"رأفت السويركي"
ينصبون الملطمة حول "سد الأحباش"... لترويج أمنياتهم بــ
"عجز الدولة المصرية" !!
------------------------------------------------------------------
أحجم كثيراً عن التعامل إلاَّ اللَّمم مع موضوعة "سد
الحبشة" والتي صارت تفرض نفسها على الفضاء الافتراضوي؛ بتكثيف مقصود يمثل في
حقيقته إحدى ظواهر "حروب الجيل الخامس" التي نعيشها في المنطقة وتمثلت
أبرز ظواهرها في تجربة "الربيع العبروي المتصهين"؛ القائمة عبر وسائط
التواصل الاجتماعوي على استصناع الاحتشادات الجمعوية غير المدركة لوظائفيتها
المحددة في إطار ما سُمِّي "سيناريو الشرق الأوسط الجديد".
وإذا كانت المرحلة الأولى من هذه السيناريوهات حققت نجاحاتها
بالتدمير الفعلي لنظام الدولة في ليبيا وسوريا والعراق واليمن؛ فإن ما بقي في
المنطقة في حد الامتناع (مصر أنموذجاً) يحتاج وفق هذه المخططات إلى نمط مغاير من
سيناريوهات ذلك السرطان السياسوي لهدم "الدولة القومية/ الوطنية"؛ عبر
استدراج قوة الدولة المنيعة والحامية (الجيش المصري أنموذجا) إلى مخطط الإنهاك
بمعارك ذات إندفاعات غير محسوبة؛ ولا أحد من "غوغاء الفضاء الافتراضوي"
يدرك راهنا تفاصيل ذلك المخطط التحريضوي؛ لذلك فهم يقومون بالتنظير الأبله بكثافة
تجاه مشكلة ذلك السد؛ عبر الصراخ الأحمق بضرورة تفعيل خيار الحل العسكري.
وإذا كان هذا الفعل هو الممثل الحاسم للحل الناجع؛ فإن "سوقة"
الفضاء الافتراضوي من النخبة التي تمارس الاستعراض متوهمة أنها أكثر وطنية من
رجالات وأجهزة الدولة على الرغم من أنهم لا يحيطون بأوراق الملف كله؛ ولا يدركون
قدرات من يتولون مسؤوليته في أجهزة الدولة المصرية العميقة؛ وفي مقدمتهم المؤسسة
العسكريتارية المصرية بأجنحتها المتعددة (الاستخبارات؛ مكاتب الرصد والاستطلاع؛
مكاتب التحليل؛ مكاتب التخطيط؛ ... إلخ).
*****
هناك مقولة شهيرة محفورة علي جدران مقياس معبد "حورس"
بإدفو تقول بالحرف: " إذا انخفض منسوب النهر، فليهرع كل جنود الفرعون ولا
يعودون إلا بعد تحرير النيل مما يقيد جريانه". وهذا التوجيه التاريخي العميق
هو توجيه حاكم لكل نظام يدير الدولة المصرية الموصوفة بأنها "هبة النيل".
وإذا كان الحاكم المصري القديم في زمانه ينزع باتجاه الفعل القوي
لحماية النهر؛ فهو ابن تفكير وحسابات مرحلته؛ ووفق القاعدة الفقهية التي تقول
بدوران الحكم مع العلة؛ فإن القوة واجبة إذا لم تكن هناك أدوات أخرى وفق نهج زمان
الأحفاد الذي في مناخات العولمة ينزع باتجاه التفاوض.
وهذا ما يجعلنا نرى إلى أن نظام الدولة المصرية الوطنية الراهن
يعالج موضوعة مشكلة "سد الأحباش" باحترافية عميقة؛ لا يدركها
"غوغاء النخبة" من بعض غُثاء ما تبقى بالتحديد من "هوامش جُلَّاس
مقاهي النظرية الإيديولوجية" في تجلياتها المختلفة؛ ومن "قطعان
المتأخونين"؛ وكلهم يتاجرون بهذه القضية على غير أساس. ويكفي أنموذجاً ذلك
الاجتماع المسرحي الذي نظمه المتأخون في قصر الرئاسة المصرية محمد مرسي وقد جمع به
نماذج متهافتة من نخب تلك المرحلة وكل خطاباتها دالة على ضحالة العقل السياسوي
آنذاك.
فمنهم من تنطع بالقول بإرسال طائرة لتدمير ذلك السد؛ فيما
"جماعة حسن الساعاتي البنَّاء" كعادتها كانت تقبض ثمن مشاركتها في
سيناريوهات تفتيت مصر المستعصية على التفتت بوجود جيشها العظيم؛ وقد علمت بالمشروع
الحبشي؛ وبلغة ذات طابع هزلي التفت المجتمعون فجأة إلى أن الاجتماع الذي ينبغي أن
يكون مُغلقاً بدا بطابعه المثير للسخرية مذاعاً على الهواء. ونتيجة لذلك اهتمت
"دولة الأحباش بتسليح السد" لاحقاً بمنظومة صواريخ!!
*****
إن مسألة "سد الحبشة" كقضية استراتيجوية تعبر عن مستهدف
للأحباش قديم؛ وقد كان معطلاً بخطورته على الوجود المصري نتيجة حضور قوة الردع لدى
الدولة المصرية انذاك قبل إقحامها في "سيناريو الربيع العبروي
المتصهين"؛ وقد كان التلويح دوما باستخدام القوة ناجعاً وواقعوياً وفق المعطيات
الاستراتيجوية القائمة حينها؛ لذلك لم يتم البدء في تنفيذه.
ومنذ دخلت المنطقة في إطار "سيناريو ربيع الفوضى" تفتت
القوة الجمعوية للدول العربية؛ بانهيارات الجيش العراقي والجيش السوري والجيش
الليبي والجيش اليمني؛ فكان تركيز الجيش المصري وفق ما يُسمى "فقه
الحالة" على مستهدف تأمين حماية الدولة الوطنية المصرية من الانهيار. لذك
فقام بتركيز التفاته ومشروعه الحمائي للداخل المصري بدءاً من سيناء المخترقة إلى
الصحراء الغربية المستهدفة. وهذا وفر الفرصة لهرولة الأحباش على عجل لاستخراج ملف
السد؛ والإسراع في تنفيذه؛ استغلالاً لانشغال "الأسد المصري/الجيش" في
تأمين مواقع التماس الاستراتيجية في موطنه.
*****
إن غوغاءوية النخبة بالإشهار المفتعل المطالب بتغليب توظيف القوة
في التعامل مع ذلك السد يقوم بالإضرار بالقضية الوطنية أكثر من إفادتها؛ إذ أن
الدولة المصرية توظفه بذكاء ناعم ضمن ممارسة الضغوط على الآخر. لكن المؤسف في
الأمر هو استمراء النخبة الفاشلة في مواصلة خطاب التهييج فقط؛ ولا تريد هذه النخبة
التعامل مع المسألة بقانون التخصص والعلم المرتبط به؛ كما لا تحاول قراءة وتقدير
خطاب الفعل الرسمي الراهن لأجهزة الدولة وهي تدير باحترافيتها المعروفة هذا الملف
الشائك.
ليس لدى هذه النخبة المصرية التعسة في مربعاتها المختلفة سوى
الصراخ واللطميات والعنتريات؛ بما يرسخ لدى العامة من الشعب الشعور بأن "سد
الأحباش" صار مشكلة لا حل لها؛ وأن نظام الدولة المصرية الراهن فشل في إدارة
ذلك الملف؛ بل وهناك من النخبة الساقطة من يمرر الدسائس والخبائث بتواطؤ النظام
المصري الراهن مع نظام الحبشة ورعاته لجعل السد بمواصفاته المروج لها أمراً
واقعاً؛ ما يجعل مستقبل مصر في المقبل من العقود هو مستقبل العطش والجوع والنزوع
للضياع الصحراوات والبحار؛ وبالتالي انهيار مصر الدولة القديمة منذ ما قبل التاريخ
وتلاشيها السياسوي من الخريطة؛ كثابت في العقيدة الصهيونية التي تتلبس مواقف تلك
النخب من دون إدراك.
*****
إن العقل الواعي ينبغي أن يتجاوز ذلك الخطاب النخبوي المتهافت،
ويلتفت باهتمام إلى تقدير مجموعة ظواهر مرتبطة بما تسمى في علوم الاستراتيجية
بــ" فنون إدارة الأزمة". وهي علامات يدركها من ليس مشوه الوجدان بتأكيد
حضور الدولة المصرية القوي بذكاء التكتيك؛ وليس بخطاب "الحماسيات" التي
انقضى زمانها؛ وقت كان مرتبطاً بمرحلة التحرر الوطني من نمط الاستعمار القديم.
فنظام الدولة المصرية الراهن يعيش مرحلة تشكل وبدء تعملق الاستعمار العولموي
الجديد والمعتمد على الرأسمال غير الوطني في التنمية والاستثمار المهيمن على الكرة
الأرضية.
إن المرحلة الراهنة في العالم كله وما سيتلوها يا نخبة التهافت
ترسخ لإزاحة "الفعل العسكريتاري" للخلف في فنون إدارة المشكلات؛ لاعتبار
ذلك الفعل العسكريتاري هو "الشر الذي لا بد منه"؛ لذلك نشهد (إنسحاب
الجيوش الأميركية المباشر من مناطق الصراع أفغانستان والعراق أنموذجاً).
وهذا التكتيك يجعل من فعل القوة أداة يجري توظيفها فقط في إطار
التمهيد لتفكيك المشكلات العميقة المعقدة؛ عبر استخدامه في تغيير أوزان أوراق
القوة للأطراف المعنية لكي تجلس حول طاولات التفاوض. ولدينا نموذج (الصراع العربي
الصهيوني أنموذجاً... حروب 56 -67 – 73م والتي أنتجت ما تُسمى اتفاقية السلام/
السادات بكل ما يحيط بها من ملابسات ومتغيرات مرتبطة بعناصر القوة المتوافرة وشروط
توظيفها).ٍ
لذلك فإن النخبة التي تمثل مربط "النكبة الوطنية" ينبغي
أن ترتقي بتفكيرها إلى إدراك مقتضيات الضرورة الراهنة في "عالم القرية
الصغيرة"؛ الشعار الذي كنا نلوكه من دون إدراك أنه الطور
"السياسواقتصادوي" والذي يتم التبشير به؛ وها هو يتحقق راهناً ( التماثل
الأميركي الرأسمالوي الامبراطوري/ والصيني الرأسمالوي للدولة... بفعل تخطيط وتنفيذ
هنري كيسنجر مُنَظِّر الرأسمالوية السياسوية).
*****
نخبتنا متهافتة التفكير ينبغي أن تعيد رصف وتشكيل جزئيات الصورة
المفتتة التي ترى إليها في الواقع المصري؛ وتضعها باحترافية في الإطار الوطني
الواجب أن تدركه وتدافع عنه فيما يتعلق بـ "سد الحبشة"؛ لأنها علامات
مهمة للغاية بأن الدولة المصرية غير مُقصِّرة في التعامل مع هذه المشكلة البنيوية
الخطيرة.
وهذه العلامات التي تتعامى عنها تلك النخبة في إطار القراءة
الواعية توفر الاطمئنان إلى أن هذه القضية موضوعة في الحسبان؛ وأن "مكاتب
التفكير الوطنية" تدرس الملفات بمتغيراتها بشكل بارع؛ وتضع سيناريوهات
المعالجات بما يتناسب والتحولات الهيكلوية السياسوية في المنطقة والعالم.
- أولاً: "سد الأحباش" على طاولة الحدث السياسوي يمثل
"قضية مصيرية" ويعني تهديداً للـ "الأمن المائي المصري"؛
وبالضرورة فإنه يكون جزءاً من الأمن القومي العربي. وبالتالي فأجهزة الدولة
المصرية الوطنية لا يمكن؛ ومن الاستحالة أن تقوم بالتفريط في هذا الحق المقونن
بالاتفاقات التاريخية وثوابت القانون الدولي الناظمة لعلاقات الأنهار العابرة.
لذلك فالمؤكد أن قضيته تحتل صدارة الاهتمام الرسمي؛ وتدار ملفاته بنعومة النهج
الاستراتيجوي المتواكب مع المتغيرات البنيوية في العالم.
- ثانياً: إن الإشكالية ليست في إقامة ذلك السد الذي يروج أنه يقام
من أجل التنمية في بلاد الأحباش الغارقة في وحول التناحر العرقوي؛ ولكنها – تلك
الإشكالية– تتمثل في سيناريوهات توظيفه سياسوياً في تهديد الوجود المصري؛ وتكفي
كلمة الرئيس السيسي الموجزة الجامعة:" اقول للناس محدش هيقدر ياخد نقطة مياه
من مصر؛ واللي عاوز يجرب يجرب؛ إحنا مش بنهدد حد؛ وعمرنا ما هددنا ودايما حوارنا
رشيد وصبور جدا؛ لكن محدش هيقدر ياخد نقطة مياه من مصر.."!
- ثالثاً: أقوال وزير الخارجية المصري سامح شكري أمام مجلس النواب
ينبغي أن تخجل منها النخبة النكبة: "ملف مياه النيل وسد النهضة يأتي في صدارة
اهتمامات الدولة المصرية، ومصر تعمل على حماية مصالحها وحقوقها بمياه النيل على مر
العصور"، مؤكداً "إننا انخرطنا في قضية سد النهضة عقب اتجاه إثيوبيا إلى
بناء السد في عام 2011م".
- رابعاً: إن "فقه الحالة" يفرض على الدولة المصرية
التكيف مع الضرورة باستخدام الأنماط الحركية المناسبة للمتغيرات السياسوية
العولموية الحادثة؛ وهذا ما ذكره سامح شكري:" إثيوبيا خالفت اتفاقية الأمم
المتحدة لحماية مياه الأنهار عام 1997م،... فالمواد من 11 إلى 19 من الاتفاق نصت
على إلزام الدول أصحاب المشاريع على الأنهار بالتفاوض مع دول المصب قبل إنشاء مثل
هذه المشروعات".
- خامساً: كانت عودة مصر إلى الاتحاد الأفريقي تفرض عدم تجاوزها في
إطار السياسة الناعمة؛ لذلك جرى توقيع اتفاقية إعلان المبادئ في 23 مارس 2015م،
"والذي – حسب سامح شكري - مثل إنجازا حقيقيا يمثل إلزاما على إثيوبيا تجاه
دولتي المصب ويحقق مصالح متبادلة لكافة الأطراف".
- سادساً: إن نهج الدبلوماسية المصرية الناعمة الراهن لا ضرر منه
ولا ضرار؛ حيث يتواءم مع المتغيرات السياسوية العولموية؛ تحت ظل إشهار المشروع
المصري بدعم التنمية في أفريقيا والمساهمة في ذلك بالمعاونة في بناء العديد من
السدود المحلية بالدول الافريقية الاخرى طالما أنها تتفق والمواثيق الدولية؛
وتساهم في الارتقاء بحياة الأفارقة؛ مع وجود مخطط مصري غير مُشْهَر أو غير معلن
عنه؛ بإعادة بناء مفاصل الدولة عبر المشروعات اللوجستوية الضخمة الدالة على نهج
تجهيز الدولة المصرية لتكون رأس القارة في مخطط التنمية العولمية الجديدة مستفيدة
من موقعها الجيواستراتيجوي كدولة رابطة بين القارات الأخرى وقارة أفريقيا.
- سابعاً: هذه الدبلوماسية المصرية الناعمة متحركة دبلوماسيا على
كل المستويات ومتفاعلة مع كل الكتل والقوى العولموية بشرح المخاطر التي ستتحقق
وارتباط ذلك بتجاوز القوانين والقواعد والمستقرات الخاصة بالبحار والأنهار؛ محاولة
تعميم الاستقطاب العولموي لمساندة الدولة في دفع دولة الاحباش لاحترام المواثيق؛
وبالتالي مع التعنت وفشل النهج الناعم يكون المناخ مهيئاً لاستخدام الشر الذي لا
بد منه؛ أي الفعل العسكريتاري.
- ثامناً: إن الدولة المصرية بحركتها الناعمة تسعى لتطويق الغضب
الشعبوي فتبتعد إلا فيما ندر عن التهديد والوعيد الخطاباتي؛ من منظور أن من يريد
أن هدم "سد الأحباش" لا يحتاج إلى القول والتلويح بالعمل العسكريتاري.
- تاسعاً: لدى المؤسسة الوطنية الحربية المصرية السيناريوهات
العملياتية القادرة على التنفيذ المباغت لعملية القصف أو التدمير أو إعطاب ذلك
السد. لذلك فهي تقطع المشوار الدبلوماسوي في مستويات الاتحاد الأفريقي؛ ومجلس
الأمن؛ والجمعية العامة للأمم المتحدة؛ والأتحاد الأوروبي؛ فضلاً عن المشاورات
المشتركة مع الدول الكبرى؛ لتأمين "خطوة الشر الذي لا بد منه" أي العمل
العسكري إذا فشلت عمليات التفاوض.
- عاشراً: إن الذكاء العسكريتاري الاستراتيجوي المصري يوازن بين
الجبهات التي يمكن أن تثقل كاهل قدراته؛ بمعني التزامه بمحاولة منع فتح جبهات
متعددة في الوقت نفسه، حتى لا تشكل عبئاً لوجستويا وطبوغرافويا على العمل
العملياتي.
** وهنا علينا البدء حسب "فقه الأولويات" العسكريتاري
بتذكر نجاح تأمين جبهة سيناء الغالية؛ ثم جبهة الصحراء الغربية وخط سرت الأحمر؛ ثم
ضمان أمن جبهتي البحرين الأحمر والمتوسط؛ عبر مجموعة قواعد نوعية متخصصة تطوق
المجالات الحيوية للدولة المصرية؛ ويمكن توظيفها في إطار الحفظ العملياتي للمحيط
العربي تطبيقاً لمقولة السيسي "مسافة السكة".
** إن ازدياد وتيرة إنشاء القواعد العسكرية النوعية في مصر بعد
"فوضى الربيع العبروي المتصهين" تكشف عن نمط التحول البنيوي المصري في
مواجهة التحديات الجديدة عبر تجهيز ماكينات متتالية الردع المعنوي؛ فالردع
العملياتي. ومن يتأمل الخريطة يتحقق الاطمئنان للمواطن المصري الشريف الذي يدرك
شروط "فقه الحالة".
** ومن دون إبراز التفاصيل... نكتفي هنا بذكر أسماء هذه القواعد:
- "قاعدة محمد نجيب" المقامة على مقربة من الحدود المصرية
الغربية مع ليبيا؛ والمختصة بتأمين الحدود الغربية وحقول النفط في الصحراء الغربية
ومحطة الضبعة النووي وحقول الغاز في البحر المتوسط.
- قاعدة "برنيس" العسكرية، المقامة على ساحل البحر
الأحمر بالقرب من الحدود الدولية الجنوبية، شرق أسوان؛ والتي تضم قاعدة بحرية
وقاعدة جوية لتأمين السواحل المصرية الجنوبية، لمواجهة التحديات الأمنية في نطاق
البحر الأحمر، وتأمين حركة الملاحة العالمية، بداية من قناة السويس وحتى مضيق باب
المندب.
- القاعدة العسكرية البحرية المصرية المقامة في جزيرة "فرسان
السعودية"؛ والتي أهدت السعودية رسمياً لمصر حق استغلالها مدى الحياة؛ لتكون
أول قاعدة خارج الدولة تستخدم في توفير الضمانات لأمن البحر الاحمر قبالة السواحل
اليمنية الإريترية والصومالية وبالقرب من أثيوبيا غير المتشاطئة على البحر الأحمر.
- وهناك العديد من القواعد الأخرى لا يتسع المجال لذكرها؛ وكلها
تؤدي دورها في حماية الامن الوطني المصري بتجهيزاتها الفائقة.
** ولا ينبغي التغافل عن تحديث التسليح الفائق الذي قفز بالجيش
المصري إلى المركز الأول عربياً والتاسع عالمياً
- حاملتا طائرات من طراز ميسترال الفرنسية "جمال عبد
الناصر" و"أنور السادات" لتأمين المجالين البحريين الأحمر
والمتوسط.
- أحدث المقاتلات الفائقة مثل الفرنسية"رافال" بقدرتها
العملياتية الجوية بعيدة المدى؛ والروسية سوخوي35 المذهلة في قدراتها.
- 4 غواصات حديثة من طراز "تايب 209" الألمانية.
- ولا ينبغي الإغفال عن مشروعات التدريبات والمناورات المشتركة مع
جيوش الأشقاء والأصدقاء في المجالات الحيوية لتحقيق الجاهزية العملياتية وقت
الاحتياج كما حدث في "السودان ودول الخليج وفي البحر المتوسط أنموذجاً".
إن هذه اليد الطولى في التسليح والتدريب والمناورات للجيش المصري
العظيم تكفي لبعث الاطمئنان في النفوس؛ وقبلها وجود العديد الكبير من المقاتلين من
أبناء الشعب الذين يفضلون الشهادة عن الحياة دفاعاً عن مصر وأرضها ووجودها
ومقدراتها إذا لزم الأمر ذلك.
وبالتالي فإن القدرة على الفعل العسكريتاري في قضية "سد الاحباش"
أو سواه من القضايا لا تشكل معضلة حسب "مقولة الخط الأحمر أنموذجاً"؛
فالقدرة والتجهيز والعقيدة تحقق الانتصار بإذن الله؛ لكنها ليست القوة الغاشمة؛ بل
قوة الحق إذا اقتضى الأمر في التوقيت المناسب وبالطريقة المغايرة لكل المفاهيم
المعروفة "تحطيم خط بارليف أنموذجاً".
*****
والأمر الواجب الإشارة إليه لتبيان أن العقل الذي يدير شؤون الدولة
المصرية الراهن مفارق للعقل النخبوي الشعبوي المتهافت في حركته وخطاباته
وسيناريوهات. إنه عقل متطور ومناسب لتطورات الفعل العولموي؛ وليس عقل ببغاوات
جُلَّاس المقاهي والثرثرة الحمقاء في الفضاء الافتراضوي... كيف؟
لقد وضع عقل الدولة المتحرك بعيداً عن الخطابات الغوغاءوية منظومة
فعاليات تستفيد من مسألة ضغوط "سد الأحباش" في الاستجابة لتحديات حروب
المستقبل الاقتصادوية وأبرزها "حروب الماء" المستقبلية عبر:
- وضع استراتيجية تحقيق الأمن المائي بتطوير أدوات وأساليب استخدام
الموارد المتاحة؛ وتنمية الموارد المتوافرة والاهتمام بجهود استخراج المياه
الجوفية؛ وتوفير الموارد الجديدة التي تعظم الموجود منها.
- إنجاز مشروع تحويل نمط "الري السطحي الإغراقي بالغمر"
إلى الري الحديث بالتنقيط.
- تطوير المعدات والأدوات المستخدمة في عمليات الري لتحقيق الترشيد
فيها عبر تحديث منظومات الاستزراع؛ وتحديث نمط الدورات الزراعية والمحصولية للوصول
إلى الزراعات المتكيفة مع التعطيش.
- استخدام التقنيات الجديدة بإعادة تدوير مياه الري بــ " وضع
طبقة عازلة على عُمقٍ محدد تحت الزراعات ليمنع تسرب المياه إلى باطن الأرض، ثمّ
تجميعه وإعادة استخدام المتاح منه في الري مرة أخرى.
- إعادة استخدام مياه الصرف في الزراعة بعد معالجتها في محطات خاصة
تحقق صلاحيتها.
- الاستفادة من نتائج البحث العلمي بربط احتياجات النبات بدرجة
رطوبة التربة والملوحة ودرجة الحرارة و... و... إلخ.
- الانتهاء من تنفيذ المشروع الوطني لتأهيل الترع بالتبطين لدوره
في تحسين إدارة وتوزيع المياه وتوصيلها إلى نهايات الترع التي تعاني من وصول
المياه إليها.
- تغيير النمط الاستزراعي للمحاصيل بالاعتماد على نوعيات من تقاوي
المحاصيل الموفرة للمياه، وتتأقلم مع الظروف البيئية والمناخية المتباينة، ومنها
أصناف من الأرز، والذرة البيضاء، والذرة الصفراء، والقمح، والفول البلدى.
*****
إن النخبة شعبوية التفكير؛ التي انتكبت بها مصر في هذه المرحلة
والتي لا تقرأ ولا تبحث ولا تفكر ولا تحاول ممارسة جهد التحليل لتصل إلى أحكام
أقرب للصواب السياسوي؛ يبدو تهافتها في مدوناتها في الفضاء الافتراضوي إذ تسفر عن
مأزوميتها الفكرانية؛ فتنصب الملطمة حول "سد الأحباش"... محاولة تشكيل
صورة مضللة تروج لمتخيلها المرضي بفشل الدولة المصرية في التعامل مع قضية هذا
السد؛ لتصل إليك القناعة بأنهم كما يبدو يعلنون عن "عجز الدولة المصرية"
في حل هذه القضية الخطيرة. وبإذن الله سيخيب ظن هذه النخبة؛ وستنتصر مصر برجالها
الأشاوس في الجيش والدبلوماسية والإدارة!!
0 تعليقات