آخر الأخبار

الحيرة تكشف الأسرار(٤)

 




 

فرقد الحسيني القزويني

................

 

تكلمنا فيما مضى عن الخلاف الذي وقع بين القيصر المنذر بن الحارث.

 

حيث أتهم القيصر النعمان كما يقول ابن العبري بالاتفاق مع الفرس لغزو منطقة تسمى رحميه فكتب قيصر إلى عامله مرقيانوس وكان معسكرًا يومئذ في منطقة نصيبين.

 

سؤال أين تقع منطقة نصيبين؟./ الجواب/انظر الهامش/

 

أن يتربص بالمنذر فيقبض عليه ويقطع رأسه فأخطأ كاتب الرسالة فأرسل الرسالة الخاصة بالبطريق مرقيانوس إلى المنذر وأرسل الرسالة الخاصة بالمنذر إلى البطريق فلما قرأ المنذر الكتاب وعرف بما أراد القيصر أن يفعله به غضب غضبًا شديدًا وتصالح مع قابوس وصارا يهاجمان بلاد الشام. فظن يسطينوس/ جيستين/ أن مرقيانوس قد خانه وأنه أخبر المنذر بالمؤامرة فأمر بالقبض عليه وحبسه ولما صار .

 

.....................

 

طيباريوس إلى الحكم/وصل تيبريوس إلى السلطة في عام ٥٧٤ م عندما أعلن جستين الثاني تيبريوس قيصرًا في عام ٥٧٨ م منحه جستين الثاني قبل وفاته لقب أغسطس والذي حكم بموجبه حتى وفاته في ١٤ آب عام ٥٨٢م /

 

ذهب المنذر إلى القسطنطينية فلامه تيباريوس على ما صنع ولكنه قدره واحترمه كثيرًا حينما أراه رسالة يسطينوس/جستين/ التي أراد توجيهها إلى عامله لاغتياله وأنعم عليه بهدايا كثيرة وألطاف سنية ثم عاد مكرمًا إلى مركزه السابق.

 

وكانت زيارته للقسطنطينية في اليوم الثامن من شباط سنة ٥٨٠م مصطحبًا معه ابنين من أبنائه. فلما بلغها استقبل بكل احترام وتبجيل وأنعم القيصر طيباريوس عليه بلقب/ركس/ وهو لقب كان له شأن كبير في إمبراطورية الروم والبسه التاج/ يقول الدكتور جواد علي نقلا عن المستشرق نولدكه أن الروم لم يمنحوا عمالهم العرب على بلاد الشام من قبل إلا الإكليل ودرجته دون درجة التاج. وقد أغدق القيصر عليه بالهدايا الثمينة النفيسة ومن بينها مصوغات من ذهب وفضة مما لم ينعم به على أي ملك عربي من قبل.كما أنعم على ولديه بدرجات عسكرية.

 

وكان المنذر مثل والده من القائلين بمذهب الطبيعة الواحدة والمدافعين عنه ولذلك انتهز فرصة وجوده في القسطنطينية فسعى في إقناع رجال القصر بالتسامح مع رجال مذهبه والصفح عنهم. ويظهر أنه عقد هناك مجمعًا في اليوم الثاني من شهر آذار سنة ٥٨٠ م لمعاضدة هذا المذهب والدفاع عنه كما اتصل بالبطاركة للتوفيق بين رجال الكنيستين غير أنه خابت مساعيه بالرغم من إظهار البطاركة رغبتهم في ذلك وعدم ممانعتهم فيه.

 

بنى المنذر صهاريج لإيصال الماء إلى الرصافة/ المدينة التي فيها قبر القديس سرجيوس/ وظهر من كتابة عثر عليها في أنقاض كنيسة في الرصافة أن المنذر جدد بناء تلك الكنيسة.

 

ولم تمنع قدسية مدينة الرصافة الأعراب ولا سيما أعراب العراق/ على قول المستشرقين/ من التحرش بها فغزتها مرارًا وأخذت قبيلة تغلب/ تغلب بن وائل/ صورة القديس بعد عودتها من غزو المدينة وهدم أهل الحيرة صهاريج المدينة مرارًا .

 

ويستمر نولدكه بروايته فيقول/ أن المنذر لما كان في القسطنطينية طلب من البيزنطيين مساعدته في بناء قصر يكون أعظم قصر غساني بُني حتى أيامه وذلك بأن يرسلوا إليه أحسن المعماريين والبنائين الحاذقين. فلبى البيزنطيون طلبه فأمدوه بما يحتاج إليه من معماريين ومن مواد بناء.

 

من أبنية المنذر الخربة المعروفة اليوم بناء يعرف باسم البرج وقد عثر على اسمه مدونًا على حجارة من ذلك البناء.

 

هامش/ خربة القصر قرية سورية تتبع ناحية مركز مدينة حماة واحتمل انها القرية التي انزلوا فيها عيال الحسين عليه السلام كما ورد عند أرباب المقاتل.

 

رواية اخرى/

 

لما حاول الروم غزو حدود الفرس في سنة ٥٨٠م وجدوا الجسر المنصوب على نهر الفرات مهدمًا فاضطروا إلى التراجع وترك الغزو.

 

وكان المنذر معهم في هذه الحملة فظنوا أن المنذر كان على اتفاق سري مع الفرس وأنه هو الذي أوعز بهدم الجسر فقرروا القبض عليه انتقامًا منه للخيبة التي منوا بها. ولما عاد المنذر فغزا أرض الحيرة بنفسه فيما بعد ملحقًا بالمدينة أذًى كثيرًا جاعلًا إياها طعمة للنيران اتخذ الروم هذه الغزوة دليلًا على تحدي المنذر لهم ورغبته في الخروج على طاعتهم فقرروا الانتقام منه بقتله فأصدروا إلى حاكم بلاد الشأم ماكنوس صديق المنذر أمرا سريا بالعمل على قتله وصادف أن الروم كانوا قد انتهوا من بناء كنيسة في حوارين وقد عزم ماكنوس على تدشينها فكتب يدعو صديقه إلى الاحتفال بذلك فلما كان على مقربة منه قبض عليه وأرسله محفورًا إلى العاصمة حيث أجبر على الإقامة فيها مع إحدى نسائه وبعض أولاده وبناته وذلك في أيام القيصر طباريوس.

 

وفي ابتداء السنة ٥٨٢ م انتقل العرش إلى موريقيوس / موريق/وكان يكرهه ويعاديه فأمر بنفيهما إلى صقلية وبقطع المعونة التي كان الروم يدفعونها إلى الغساسنة في كل عام.

 

المؤرخ حمزة الأصفهاني/ لقب المنذر بلقب الأكبر وجعل مدة حكمه ثلاث سنين ونسب إليه بناء حربا/لم أعثر عليها/وموضع زرقا/الآن قرية سوريّة تتبع إداريّاًمحافظة حلب على مقربة من عين العرب.

 

.......................

 

لما قبض على المنذر ترك ابناءه ديارهم وتحصنوا بالبادية وأخذوا يهاجمون منها حدود الروم ملحقين بها أذًى شديدًا فاضطر القيصر على أثر ذلك أن يوعز إلى القائد ماكنوس بتجهيز حملة لمقاتلتهم. ولما كان من الصعب على الروم مهاجمة أبناء المنذر في البادية عمد القائد إلى مكيدة فأرسل إلى النعمان كبير أبناء المنذر أنه يريد مقابلته للاتفاق معه على وضع شروط للصلح وقد ظن الأمير أن القائد صادق فيما دعا إليه فذهب لمقابلته فقبض الروم عليه وأرسلوه مخفورًا إلى العاصمة حيث حجروا فيها عليه.

 

وكان موضع حوارين في جملة المواضع التي هاجمها النعمان بعد ارتحال ماكنوس عنها وقد استولت عساكره عليها وقتلوا بعض أهلها وأسروا قسمًا من الباقين ثم عادوا بغنائم كثيرة إلى البادية للاحتماء بها من هجمات الروم.

 

أقول/ أرى أن هناك خلط للأحداث متعمد بين أخبار ملوك الحيرة والغساسنة / سيراه المدقق في هذا البحث.

 

سؤال / ما هي حدود بادية الشام أو البادية السورية أو صحراء السماوة ؟

 

تقع جنوب شرق سوريا والأردن وغرب العراق وجزء من شمال السعودية. يسمى القسم الجنوبي الأوسط منها الحماد وتقع بين عرعر و الجوف شمال السعودية. في الشمال تحدها منطقة الهلال الخصيب. من القصور التي نسبت إلى الأمويين زورا هو قصرا الحير الشرقي والغربي/ الأول يبعد عن رصافة الشام ما يقرب من ١٠٠كم

 

ومن أغرب ما وجدته عند البحث في آثار الغساسنة ما يلي/

 

 امتد نفوذ الغساسنة إلى بلاد الشام فقامت أبنيتهم حيث كانوا بناة مشهورين على طول حزام السهوب-البادية الممتدة من الفرات إلى خليج العقبة.

 

وشهدت هذه المنطقة على أيدي الغساسنة عمليات تجديد كبيرة للأبنية والمنشآت كما أضافوا إليها بتشجيع من الحكام الأمويين /انتبه إلى أمويين/ وشيدوا كذلك أديرة عديدة.

 

 وقد بقي من تلك المباني حتى يومنا هذا: برج الدير في قصر الحير الغربي بين دمشق وتدمر والإيوان بالرصافة.

 

وهذه الأخيرة كانت مدينة شفيع الغساسنة في الحرب القديس سرجيوس/ القديس كان شفيعهم الذي يتوسلون به/

................

 

هامش/

 

مدينة نصيبين هي إحدى مدن مابين النهرين موغلة بالقدم ورد اسمها في العهد القديم. واسمها الخاص عند سكان ما بين النهرين صوبا أو نصيبين وهي مشتقة من اسم غلات نصو ومعناها زرع لكثرة ما فيها من البساتين والجنان.

 

قال عنها مار أفرام النصيبيني أنها هي أكاد المذكورة في سفر التكوين وينسب تأسيسها إلى نمرود الجبار.

 

ولنصيبين أهمية متميزة لأنها محطة قوافل ومركز تجاري مرموق وبقعة زراعية خصبة.

 

جددها سلوقس الأول نيقاطور الذي حكم من ٣٠٥ إلى ٢٨٤ قبل الميلاد وغير اليونان اسمها فسموها أنطاكيا مقدونية. وأصبحت سنة ٢٩٧م بأيدي الرومان فجعلها ديوقلسيانس/يأتي ذكره/ حكم من ٢٨٤ إلى ٣٠٥ م/ قلعة الشرق الحصينة ومقراً لقائد بلاد ما بين النهرين.

 

تقع نصيبين على سفح جبل إيزلا ومعناه الشبكة. يخترقها نهر مقدونيا أو الهرماس ويعرف اليوم بنهر الجغجغ. وإلى شمال مدينة نصيبين يقع وادي بونصرا ويعتقد البعض أن تسمية الوادي جاءت من اسم الملك نبوخدنصر الذي جمع فيه أعدادا كبيرة من سبايا اليهود. وبحكم موقعها كحد فاصل بين المملكتين الرومانية والفارسية قديماً إذ كانت تارةً تقع بيد الفرس وتارة بيد الرومانيين. دعيت مدينة الحدود ثم أصبحت عاصمة ديار ربيعة.

 

قال عنها ياقوت الحموي في معجمه/وهي مدينة عامرة من بلاد الجزيرة/ المقصود الجزيرة الفراتية/ على جادة القوافل من الموصل إلى الشام وفيها وفي قراها على ما يذكر أهلها أربعون ألف بستان بينها وبين سنجار تسعة فراسخ وبينها وبين الموصل ستة أيام وعليها سور كانت الروم بنته وأتمه أنوشروان الملك عند فتحه إياها وقالوا كان سبب فتحه إياها أنه حاصرها وما قدر على فتحها فأمر أن تجمع إليه العقارب فحملوا العقارب من قرية تعرف بطيرانشاه من عمل شهرزور فرماهم بها في القوارير وكان يملأ القارورة من العقارب ويضعها في العرادة وهي على هيئة المنجنيق فتقع القارورة وتنكسر وتخرج تلك العقارب ولا زال يرميهم بالعقارب حتى ضج أهلها وفتحوا له البلد وأخذها عنوة وذلك أصل عقارب نصيبين. وأكثر العقارب في جبل صغير داخل السور في ناحية من المدينة ومنه تنتشر العقارب في المدينة كلها. ذكر ذلك كله أحمد بن الطيب السرخسي في بعض كتبه.

 

وكانت الديانة المسيحية قد انتشرت فيها انتشاراً عجيباً فبنيت فيها الكنائس الفاخرة وكثرت فيها وفي أطرافها الأديار وفتحت فيها المدارس. فسميت ترس كل المدن المحصنة و رئيسة ما بين النهرين و رئيسة المغرب وأم العلوم ومدينة المعارف.

 

أما نصيبين اليوم فهي ضمن الدولة التركية وهي بلدة صغيرة، يبلغ عدد سكانها ما يقارب الثلاثين ألف نسمة في ولاية ماردين. ومن آثارها الباقية اليوم: كنيسة مار يعقوب النصيبيني ودير مار أوجين على جبل إيزلا المجاور ودير الشهيدة فبرونيا الذي تحول إلى جامع زين العابدين.

 

الحيرة تكشف الأسرار (٣)


إرسال تعليق

2 تعليقات

  1. السلام عليكم
    من هو الناشر لبحث الحيرة تكشف الأسرار للسيد فرقد القزويني

    ردحذف