السفیر/ ناصر کنعاني
– رئیس مكتب رعاية مصالح الجمهورية الإسلامية
الإيرانية بالقاهرة
في 7 أغسطس عام
لا شك في أن زرع
الكيان الصهيوني في قلب منطقة غرب آسيا وفي الأراضي الإسلامية المقدسة لم يكن
حدثًا من قبيل الصدفة، بل كان نتاج سنوات طويلة من المباحثات والتحقيقات داخل غرف
الهيمنة والصهيونية العالمية، فلقد كان ولا يزال تأسيس الكيان الصهيوني هو المشروع
الأكبر لنظام الهيمنة على العالم الإسلامي والعربي ومنطقة غرب آسيا الإستراتيجية،
ولطالما حظي الكيان الصهيوني لعقود طويلة متمادية بالدعم الشامل من قِبل بريطانيا
وأمريكا والعالم الغربي.
تُظهر التحقيقات حول
التحولات التي حدثت خلال السنوات الطويلة الماضية وخاصة تطورات الأعوام القليلة
المنصرمة أن مسار أمريكا في دعم الكيان الصهيوني والحفاظ على تفوقه لا يقف أمامه
أي خط أحمر سواءاً على الصعيد القانوني أو الإنساني أو حتى الأخلاقي، وبالنسبة لها
فإن ارتكاب أي جريمة من أجل الحفاظ على تفوق هذا الكيان هو أمر مباح وجائز. لذا
فإن تقتيل الآلاف المؤلفة من الفلسطينيين طوال كل تلك السنوات وتشريد ملايين
الفلسطينيين داخل الأراضي الفلسطينية وخارجها وإثخان القتل فيهم في الداخل والخارج
مثل ما حدث في المخيمات الفلسطينية في لبنان والحصار الظالم على شعب غزة لأكثر من
عشر سنوات، لا يمثل -بالنسبة لأمريكا-تخطيًا للخطوط الحمراء، لأن بقاء وتفوق
الكيان الصهيوني إقليمياً هو مبدأ وأصل يحظى باتفاق داخل معسكر نظام الهيمنة
الدولي.
إن مشروع تأسيس
الكيان الصهيوني هو مشروع منافٍ للإنسانية والأخلاق، كما أنه مخالف للقوانين
الدولية وميثاق الأمم المتحدة الذي دونته ووافقت عليه هذه الدول بنفسها.
من هذا المنطق يجب
على جميع حكومات وشعوب المنطقة العلم بأن الكيان الصهيوني لا يقتصر على كونه
محتلًا للأراضي الفلسطينية وعدوًا للشعب الفلسطيني، بل إن هذا الكيان الصهيوني هو
مشروع لهيمنة القوى على العالم الإسلامي والعربي، لذا فإن دعم الشعب الفلسطيني
والمقاومة ضد الصهيونية ليس أمرًا مقدسًا ووظيفة وواجب إسلامي فحسب، بل هو واجب
إنساني وأخلاقي أيضًا.
وحتى من وجهة نظر
المصالح القومية والوطنیة فإن دعم فلسطين وعدم الاعتراف بالكيان الصهيوني هي سياسة
منطقية تمامًا وتنطبق مع المصالح والأمن القومي للدول الإسلامية والعربية.
لا يخفى على ذي لبّ
أن أمن الكيان الصهيوني يتمركز في انعدام أمن الدول العربية والإسلامية، لذا فإن
الشعب الفلسطيني يقاوم بالنيابة عن جميع شعوب المنطقة والعالم ضد الصهاينة، وأنه
يستحق الدعم من قِبل جميع المدافعين عن العدالة وجميع الأحرار في العالم.
كانت مبادرة الإمام
الخميني رحمة الله عليه في تسمية الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك بيوم القدس
العالمي من منطلق أن القضية الفلسطينية هي قضية البشرية جمعاء، وأنه من الواجب على
العالم بأسره أن يقف ضد الغدة السرطانية الصهيونية، حيث من وجهة نظر الإمام الخميني،
فإن يوم القدس ليس فقط يومًا لفلسطين، بل يوم الصمود والنهوض ضد نظام الهيمنة.
بالنظر إلى النظرة
الشمولية والشاملة للإمام الخميني رحمة الله عليه، فأنا أعتقد أن حصر القضية
الفلسطينية في كونها قضية عربية أو حتى إسلامية هو تقليل من الأهمية العالمية لهذه
القضية، ففلسطين قضية متعلقة بجميع الأديان السماوية، بل وبكل المجتمع البشري.
إن الحل العادل
للقضية الفلسطينية لا يتضمن أي حلول وسط بل إعادة جميع حقوق الشعب الفلسطيني
بصفتهم أصحاب الأرض الحقيقيين، فلسطين من البحر إلى النهر هي أرض آحاد الشعب
الفلسطيني وحده ولا أحد غيره ويمتلك تقرير مصيره بكل حرية .
الشعب الفلسطيني
يحتاج إلى دعم حقيقي وصادق من قِبل جميع أحرار العالم لإحقاق حقه الطبيعي
والإنساني والقانوني واستعادة أرضه التي سُلبت منه غصبًا وقهرًا وعدوانًا.
0 تعليقات