نصر القفاص
عالم "أوف شور" لابد أن يبقى غامضا على "النخب السياسية" المحترمة!
عالم "أوف شور" لا يجب أن تفهمه الشعوب, حتى يتمكن
"رجال المال" من نهب ثروات بلادهم!
بضع عشرات فقط - قد يكونوا مئات - فى مصر, دخلوا عالم "أوف
شور" وأصبحوا يملكون وجاهة وفخامة مذهلين.. تسبق أسماءهم كلمة
"ملياردير" التى أسهم فى صناعتها ساسة ومحامون ومحاسبون وصحفيون, وكلهم
يخدمون مشروع "الملياردير" اقتصاديا.. والطريق إلى تحقيق ذلك تدمير
مفهوم "الديمقراطية" وإغراق المجتمع فى "مستنقعات فساد"
صغيرة!! ولا تندهش إذا قدموا أنفسهم على أنهم يدافعون عن "الديمقراطية"
وأملهم تحقيق رفاهية المجتمع!!
فى "نيويورك" قالت مليونيرة مشهورة إسمها "ليونا
همسلى" جملة أصبحت قولا مأثورا.. بل قل أنها صاغت قانون لعالم "أوف
شور"!! فهى القائلة: "الضرائب بدفعها صغار الناس" وترجم ذلك وكشفه
أن "روبرت ميردوخ" إمبراطور الإعلام حقق أرباحا معلنة تتجاوز 36,5 مليار
دولار استرالى عام 1987.. وارتفعت أرباحه عام 1989 ثم هبطت إلى أقل من 30 مليار
دولار.. ودفع ضرائب فى السنة لا تتجاوز 400 ألف دولار امريكى فى الولايات المتحدة
الأمريكية, لأن أرباحه اختفت فى "بيت الشيطان" المشهور باسم "أوف
شور" كما وصفه "جون كريسنسن" أحد خبراء "جيرسى"
الماليين.. وهنا أجدنى مضطرا لتنشيط ذاكرتك, بأن تحفظ اسم "جيرسى"
باعتبارها من أهم "بيوت الشيطان"!! والذى يقول عنه الخبراء:
"الشيطان وحده يستطيع معرفة حجم قذارة شبكة العنكبوت التى تغطى أوف
شور"!! ولعل من تابع حملات الرئيس الأمريكى السابق - ترامب - يتذكر أن خصومه
كانوا يتهمونه بأنه لم يدفع سوى آلاف قليلة للضراب من ملياراته.. وهو كان يرد بأنه
يفهم القانون!!
قانون "أوف شور" يعتبرك "فنان" عندما تكون
"ملياردير" قادر على تجنب قوانين الضراب عن طريق "الملاذات
الآمنة"!! ويقدر الخبراء خسائر البلدان النامية بما يتجاوز 160 مليار دولار,
يتم نزحها لصالح اقتصاد الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وغيرها من الدول
الكبرى.. وتلك الدول الكبرى يسمونها "الدول المانحة" باعتبارها تقدم
معونات لشعوب الدول "المنهوبة"!!
عليك أن تمسك رأسك قبل أن تعرف عن "البنك الدولى" أنه
ذكر فى تقاريره عام 2010 أن ميزانيات بضع جزر صغيرة تربى هذا الشيطان - أوف شور -
بلغت أكثر من 18 ترليون دولار.. نعم ترليون وليس مليار.. وهذا الرقم يساوى ثلث ما
ينتجه العالم كله!! فهم يعلمون أن 83 شركة ما بين أكبر مائة شركة أمريكية تحفظ
ثرواتها وأرباحها فى "بيت الشيطان" بينما 99 شركة من أكبر مائة شركة
أوروبية تستخدم أفرع "أوف شور"!!
أتذكر "رجل مال" مصرى كان يحدثنى عن خسائره بسبب
"25 يناير 2011" التى يسميها الدستور "ثورة" فذكر أن أرباحه
قبلها كانت تتجاوز 13 مليار جنيه سنويا, وانخفضت إلى مليار فقط بعدها.. قائلا:
"إتخرب بيتى".. كل ذلك من مصانع أسمنت, قام ببيعها لواحدة من الشركات
متعددة الجنسيات, لتقوم بنزح أرباح المصانع إلى "بيوت الشيطان" - أوف
شور - بالدولار عن طريق البنك المركزى.. أى بالسعر الرسمى قبل تعويم الجنيه.. ولك
أن تتخيل فارق العملة الذى كان يكسبه عند إعادته لجزء من أمواله بالدولار!!
والحقيقة أنه لم يبع مصانعه, لأنه دخل بقيمتها شريكا مع ذات الشركة الدولية التى
اشترت منه.. وهى محترفة فى ألاعيب "أوف شور" لتضمن له أرباحا أكثر
وتأمينا من المخاطر عن طريق ما يسمى "صناديق التحوط" التى تضمن مزيد من
الأرباح دون تعرض لاهتزازات السوق.. وهذه الصناديق تقوم باستثمار أموال المعاشات
فى عدد من دوال العالم!!
هناك "جزر فرجين" التابعة للتاج البريطانى, لا يتجاوز
عدد سكانها ربع مليون نسمة.. أى أقل من سكان "الزاوية الحمراء" لكنها
تستضيف 80 ألف - ثمانون ألف - شركة, وهناك غيرها من الجزر مثل "جيرسى"
و"جبل طارق" وذلك جعل مكتب المراجعات المحاسبية القومى فى بريطانيا يقول
عام 2007 أن أكثر من 230 رجل أعمال من 700 لم يدفعوا ضرائب.. لأنهم يسكنون "أوف
شور" وتحميهم "الملاذات الآمنة"!! وعلى التوازى سنجد أن "جزر
الكايمان" كانت تلعب الدور نفسه بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية.. ثم
دخلت ولاية "ديلاور" على الخط لتنافس "لندن" لأن خبراء
الاقتصاد الأمريكى يتبنون قاعدة تقول: "إذا لم تستطع هزيمتهم.. عليك أن تنضم
إليهم" وهذا ما فعلته "واشنطن" بعد أن عجزت عن مواجهة رياح
"أوف شور" العاتية لتسترد نفوذها الاقتصادى وتحفظ نفوذها السياسى..
فخلقت "جزر مارشال" فى أقصى الشرق - قرب اليابان - وفى هذه الجزر يمكنك
أن تؤسس شركة مقابل 650 دولار أمريكى, على أن تدفع 450 دولار سنويا.. وعن طريق هذه
الشركة تستطيع تنفيذ عمليات بالمليارات دون دفع ضرائب, ودون أن يعرف حتى الشيطان
حجم ثروتك ولا مصدرها!! وتختص "جزر مارشال" بأنشطة عمل السفن العملاقة,
لتنافس "بنما" وحاولت "ليبيريا" أن تقيم مركز أموال "أوف
شور" لكن التجربة لم تحقق نجاحا للخوف من تقلبات الأنظمة السياسية فى
إفريقيا.. وما إن ظهر النفط فى "غانا" حتى سعى "بارونات أوف
شور" إلى إدخالها هذا العالم.. ومازالت التجربة تحت الملاحظة!
نسمع منذ سنوات عما يسمى بمناطق "التجارة الحرة" وهى
كانت الرمال المتحركة التى انزلقت إليها "بنما" لتصبح واحدة من أقذر
بالوعات غسيل الأموال فى العالم!! لأن شبكات النفوذ هذه تتحكم فيها الولايات
المتحدة وبريطانيا تحديدا.. لذلك تجاوز عدد أفرع "أوف شور"
تسعمائة" فرع.. بينها 692 فى "جزر كايمان" و119 فى جزر "ترك
وكايكوس" و43 بجزر "موريشيوس" و8 فى "برمودا" وتلك تمثل
شبكة العنكبوت البريطانية.. أما الولايات المتحدة الأمريكية فتملك 427 فرعا فى
"ملاذات آمنة" ما بين "كايمان" و"هونج كونج"
و"مارشال" وغيرها.. وتعليقا على ذلك قال أحد الخبراء: "أرجو ألا
تشعروا بالدهشة إذا قلت لكم مانهاتن فى أمريكا أصبحت أكبر مراكز أوف شور والثانى
موجود فى مدينة لندن لتصبحا تحديثا للأصل الذى بدأ فى سويسرا" لذلك يرى
"جيفرى أوينز" أحد أهم خبراء الضرائب بمنظمة التعاون الاقتصادى:
"لقد رحل نموذج السرية القديم.. هذا عالم تعاون أفضل, وشفافية أفضل"!!
إذا حدثوك عن "الشفافية" فيجب أن تعرف أن لها معنى يختلف
عما تفهمه.. هم يحدثونك عن "الحكم الرشيد" و"الحوكمة" ولها
معان جميلة عند البسطاء والطيبين.. لكن معانى هذه الكلمات فى عالم "أوف
شور" مختلف تماما.. فكل الأموال التى يتم نزحها من أمريكا اللاتينية إلى بنوك
ولاية "فلوريدا" دون أن تهتم بما إذا كانت نتيجة إجرام عصابات أو تجارة
مخدرات أو تهرب من الضرائب.. المهم أن يتم ضخ كل هذه المليارات فى شرايين اقتصاد
الولايات المتحدة.. وهم لا يكذبون..لكنهم يتجملون.. ففى فرنسا وأسبانيا يطلقون على
"الملاذات الآمنة" وصف "الفردوس المالى" الذى يلجأ إليه
"مصاصو دماء الشعوب" لكى تحافظ القوى الكبرى على نفوذها وسيطرتها على
العالم.. وتلك مناطق لها قوانين تختلف عن القوانين التى يديرون بها عجلة
"الديمقراطية" فى الغرب.. فالديمقراطية عند الغرب تحقق رفاهية شعوبهم
واستقرار مجتمعهم.. أما "ديمقراطية" الدول النامية فيجب أن تحقق رفاهية
الأثرياء وأصحاب النفوذ وتضمن استقرار عالم "أوف شور"!!
ذكر تقرير "صندوق النقد الدولى" عام 2010 أن الميزانيات
العمومية لجزر المراكز المالية - أوف شور - تبلغ 18 ترليون دولار.. وذلك يؤكد أن
الهيئات والمنظمات الدولية تلعب دور "شاهد ما شافش حاجة" وتضمن للنخب أن
تتكسب من مليارديرات عالم "أوف شور" الفتات.. فهؤلاء لا يهمهم أكثر من
فيلا وسيارة وبضع ملايين مع رحلات إلى عواصم أوروبية وملابس فاخرة.. لذلك ستجد لهم
مواقع محجوزة ومضمونة على مسرح أهل "أوف شور" لدرجة أن بعض الصحفيين
المصريين تم استخدامهم فى تحويلات "أوف شور" عقب "ثورة يناير"
كما يسميها الدستور!! وهناك محامون لعبوا أدوارا مشابهة واستثمروا ما كسبوه للفوز
بمقاعد فى المجالس النيابية!! ويرحب هذا العالم - أوف شور - بأى أموال قذرة..
لدرجة أن مخابرات كوريا الجنوبية ذكرت أن رئيس كوريا الشمالية "كيم
يونج" إستخدم "أوف شور" لكى يخفى أربعة مليار دولار فى أوروبا من
مبيعات التكنولوجية النووية والمخدرات.. وهذه الأموال ذهبت إلى
"لوكسمبورج"! أما ملاذات "هولندا" الآمنة.. فقد استقبلت عام
2008 حوالى 18 ترليون دولار, وذلك يمثل أربعة أمثال إجمالى الناتج القومى
الهولندى!!
حرصى على رأسك من الدوار.. أحاول أن أخطفك بعيدا عن "بيت
الشيطان" بتناول ملف "حقوق الإنسان" الذى تستخدمه دول كبرى ضد هذا
النظام, أو ذاك.. وله علاقة قوية بأموال "أوف شورر" لأنها تقوم بتمويل
أولئك الذين يحلمون بأن يكون لهم مكان فى بلادهم.. أو نصيب فى "فتات"
عالم "أوف شور" وكذلك "الإعلام" الذى يكسب عندهم مئات المليارات
ويتم عندنا تدميره أو غسل الأموال عبر مؤسساته!! وكلها ملفات تفرض علينا أن نفتحها
بصدق وأمانة مع أنفسنا.. لا نفتحها للإتجار بها وخداع شعوبنا, التى تتعرض لأخطر
عمليات نهب.. ثم يقررون تقديم عطاياهم - المنح - وتلك تختلف عن القروض التى
يقدمونها لاغتيال اقتصاد الدول المطلوب تركيعها!!
مازالت "الحكايات المسلية" فيها تفاصيل كثيرة.. حقائق
مذهلة.. إن شئت أن يكون لديك وعى وعرفة.. يجب أن تقرأ..
يتبع
0 تعليقات