علي الأصولي
بالأحرى صياغة السؤال بمفاد لماذا خلق الله الشيطان شيطانا؟
والإجابة على هذا السؤال سوف يكون بمنحى فلسفي وتكون بالتالي ضمن
سلسلة {بحث حول الشيطان} ومن المناسب ونقل شرح نظرية الآخوند ومسألة السعادة
والشقاوة لتقريب المطلب، وحاصل الإجابة: إن الله لم يجعل الشيء بل أوجده فقط. وضرب
المثال المشهور وهو أن الله لم يجعل المشمشة مشمشة بل أوجدها. وهذا المثال ذكره
ابن سينا في فلسفته. حيث أن الحكماء قالوا: في سبيل تفسير العدل الإلهي أن المشكلة
في قابلية القابل لا في فاعلية الفاعل،
ولكن لازم هذا القول - ما جعل الله المشمس مشمشا بل أوجدها - هو أن
المشمش لم يوجد بل ظهر وهنا يثار السؤال الحيوي، وهو من أودع هذه الصفة للمشمش؟
فإن قيل الله سبحانه فهذا يعني الرجوع للمربع الأول وهو الجبر وان
قيل غيره فمن هو بالتالي؟
ومن هنا قالوا: في البحوث الفلسفية والكلامية، أن الجعل المراد منه
هو الجعل الذاتي وبالتالي لا يعلل أي لا يقال له لماذا والله تعالى لا يسأل عما
يفعل،
ولذا كانت عبارة الجعل الذاتي في المشمش حيث أوجده الله بذاتياته
التي حصل عليها من الخارج وبه امتاز المشمش عن غيره من الفواكه، ولذا قالوا: إن
هذا الجعل هو بسيط وفي قبال هذا الجعل البسيط الجعل المركب الذي يسمى بالجعل
التوليفي أو التأليفي فإنه يكون بعد أن تحصل الشيء. ويحصل ذلك بإنضياف الأعراض أو
الخواص العرضية التي لا دخل لها في أصول الشيء وتكونه وتحصله حقيقة برأسه ومعلوم
أن المشمش قد تحصل مشمشا لأن الله تعالى قد جعله بالجعل البسيط مشمشا فأوجد
ذاتياته، وذاتيات الشيء جنسه وفصله.
بعبارة أخرى: أن المشمشة مستعدة بذاتها أن تكون مشمشة لا غير دون أن يعني ذلك أنها موجودة قبل، بل المراد هو نفي صحة ما نتوهمه أن الشيء الذي كان من الممكن أن يوجد كمثرى أو مشمشة ثم إيجادها مشمشة ولم يخلفه كمثرى، وهذا هو العدل بإعطاء كل موجود ما يستحقه.( راجع شرح منهج الأصول ج٣ ففيه التفصيل)
0 تعليقات