 

لقد عرف المغرب الأقصى على عهد السلطان العلوي محمد الثالث فترة انفتاح تجلت في العلاقات التي ربطته مع باقي جهات العالم الإسلامي كـالدولة العثمانية و أشراف الحجاز وكذا مع باقي الدول الأوروبية والولايات الأمريكية والآسيوية.

 

وقد خلف هذا النشاط الدبلوماسي تراثا وثائقيا ضخما يتوزع بين مكتبات وأرشيفات العالم من رسائل واتفاقيات ومعاهدات وغيرها، من ذلك معاهدة دولية تمنع الرّق والعبودية تعرف بـتصريح مكناس، كما سماها مؤرخ المملكة المغربيية الدكتور عبد الهادي التازي.

 

تذكر المصادر التاريخية أن السلطان العلوي محمد بن عبد الله ألهمه الله، ذات يوم من أيام ملكه، وهو يتلو الآية الكريمة : " يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة " إلى الدعوة إلى منع الرّق والعبودية بإعداده لمشروع معاهدة تقضي بدعوة سائر ملوك ورؤساء العالم إلى إلغاء الرّق والإفراج عن سائر الأسرى. وذلك بإصدار بيان " تصريح مكناس " في 7 شعبان 1191هـ الموافق لـ 10 ديسمبر 1777م والذي يحتوي على خمسة فصول ينظم في فصولها الثلاث الأولى عمل فداء الأسارى بشكل يؤسس للقضاء على العملية وذلك بتوحيد الفدية بين مختلف الأسرى دون اعتبار و القرار برفع الأسر بعد مرور سنة مع منع التشبت بالأسرى ورفض فدائهم. كما أن الفصل الرابع يمنع الأسر كلية على من تجاوز 70 سنة والمرأة المطلقة مهما كان سنها.

 

أما الفصل الأخير فينص على منع التعرض للمراكب الحاملة للقوت إلى قوم جائعين خوفا من هلاكهم مسلمين كانوا أو نصارى.

ولم يكتف السلطان محمد الثالث بالإعلان عن هذا التصريح، بل جند عددا من سفرائه الذي بثهم في بلاد أوروبا وكذا آسيا ليطلب إلى تلك الدول، بدون استثناء، أن تنضم إلى هذا التصريح الغير المسبوق. وفِي طليعة هؤلاء السفراء نجد السفير محمد بن عبد الوهاب بن عثمان المكناسي الذي ذهب إلى كل من اسبانيا ونابولي ومالطة وإيطاليا و السفير محمد بن عبد الملك الذي مثل المملكة المغربية بكل من سان بطرسبورغ (روسيا )و فيينا ( النمسا ). أضف إلى ذلك القائد المغربي الطاهر فنيش الذي ذهب إلى باريس عقب غرق السفينة الفرنسية بشواطئ رأس بوجدور التي أسعفها المغاربة.

 

ذلك أن مهمة السفير فنيش هذا كانت تتناول أيضا تبليغ الجهات الفرنسية بأمر هذا الاتفاق، بل ومفاتحة سائر البعثات الدبلوماسية الأجنبية المعتمدة بالعاصمة الفرنسية بشأنه.

 

ونشير كذلك إلى التحاق دول أخرى بهذا الاتفاق كهولندا و كذا السويد، فسفير ستوكهولم بالمغرب الكولونيل البارون سطرومفيل شهد بدوره اتفاق المغرب والسويد حول هذا التصريح.

 

ونص المعاهدة هي كالتالي:

" الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وءاله وصحبه

الخاتم السلطاني : محمد ابن عبد الله ابن إسماعيل الله وليه ومولاه. وبدائرته: ومن تكن برسول الله نصرته ٠٠٠ إن تلقه الأسد في آجامها تجم.

 

يعلم من هذا الكتاب الكريم أسماه الله وأعزه أننا عقدنا مع جنس الموسكوس هذه العقدة التي تتضمن الاستلزام بهذه الفصول المذكورة في هذا الكتاب لما رأينا في ذلك من الصلاح والسدد والرفق للجانبين وذلك على سبيل الدوام والتأبيد إن شاء الله .

الفصل الأول: إن العمل في فداء الأسارى مسلمين ونصارى رأس برأس مسلم في نصراني ونصراني في مسلم ولا يزاد على ذلك من الجانبين.

 

الفصل الثاني: إذا كان لكم أساري عندنا ولكم يكن عندكم أساري مسلمين تفدون بهم إخوانكم أو كان لنا أساري عندكم ولم يكن عندنا من جنسكم ما نفدي به أسارانا فإن الجانب الذي لم يكن عنده أسرى يعطي ماية ريال كبيرة عن كل أسير والأسارى كلهم سواء لا يعتبر فيهم غني ولا فقير ولا مرتبة.

 

الفصل الثالث: عند رأس كل سنة يكون فداء الأسرى على الوجه المذكور وهو رأس برأس إذا كان الأسرى موجودين في الجانبين أو ماية ريال عن كل أسير على الجانب الذي لم يكن عنده أسارى ولا يبقى الأسير في الأسر أكثر من سنة وإذا كان أسير عند أحد من الرعية فالسلطان يلزمه الفداء على الوجه المذكور.

 

الفصل الرابع: الشيخ الذي جاوز سبعين سنة والمرأة مطلقا كيفما كانت كبيرة أو صغيرة لا سبيل لأحد عليهم ولا يؤسرون.

 

الفصل الخامس: المركب الحامل للقوت وهو القمح والشعير والروز وجميع الحبوب وأما الادام مثل الزيت والسمن واللحم والعسل فليسوا من القوت وسواء حمل القوت من بلاد المسلمين أو من بلاد النصارى فلا يتعرض له أحد من المسلمين ولا من النصارى لأنه يمكن أن يكون متوجها به إلى قوم جائعين فإذا حيل بينهم وبين ذلك القوت هلكوا ويكون متسببا في هلاك طائفة من المخلوقات وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم : في كل ذي كبد حراء أجر ، وإذا كان في مركب القوت مال أو سلعة فإن السلعة والمال يوخذ والمركب والبحرية والقوت لا يتعرض لهم أحد. وفِي سابع من شعبان عام إحدى وتسعين وماية وألف. " انتهى

 

فهذه الوثيقة تدل على أن المسلمين طالبوا بمنع الرق من دون سبب مادي معين بل لأن دينهم شجعهم على عتق العبيد.

 

أما الغرب فإنه لم يتخلى عن الرق إلا بعد أن أصبحت تجارة الرق غير مربحة ماديا، و في ذلك يقول عالم الاقتصاد الأمريكي بيل في جريدة Mony week البريطانية:" هل بعد تقبل العبودية لالاف وعشرات الالف من السنين صار العالم فجاة اكثر تنويرا واكتشف ان العبودية خطا؟ بل السبب الحقيقي هو اقتصاد الثورة الصناعية والمكننة أي آلة الإنتاج .

 

وقال ايضا: ان العبودية لم تعد مربحة.

راجع الرابط التالي الذي قيل فيه:

 The real reason slavery was abolished

 

في الصور المرفقة:

-صورة السلطان محمد بن عبد الله

-موكب سفير المغرب الظاهر فنيش بالعاصمة الفرنسية باريس

#منقول بتصرف

 

إرسال تعليق

0 تعليقات