نصر القفاص
نهض أحفاد "أحمس" دفاعا عن تاريخهم, ومستقبل أمة تمرض
ولا تموت.
تابعت حكاية مسلسل "الملك" التى تحولت إلى معركة, بين
طلائع الشعب الذين نسميهم "النخبة" ضد الذين عاثوا فى العقل والوجدان
المصرى فسادا تحت راية "حرية الفن والإبداع" والمفارقة أن أولئك الذين
يجوز لى وصفهم بأنهم "هكسوس" الفن - أعتذر عن قسوة الوصف - يمثلون بقايا
"نخبة" إحترقت وأصبحت رمادا.. عجزوا عن مواجهة طلائع الشعب الذين أرى
فيهم نواة "النخبة الجديدة" فكان قرار الشركة التى أنتجت المسلسل
بإيقافه وفق ما اعلن.. أى أن القرار لم يصدر عن حكومة أو قرار سيادى.. لم يفرضه
برلمان أو أزهر.. وحتى ميدان المعركة كان مختلفاعن غيره من ميادين مثل هذه المعارك
الفكرية.. فهذه "النخبة الجديدة" راحت تقاتل على "مواقع التواصل
الاجتماعى" بعد أن أصبحت وسائط الإعلام التقليدى, أشبه بما نتداوله عن
"مصنع الكراسى"!!
قبل أن أخوض فى تفاصيل المعركة ونتائجها - حتى الآن - أسجل سعادتى
الغامرة حين رأيت "النخبة الجديدة" التى كتبت عنها قبل أكثر من عام,
يكتمل نضجها لتفرض نفسها بعيدا عن منابر أصبحت تحت إدارة "فلول" نظام
سقط بفعل ما حدث فى 25 يناير.. قبل عشر سنوات.. وأضيف إلى أسباب سعادتى أننى رأيت
بعينى نتيجة سلسلة مقالات كتبتها تحت عنوان "أهمية أن نقرأ يا ناس".. كل
ذلك نشرته على صفحتى على "الفيسبوك" بعد أن أصبحت ممنوعا من الكتابة فى
الصحف والكلام عبر التليفزيون.. بل ممنوع حتى من ممارسة العمل السياسى, وكان هذا
المنع نعمة أشكر الله عليها.. فهذا المنع سمح لى بالغرق فى القراءة, والتركيز الشديد
عند الكتابة.
يهمنى الإشارة إلى أن ميدان "معركة أحمس" الأخيرة -
التواصل الاجتماعى - يفرض نفسه علينا منذ نحو 15 عاما.. إلتفتنا لذلك حين سمعنا
رموز "نظام مبارك" يصرخون منه.. وكانوا يصرخون من الصحف والفضائيات..
كما كانوا يصرخون من بقايا الأحزاب التى كانت قائمة!! لكننا فى الوقت الحالى لم
تعد لدينا ميادين تشهد معارك فكرية غير ميدان وحيد - التواصل الاجتماعى - وأذكر أن
الدكتور "على الدين هلال" حاول دخول هذا الميدان بإعلاميين لا يفهمون
طبيعته, ولا يهمهم أن يفهموه.. لأنهم يبحثون عن ملايين الفضائيات.. إضافة إلى
ملايين أخرى على هامش النجومية والفساد وخدمة "رجال المال"!! وشهدنا
هزيمة قاسية للجيش الهزيل الذى كان يقوده الدكتور "على الدين هلال"
بإشراف ورعاية "جمال مبارك".. ربما لأن المحاولة جاءت من "تنسيقية
السياسات" التى نشهد إعادة إنتاجها باسم "تنسيقية شباب الأحزاب
والسياسيين" وكليهما مسخ مشوه مما سبق ابتكاره وقت "الاتحاد
الاشتراكى" وكان اسمه "التنظيم الطليعى"!!
بعد "25 يناير 2011" فرضت مواقع "التواصل
الاجتماعى" نفسها, وراحت تعزز قوتها وسطوتها.. لعبت دورا مهما فى "ثورة
30 يونيو" إلى جانب الصحف وقنوات التليفزيون, قبل إدخالهم "غرف الإنعاش"
مع حرمان المريض من الأوكسجين!! لتموت الصحف وتعيش الفضائيات بعاهة مستديمة,
أعجزتها عن التفكير والحركة!! وتوازى مع ذلك إنتاج "اتفاق القصد
الجنائى" بين عدد من الأحزاب لاقتسام مقاعد البرلمان - شيوخ ونواب - ولم يتم
إعلان وفاة ما أطلقوا عليه "إئتلاف دعم مصر" ليطفو على السطح
"أطفال أنابيب السياسة"!! وهذه الحالة ضاعفت من أهمية وقوة
"التواصل الاجتماعى" الذى بدا أنه يحظى بمتابعة جيدة من القيادة
السياسية.. وبقى هذا الميدان غامضا على كل من يشغلون أنفسهم بجنى الأرباح وتحقيق
المكاسب عبر شغل مواقع المسئولية.. وكانت آخر مرة تأكد فيها اهتمام القيادة
السياسية بمواقع "التواصل الاجتماعى" حين تحدث الرئيس عن "أم
المعارك" بالنسبة لمصر - قديما وحديثا - وهى "معركة المياه"
الدائرة حاليا.
كل هذا التقديم أراه ضرورى وواجب, قبل أن أشارك - متأخرا - فى
"معركة أحمس" ضد "هكسوس الفن" ولأن التوضيح ضرورى لتعبير
"هكسوس الفن" فيجب أن أحددهم بأنهم أولئك الذين احترفوا ممارسة
"الإعلان" وتم تمكينهم من "الإعلام" مع "رجال مال"
يستعرضون ثرواتهم بزوجات جميلات بعد إعادة تصنيعهم فى "عيادات التجميل"
ليصبحن بطلات دراما وأفلام سينما.. ونجمات بإطلالاتهن عبر فضائيات كسيحة!! ومع
هؤلاء فريق أطل علينا رافعا راية "إتفرج الأول وبعدين أحكم".. غير
فنانين يحاربون معارك سياسية تحت راية الفن والإبداع.. وفى الكواليس يحمى كل هؤلاء
أصحاب الوصاية على المجتمع والدولة, مستخدمين رؤية "جماعة الإخوان الإرهابية"
القائمة على أن "اللى فوق يعرف أكتر"!! ورغم قوة ونفوذ كل هذه الفرق..
وأنهم دخلوا علينا كما دخل "الهكسوس" مصر بأنهم "شركاء للشعب
المصرى الشقيق"!! إلا أنهم خارت قواهم لحظة أن تصدى لهم "أحفاد
أحمس" مستخدمين مواقع "التواصل الاجتماعى" هذه المرة وليس العجلة
الحربية.. وساند "النخبة الجديدة" علماء وأساتذة فى التاريخ والآثار طال
صمتهم وكاد القهر أن يقتلهم!!
إذا كانت "معارك الصمت" قد حسمها لصالحهم "فلول
نظام مبارك" بجناحيه الفساد والإخوان!! فإن "معارك الصوت الحاسم"
يتقدم فيها الشعب بطلائعه - نخبته الجديدة - ولأن "النخبة" لا تتشكل
بقرار ولا تنمو برعاية سلطة أو مال.. فقد أفرز الشعب نخبته التى هبت يوم "25
يناير" لتجهض طلتها جماعة الإخوان الإرهابية.. ثم تعرضت تلك "النخبة
الجديدة" لضربة قاسية بعد "30 يونيو" حين تمكن "فلول
الفساد" من المشهد.. وطبيعى أن تكون "النخبة" عصية على الكسر
والإحباط, لذا فقد استطاعت "النخبة الجديدة" أن تختبر نفسها بمعارك
صغيرة هنا وهناك.. وباعتبار أن المبدع للمبدع كالبنيان المرصوص.. والمخلص للمخلص
كالبنيان المرصوص.. والوطنى للوطنى كالبنيان المرصوص.. رأينا "النخبة
الجديدة" تحقق انتصارات متتالية فى معارك كبيرة ومهمة.. حتى جاءت "معركة
"أحمس" الأخيرة.
الذين يرفعون "راية حرية المبدع" نحن معهم, ولسنا ضدهم
أو فى مواجهة معهم.. لأن "المبدع الحقيقى" يعبر عن مجتمعه ولا يسخر منه
أو يفرض عليه رؤيته - إتفرج بعدين احكم - و"المبدع الحقيقى" لا يحتمى
بفساد مقولة "الجمهور عايز كدة" التى نحرت فى عقل وضمير الأمة لنحو نصف
قرن.. كما أن "المبدع الحقيقى" يحترم العلم لدرجة التقديس, ولا يتعالى
على العلم بمحاولة إقناعنا أن "الهرتلة" تعنى الإبداع!! إضافة إلى أن
المبدعين, لا يتبجحون بزعم الدفاع عن "لقمة العيش" للذين يعملون فى
إنتاج ركام ثقافة وفن وإعلام.. لا أقول "خردة" حتى لا أسمح لهم برفع
خنجر الفضيلة وطعنى به فى ظهرى.. كما حدث مع أستاذ الإعلام الدكتور "أيمن
منصور ندا"!! والذين يرفعون "راية حرية الإبداع" يعلمون أن
"التوريث" يصعب أن يتحقق فى ميادين الإبداع.. لأننى رأيت فنانا نحترمه
ونقدره ينضم إلى "الهكسوس الجدد" دفاعا عن تجربة ابنه.. وآخرون يخوضون
المعركة دفاعا عن أبنائهم الذين جعلوهم صحفيين بالعافية ونواب رغم أنف الشعب!! كما
أن "المبدع الحقيقى" لا يدافع عن حقه فقط فى الحرية.. بل يقاتل للدفاع
عن حرية المجتمع دون التفات لنفسه.. و"المبدع الحقيقى" لا ينافق بالعمل
مع من يرفضهم فكريا وسياسيا, لمجرد أنه سيجنى الثروة والشهرة.. أى أنه يمارس
"التقية" على طريقة "الشيعة" خلال هذه المرحلة..
و"المبدع الحقيقى" لا يعمل كخادم ذليل لرجال المال.. و"المبدع
الحقيقى" يسمى الأشياء بمسمياتها.. فإذا كانوا مبدعين, لرأيناهم يثورون ضد
الشركة التى أنتجت.. وهى الشركة التى أوقفت عرض إبداعهم - لامؤاخذة!!
أهم ما فى "معركة أحمس" ضد "هكسوس الفن" أنها
بداية لمعارك أخرى ستفرض نفسها بعد أن اعتقدوا فى استتباب الأمر لهم.. لأنهم سذج
ولم يقرأوا تاريخ مصر أو يفهموه.. لم يجهدوا أنفسهم لفهم هذا الشعب العبقرى..
فاستحقوا أن أكون قاسيا معهم وأرى فيهم "هكسوس الفن"!!
0 تعليقات