فرقد الحسيني القزويني
ما يوم حليمة بسر
معركة حليمة حدثت في سنة ٥٤٤م على مقربة من قنسرين .
هامش/ قنسرين/ معناها /قن النسور موقع أثري سوري في هضبة حلب
الجنوبية يبعد الموقع حوالي ٣٠ كم تقريبا عن مدينة حلب وتعرف الآن بالعيس على سفح
جبل العيس الجنوبي. كما تعرف أيضا بـ اسكي حلب.
وتاريخيآ كانت قنسرين ذات أهمية كبيرة بالنسبة للكنيسة السريانية
الأرثوذكسية فكانت تحتوي على مدرسة لاهوتية ضاهت مدرستي الرها ونصيبين.
..........................
ويظهر من الأخبار أن المنذر كان قد هاجم بلاد الشأم وتوغل فيها حتى
وصل إلى حدود قنسرين فصرع هناك.حدث ذلك في السنة السابعة والعشرين من حكم
يوسطنيانوس/جستنيان / على رواية ابن العبري.
وقد كان سبب اختلاف الحارث مع المنذر. تنازعهما على أرض يطلق الروم
عليها اسم ستارتا جنوب تدمر هذه المنطقة تمر بها الطرق البرية الموصلة إلى بلاد
الشأم وهي من الطرق العسكرية المهمة ومرعى مهم للأعراب يرعى فيها أعراب العراق
وأعراب بلاد الشأم.
ألف جستنيان لجنة تحكيم لكنها لم تتمكن من فض النزاع. وقد اتهم
الفرس أعداءهم الروم بأنهم يريدون الاتصال سرًّا بالمنذر ورشوته لتحريضه على
القيام على الفرس.
وقد ذكر ابن العبري في أثناء كلامه على هذه الحرب أن برحيرت / أي
ابن الحارث/ سقط قتيلًا في الحرب. وهذا ما ذكرناه سابقا
كان الحارث من أنصار المنوفستيين أي القائلين بوجود طبيعة واحدة في
المسيح ويقال إنه سعى لدى الإمبراطورة ثيودورة زوجة جستنيان في تعيين يعقوب
البرادعي ورفيقه ثيودورس أسقفين للمقاطعات السورية العربية. فنجح في مسعاه هذا في
سنة ٥٤٣م فتوطد هذا المذهب في بلاد الشام .
سؤال/ من هو يعقوب البرادعي؟
الجواب/يعقوب البرادعي قديس سرياني مكرم في الكنائس الأرثوذكسية
المشرقية اسمه الحقيقي يعقوب بار اي ابن ثيوفيلوس.المولود سنة ٥٠٥م والمتوفى سنة
٥٧٨م.
سمي البرادعي بسبب لباس الشحاذين المهترئ الذي كان يلبسه من أجل
إخفاء مكانته من أعين السلطات في فترة اضطهاد المسيحيين الذين رفضوا مجمع
خلقيدونية حيث كان يقوم برحلات سرية في سوريا وبلاد الرافدين.
في النصف الأول من القرن السادس ضعفت الكنيسة السريانية التي كانت
توصف بالمونوفيزية بسبب أتباع تعاليم مجمع خلقيدونية الذي اعتبرها هرطقة اضافة للخلافات
الداخلية ومعارضة الإمبراطور جستنيان الأول وكادت تنقرض خاصة مع موت بطريركها
سويريوس سنة ٥٣٨.لكن دعم الإمبراطورة ثيودورا / زوجة جستنيان/ أصبح يعقوب أسقفاً
عاماً للرها وسوريا وآسيا الصغرى في سنة ٥٤٣ م .
...................
وهنا سؤال موجه إليكم احبتي مفاده/ كيف توفق بين الأخبار التي تقول
ان البرادعي في عهد الملكة ماوية وبين القول أنه في عهد الحارث الغساني المتوفى
سنة ٥٦٩م في سنة فتح مكه لكونه اي الحارث من جملة الملوك الذين بعث إليهم النبي
صلى الله عليه واله وسلم رسالة/فإذا علمت ان النبي صلى الله واله عليه وسلم توفى
بعد ٣ سنوات من فتحها / أي سنة ٥٧١م أو ٥٧٢م/ والبرادعي متوفى سنة ٥٧٨م ؟
أرجو التمعن في المحاضرات
السابقة والتركيز على كل كلمة/ نعم وإن كانت الأسماء والإحداث معقدة ولكنكم أهل
لحل الصعاب وكشف الحقيقة
............................
قلنا / معارضة مذهب اليعاقبة أتباع يعقوب البرادعي لمذهب الكنيسة
الرسمي للإمبراطورية اعتبرت هذا المذهب من المذاهب المنشقة المعارضة فقاوموه
وطاردوا أصحابه ولا سيما في أيام القيصر يوسطنيانوس/ جستنيان / باعتباره مذهبًا من
المذاهب المناهضة لسياسة الملوك والدولة كمعارضة الأحزاب السياسية في الزمن
الحاضر. إلا أن الحارث وبمساندة زوجة جستنيان سعى جهد إمكانه في تخفيف حدة غضب
الحكومة على رجال هذا المذهب ومن التقريب ما أمكن بين آراء رجال الكنيستين. ولجهود
الحارث ومسعاه في حماية هذا المذهب فضل كبير ولا شك في بقائه وفي انتشاره بين
السريان وعرب الشأم كما يقول المؤرخون.
زار الحارث القسطنطينية في تشرين الثاني سنة ٥٦٣م فاستقبل
استقبالًا حافلًا. وأثر أثرًا عميقًا في نفوس أهل العاصمة وفي رجال القصر والحاشية
ويقال إن رجال البلاط كانوا يخوّفون القيصر يوسطينوس/ جستنيان/ بعد خرفه بالحارث
فكان يهدأ ويسكت روعه حين سماعه اسمه.
والظاهر أن الغاية التي من أجلها ذهب الحارث إلى القسطنطينية هي
مفاوضة رجال الحكم فيمن سيخلفه على عرشه بعد وفاته من أولاده وفي السياسة التي يجب
سلوكها ملك الحيرة. ؟؟؟/هذه النقطة مهمة وجديرة بالبحث/
وإلى هذا الحارث قصد امرؤ القيس الكندي الشاعر ليوصله إلى القيصر
ليشكو له ظلامته ويطلب منه مساعدته في استرجاع حقه وأخذه بالثأر حسب رواية الإخباريين.
سؤال /من هو امرؤ القيس؟
الجواب/ هو جندح بن حُجر بن الحارث الكندي المولود سنة ٥٠٠م
والمتوفى في أنقرة سنة ٥٤٠م على ما ذكره حنا فاخوري في جامعه. اشتُهر بلقب إمْرئ
القَيْس شاعر عربي ذو مكانة رفيعة يُعد رأس شعراء العرب وأحد أبرزهم في التاريخ.
يلقب بالمَلكُ الضِّلّيل وذو القروح وكُني بأبي وهب وأبي زيد وأبي
الحارث./ على هذا يكون معاصرا للإسلام/؟؟
وإلى الحارث الأعرج تنسب قصة مطالبة السموءل بن عاديا بإعادة دروع
امرئ القيس التي أودعها لديه في القصة الشهيرة التي يحكيها الإخباريون في معرض
كلامهم على امرئ القيس وقصة السموءل والوفاء.
هامش/السموأل بن عادياء هو أحد أشهر شعراء اليهود العرب ولد في
نهايات القرن الخامس وتوفي في عام ٥٦٠ م .
كان مشهوراً بالوفاء بل وكان أحد رموز الوفاء لدى العرب
وهناك جماعة من الإخباريين ترى أن الحارث الذي طالب بتسليم دروع
امرئ القيس إليه هو شخص آخر اسمه الحارث بن ظالم. ولكنها لم تذكر الصلة التي كانت
بينهما.
من خلال الوثائق الكنسية التي يعود تأريخها إلى سنتي ٥٦٨م و٥٦٩م وإلى
ربيع سنة ٥٧٠م كان اسم الحارث مذكورا ثم حلّ مكانه اسم ابنه المنذر في محله.
وعليه يمكن القول أن ٥٧٠م سنة وفاة الحارث الغساني. وهي على مشهور
المسلمين سنة ولادة النبي صلى الله عليه واله وسلم.
............................
الملك الغساني السابع/ المنذر بن الحارث بن جبلة / حكم المنذر من
سنة ٥٧٠م إلى سنة ٥٨١م .
عرف المنذر باسم المندروس عند اليونان والسريان.
استهل حكمه بالحرب مع ملك الحيرة فانتصر عليهم في يوم ٢٠ أيار سنة
٥٧٠م .
حدث سوء تفاهم بين القيصر يسطينوس/ وهو الإمبراطور
جستين/الإمبراطور جستين يوستينوس الثاني حكم من ٥٦٥م حتى ٥٧٨م وهو ابن أخ
الإمبراطور السابق له جستينيان الأول. أتسم عهده بتجدد الحرب مع الفرس. كما وأتسم
عهده بالتسامح مع جميع المذاهب المسيحية المختلفة وذلك علي خلاف عمه جستينيان/.
وبين المنذر تطور حتى صار قطيعة. ولما أحس المنذر بأن القيصر قد
دبر له مؤامرة وأنه أمر عامله البطريق مرقيانوس بأن يحتال عليه ليقتله بعد أن تمرد
على الروم فغادر أرضهم إلى البادية فانتهز عرب الحيرة هذه الفرصة المؤاتية فأمعنوا
في غزو بلاد الشام وإيقاع الرعب في نفوس سكان القرى المجاورة لهذه الحدود مما حمل
الروم على مراسلة المنذر والتودد إليه لاسترضائه حتى إذا ما تلطف الجو أرسلوا إليه
البطريق يوسطنيانوس ليجتمع به في مدينة الرصافة عند قبر القديس سرجيوس لإقناعه
بترك موقفه والموافقة على العودة إلى محله.
وعند القبر المقدس عقد الصلح بينهما في صيف سنة ٥٧٨م .
فعاد المنذر إلى أرضه ليقوم بالدفاع عن حدود الشأم.
سؤال/ ماهي قصة القديس سرجيوس؟
الجواب / كان سرجيوس وباخوس من نبلاء روما وقد شغلا مناصب عسكرية
مهمة رغم صغر سنهما في زمن الإمبراطور مكسيميانوس.
ولما عرف الإمبراطور أنهما مسيحيان. اغتاظ غيظاً شديداً وأمر للحال
بنزع أثوابهما وخاتميهما وكل علائم الرفعة عنهما وإلباسهما أثواباً نسائية. ثم
وضعوا أغلالاً حول عنقيهما وساقوهما وسط المدينة للهزء والسخرية. ثم أمر
الإمبراطور بترحيلهما إلى مدينة عند نهر الفرات اسمها بالس/ تعتبر مدينة بالس عقدة
مواصلات بين الجزيرة وبلاد الشام فهي مرفأ حلب على الفرات وكانت مقر حاكم المشرق
انطيوخوس.
وكان انطيوخوس قد خدم تحت إمرة سرجيوس وكان مشهوراً بشراسته وعدائه
للمسيحيين.
فلما وصلا اليه ألقى سرجيوس في السجن وسلّم باخوس للمعذبين الذين
ضربوه ضرباً مبرحاً إلى أن فاضت روحه. أما سرجيوس فانتظر الحاكم بضعة أيام ثم ساقه
إلى قرية سورية تعرف بالرصافة قريبة من بالس على بعد حوالي مئتي كيلومتر إلى الشرق
من حلب وهناك أمر به فقطعت هامته.
فأضحى المكان الذي دفن فيه سرجيوس مقاماً تتقاطر إليه الناس من كل
صوب حتى إنه أصبح مدينة تعرف باسم سرجيو بوليس أي /مدينة سرجيوس/.
ويقال أن أول كنيسة بنيت له كانت في بصرى حوران سنة ٥١٢م. اي في
عهد الحارث الغساني.
......................
أشار ابن العبري / إلى المعركة التي جرت بين المنذر الغساني وملك
الحيرة الذي سماه قابوس فقال / أن العرب طياية كانوا منقسمين إلى جماعتين: جماعة
المنذر بن الحارث /منذر برحيرت/ وكان نصرانيًّا وكذلك كان جنوده.
وجماعة قابوس/ ماهو دين قابوس لم يذكره اوليست الحيرة في ذلك الوقت
اشتهرت بكثرة كنائسها/.
فهاجم قابوس وجنوده العرب النصارى/ تمعن واقرأ ما بين السطور/
واستاق ما وجده أمامه من ماشية ثم قفل إلى بلاده. فلما رأى المنذر ما حدث جمع
جيشًا هجم به على قابوس فتغلب عليه ورجع بغنائم عديدة وعدد كبير من الإبل. وعاد
قابوس فهاجم المنذر. غير أنه مُني بهزيمة ثانية اضطرته إلى طلب النجدة من الفرس.
فأخبر القيصر يسطينوس/ جيستين/ بذلك وطلب منه إمداده بالمال ليؤلف به جيشًا يقف
أمام الفرس فاستاء القيصر منه وقرر التخلص منه بقتله لظنه................
للحديث بقية بإذن الله تعالى.
0 تعليقات