محمود جابر
المعارك إما أن تكون مقامرة أو مغامرة، وإما أن تكون عمل سياسي
محكم بغرض إحداث متغير على ارض الواقع وتغير فى منظومة القوى على الساحة المحيطة
بالحرب أو المتجاورة له ...
وهذه قاعدة عامة لكل المعارك والحروب ... لا تخلو منها معركة أو
حرب فى القديم أو الحديث أو المستقبل .
وقبل الحديث عما يجرى فى أرض فلسطين لابد ان نطيل النظر فى جغرافية
غزة
غزة :
غزة عبارة عن منطقة على ساحل البحر المتوسط
والبحر المتوسط تسيطر عليه بحرية العدو
فالبحر يحد غزة على طول ساحلها الغربى
وفى الشرق كلا من بئر سبع
ومدينة الخليل
وفى الشمال مدينة الرملة
وكلها مدن تحت الاحتلال الكامل ويطلق عليها (اسرائيل)...
ترتبط غزة مع كيان العدو من خلال ستة معابر وهم :
1- معبر إيريز (
مغلق)
2- نحال عوز (مغلق)
3- كارنى(مغلق)
4- كيسوفيم (مغلق)
5- سوفا (مغلق)
6- كرم أو سالم (
يربط بين كيان العدو ومصر وغزة) مفتوح بعض الوقت ...
الغرب والشرق والشمال كلها حدود تسيطر عليها دولة العدو، ولا يمكن دخول اى شىء الا من خلال الحدود
المصرية الجنوبية وهى البوابة الوحيدة الباقية لغزة ولا يوجد لمصر بديل أخر سوى
كيان العدو .
جغرافية غزة ترسم صورة للمعركة الحالية لمن لديه اى قدرة لو بسيطة
من التفكير بعيدا عن اى شىء معلن أو غير معلن
ماذا يحدث فى ضوء ما سبق ؟
المعركة الدائرة الآن على أرض فلسطين ما كان لها أن تستمر حتى الآن
لولا الدور المصرى .
لان العدو يحاصر غزة ويمنع عنها كافة الإمدادات من طعام ودواء
ووقود ....
هذا هو الإمداد المنظور ولا أتحدث عن الإمداد غير المنظور والدعم السياسي
دوليا وإقليميا.
قبل يومين قيل أن الكهربا ربما تقطع في غزة بسبب نقص الوقود
والمحروقات عن مولدات الطاقة .
وهذا الأمر كان يمكن ان يمثل ضغط شديد على قدرة فصائل المقاومة فى
غزة بل على الحياة كلها وعلى المستشفيات والمراكز الصحية وافران الخبز ...
خلال هذا الفترة كانت المستشفيات تحاول بكل طاقتها إنقاذ الجرحى
وعلاجهم وبالتالي فالوقود للمستشفيات أمر حيوي لاستمرار المعركة ..
قرار الرئاسة المصرية بإسناد غزة في هذه الفترة ولغة التعاطي
الإعلامي المصري اختلفت فجأة وترجمت إلى أفعال على أرض الواقع .
فتح معبر رفح لنقل الجرحى لمستشفيات مصر جاء بتوجيهات مباشرة من
مكتب الرئاسة، مع توجيهات بمساعدة غزة بكل احتياجاتها من محروقات، مساعدات غذائية،
معدات ولوازم طبية و طواقم إسعاف بلغت 1200 طبيب مصري توجهوا إلى غزة، إضافة إلى شاحنات
مواد تموينية وإغاثية .
تخفيف الضغط على المستشفيات وكوادر الإسعاف والإنقاذ والإمداد
الغذائي والطبي وتحديداً المحروقات كعصب كل شيء في غزة وكلها عوامل قوة وصمود ودعم
لوجيستي مهم تم إضافتها للمعركة حتى يظل المقاوم الفلسطينى صامد فى معركة ...
حوار ورصد :
قبل أن تبدأ معركة لابد من استطلاع بيئة العدو ونقاط القوة والضعف
فيها، فى لحظة المعركة..
يعانى العدو منذ سقوط ترامب ومجىء الرئيس بايدن من حالة جفاء من
حليفه الأقوى والأوحد، فقبل أربع سنوات من الآن، لطالما تفاخر رئيس وزراء العدو الإسرائيلي
بنيامين نتنياهو، بأنه كان من أوائل القادة الذين اتصل بهم الرئيس الجمهوري السابق
دونالد ترمب، عقب تولّيه مقاليد السلطة، وذلك بعد نحو ثلاثة أيام فقط من وصوله إلى
البيت الأبيض عام 2017. وإلى جانب العلاقات الوثيقة والقوية التي جمعت نتنياهو
وترمب، إلا أن عدم اتصال بايدن بنتنياهو رغم مرور الأسبوع الرابع ما يمثل قلق فى
تل أبيب.
قلق تل أبيب أرجعته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية نقلا عن عاموس
يادلين، الرئيس الأسبق لجهاز الاستخبارات العسكرية (أمان)، قوله، "ليس سراً
أن الحزب الديمقراطي كان غاضباً للغاية من رئيس الوزراء منذ خطاب الكونغرس ضد
الاتفاق النووي مع إيران، الذي اعتبرته الإدارة الأميركية آنذاك تحدّياً لرئيسها.
كما أدى هجوم نتنياهو على إدارة أوباما بعد امتناع واشنطن عن التصويت بحق النقض
(الفيتو) على القرار 2334 ضد الاستيطان في الأراضي الفلسطينية نهاية عام 2016، إلى
ترك رواسب كبيرة للغاية"، مضيفاً، "ازداد الغضب في الأوساط الديمقراطية
طوال السنوات الأربع الماضية ضد نتنياهو، وتجلّى الأمر في تأخر رئيس الوزراء
الإسرائيلي في تهنئة بايدن بالفوز في الانتخابات الأميركية".
الحاصل ان العدو يعانى من حالة جفاء بينه وبين أمريكا وسوف يكون
لها أثرها على الأرض لمن يستطيع قرأت المشهد بشكل جيد ...
وفى قراءة المشهد يمكن رصد :
1- منذ حوالى شهرين أو أكثر لاح فى الأفق حوار مصرى تركى وهذا
الحوار بالتأكيد سوف يلقى بظلاله على علاقة مصر بالإخوان أو علاقة الإخوان مرة أخرى
بمصر ...
وحينما أقول الإخوان فانا لا اقصد بالتأكيد إخوان الداخل ولكن كل
تنظيم الإخوان الدولى وحماس جزء منهم لأنه جزء لا يتجزأ....
2- قبل الحوار المصرى التركى كانت هناك مصالحة رباعية مع قطر
وحينما نقول قطر حتما سوف نقول الإخوان ......
3- ترتيبات الانتخابات الفلسطينية والتنسيق بين الفصائل وإتمام
المصالحة كانت مصر جزء منهم فى زيارات متبادلة بين مسئولين مصريين وقادة فصائل
والسلطة الفلسطينية ...
4- هدوء واستقرار نسبى فى ليبيا بعد الاتفاق على رئاسة الديبة ... وبالتالي
فالتوتر على الجبهة الغربية لم يعد يشغل مصر ...
5- اتفاق وتوافق مصرى سودانى عنوانه الرئيسي سد النهضة الإثيوبي
وتعنت إثيوبيا التى لم تجد رادعا إقليميا ولا دوليا وكل يوم تصمم على الملء الثاني
..
6 - الرئيس السيسى وبعد عملية تفتح القناة بعد إغلاقها قرابة أسبوع
فى موقف وقف العالم كله على ساق واحده يكتم أنفاسه وارتفاع فى أسعار الطاقة
العالمية والسلع الأساسية ... ولكن وبعد أن انتظر العالم ماذا يحدث اذا بالمصريين
يصنعون المعجزة ويفتحون القناة بجهد ذاتى ...
7- من المسلم به ان سد النهضة فى طوله وعرضه نكاية سياسية فى مصر
وورقة ضغط تهدد حياتها وان وراء السد بكل وضوح وصراحة إسرائيل ودول أخرى بعضها
شقيقة وصديقة ...
الرئيس السيسى حذر إثيوبيا من «التعرض لنقطة مياه» مؤكداً أن «كل
الخيارات مفتوحة».
واعتقد ان التهديد لم يكن موجها لإثيوبيا وحدها ولكن ......!!!
وكما جاء على لسان السيسى حرفيا المنطقة بأسرها سوف تتأثر وسوف
تعانى من حالة عدم الاستقرار في حالة المساس بإمدادات مصر من المياه بسبب سد
النهضة.
ضع عشر خطوط تحت كلمة المنطقة .......................
وضع خطة تحت الدولة الفاعلة فى سد النهضة ومن تقف وراء محاولة لوى
ذراع مصر فى قضية مياه النيل .........
---------------- ننتقل للمستوى الثانى ------
ما جرى من اتفاق بين أمريكا وإسرائيل فى عهد ترامب بالاعتراف
بالقدس عاصمة إسرائيل يهدد اى أمل فلسطينى وبالتالى فكل الفلسطينيين مطلعين لإعادة
عقارب الساعة الى الوراء باى ثمن .........
2- الاتفاق الإبراهيمي يجتاح المنطقة وحتما سوف يضع مصر فى الركن
بعد ان مر قطار الإبراهيمية من الإمارات الى السعودية والبحرين والعراق وعمان
.........والسودان والعراق ...
إذن مطلوب إحراج من وقع على الاتفاق جميعا ولأنهم شركاء فى جريمة
السد ........وخاصة السعودية والإمارات .....
3- أصبح المسرح المعركة جاهز ومفرداتها متوفرة .... كل ما تلزمه
المعركة شرارة ممكن أن تكون فى الشيخ جراح أو غيرها ولكن الشيخ جراح لها خصوصية أنها
فى القدس ويمكن أن تعيد تقيم ما حدث بين نيتناهو العاجز عن تشكيل حكومة للمرة
الرابعة وترامب الذى فشل فى الفوز بولاية ثانية ... وأمريكا التى تعانى عجزا
اقتصاديا وسياسيا ومعركة شديدة مع الصين ... وبايدن الغاضب من إسرائيل ويحتاج ان
يؤدبها او يتركها تتألم ...!!
4- يلزم الفصائل الفلسطينية فى غزة بعد الإمداد العسكرى الذى من
السهولة الحصول عليه من اى طرف اقليمى ولو كان طرف معادى لمحور السعودية والإمارات
فهلا ونعمت ويكون السيف بحدين ويضرب فى جهتين ويصيب أكثر من عصفور فى آن واحد
..........
5- الفصائل الفلسطينية ليست حماس وحماس رقم مهم فى غزة، و بعد تلوث
سمعة الإخوان فى العديد من المعارك تحتاج إلى غسيل سمعة ولن تغسل سمعتها بعد
خيانتها لسوريا إلا معركة كبرى فى فلسطين... إذا إتاحة الفرصة لها هى جائزة بكل تأكيد
وسوف تستجيب فورا لمن يعطيها هذه الفرصة.
6- ما تحتاجه المعركة بعد عملية الإمداد العسكري التي اشرنا إليها هى
المحروقات والغذاء وما يلزم أهل قطاع عزة الذي إذا ما تم منع وقطع كافة الإمدادات
التى يمكن أن تأتى من العدو ........
7- بعد توفر كل هذا نقطة الاشتباك - الشيخ جراح - ونقطة المعركة -
غزة والفصائل - واستدامت المعركة - السلاح والوقود والطعام والدواء - يبقى الموقف
المؤيد لفلسطين الذى سوف تفرضه المعارك على الجميع حتى على أطراف الاتفاق الإبراهيمي
نفسه سوف يتخلون عن اتفاقهم خوفا من الغضب الداخلى وسوف يتراجعون خطوات أمام هول
المعارك ونيرانها ...
ويمكن ان يكون هناك حافز للمعركة ولصمود الناس إذا ما أطمئن الناس لإعادة
أعمار بيوتهم وهو ما تكفلت به مصر وأعلنه الرئيس السيسى برصد 500 مليون دولار لإعادة
أعمار غزة .
هنية يعلق على قرار السيسي تقديم 500 مليون دولار لإعادة إعمار غزة
8- توفير ما يلزم للفصائل وتطوير البنية العسكرية سوف يكشف إسرائيل
ويكشف عمقها الاستراتيجي العاجز عن ان يوفر لها حماية داخلية وسوف يكشف القبة
الحديدية وما ستفعله إسرائيل من هدم منازل وبيوت لن يكون اذا اكبر من ضرب سد مائى
لن يحدث خسائر لا فى الأرواح ولا فى المدنيين ...
9- إيران وحزب الله جميعهم وبشكل رسمى بعيدين عن المعركة بعد أن وفق
ما أفاد موقع"لبنان 24" من قيام حزب الله بنشر تعليمات لكل الفصائل
الفلسطينية فى جنوب لبنان بوجوب عدم السماح بأي حادث متهور يمكن أن يقود إلى
مواجهة مع إسرائيل في توقيت لا يريده الحزب"، لافتا إلى أن "حزب الله،
وبطريقة غير معلنة وغير ظاهرة، يساهم في ضبط التحركات الشعبية عند الحدود
اللبنانية".
وان حزب الله لن يغامر ويبادر إلى حرق أوراق القوة التي يحتفظ بها،
وأن لا مصلحة له بفتح جبهة الجنوب التي ستؤدي إلى تشظيه سياسيا لغياب الغطاء
السياسي لدخوله في المواجهات، وبسبب الأوضاع المالية والاقتصادية والاجتماعية
الخطيرة التي يمر بها لبنان".
وكشف نائب رئيس المجلس السياسي في حزب الله، محمود قماطي، عن أن
"وفد حزب الله برئاسة نائب الأمين العام، نعيم قاسم، سمع من ممثلي حركة
"الجهاد الإسلامي" وحركة "حماس"، أن المواجهة لن تخرج عن إطار
الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولن تنتقل لا إلى المخيمات في لبنان، ولا الى
خارجها". المصدر: "لبنان 24"
10 – فى ظل هذا المعركة تنشر روسيا اليوم تقريرا
بعنوان (كيف ستصبح قوة العرب إذا اتحدوا عسكريا بقيادة مصر؟)
كيف ستصبح قوة العرب إذا اتحدوا عسكريا بقيادة مصر؟
فى هذا الإطار يمكن ان تقرأ المعركة ونتائجها وتحركات رقعة الشطرنج
بهدوء
0 تعليقات