آخر الأخبار

المرأة بين الاختلاط والنقاب قراءة بين منهجين (2)





 

محمود جابر

 

ناقشنا فى الحلقة الماضى ان هناك نظرتين حاكمتين فى النظر لأل الإنسان واحدة ترى أن الإنسان أصله (الخطيئة) والثانية ان الإنسان مولود على الفطرة ...

 

وبما ان الخطيئة حدثت من غواية حواء لآدم، فالمرأة كائن أدنى من الرجل ولا تستحق ان يكون لها مكان فى بيت الصلاة ولا الملكوت الإلهي ..

 

هذه النظرة التى حكمت العقل اليهودى والمسيحى وتسربت الى العقل الإسلامي منذ البداية ... وغلبت على فكرة ان الإنسان مولود على الفطرة الطيبة وانه لا فرق بين ذكر وأنثى.

 

 

المرأة والحجاب :

 

أن ظاهرة حجب المرأة عن العيون حتى لا يراها إلا زوجها وأولادها وجدت منذ القديم عند اليونانيين، وهى مرتبطة ارتباط وثيق بالمنهج الثاني الذي يرى فى الإنسان ابنا للخطيئة ويرى المرأة هي الدافع والمحرض عليها، لهذا فمنعوها من ارتياد الأماكن العامة واعتبروها عورة.

 

من هنا ظهرت فكرة الحريم وحجب الزوجة عن العيون لأنها ملكية خاصة للزوج فلا تسوى بالملكية العامة من الجواري والغواني والبغايا منذ عصر هوميروس.

 

 ووفقاً لتحليل عالم الانتروبولوجيا الأمريكي لويس مورجان فإن حجاب المرأة ونقابها فى العصر الإغريقي يرجع إلى أسباب اقتصادية صرفه بدأت مع شيوع الملكية الخاصة، وعندما فكر الرجل فى أهمية عفة المرأة/ الزوجة ليضمن نقاوة سلالته من الأبناء الذين سوف يؤول لهم ما يجمع من مال.

 

ولن يصل إلى هذا الهدف إلا بحجب وعاء النسل، وهى الزوجة، وعندها فقط يتأكد أن الأبناء من صلبه فيطمئن على من يرث من بعده. ولذلك أوجبوا عليه كعلامة على المرأة الحرة المتزوجة ملكية الرجل الخاصة. ولهذا كانت نساء اليونان تستعمل الخمار والنقاب إذا خرجت لتخفى وجهها من المارة.

 

وأما قصة النقاب فى الديانة اليهودية لتؤكد أن العبرانيين عرفوا الحجاب والنقاب منذ عهد إبراهيم عليه السلام وانتشر بينهم فى أيام أنبيائهم جميعا وتواصل إلى ما بعد ظهور المسيحية.

 

وهناك بالفعل مواضع كثيرة فى التوراة يأتي فيها ذكر النقاب منها مثلاً ما ورد فى نشيد الانشاد "ها أنت جميلة يا حبيبتي، ها أنت جميلة.. عيناك حمامتان تحت نقابك.. خدك كفلقة رمان تحت نقابك".

 

وانطلاقا من مثل هذه الآيات التوراتية الكثيرة فرضت الشريعة اليهودية على الزوجة قديماً أن تغطى رأسها وتستر كامل جسدها بملاءة عدا ثقبا واحدا تنظر من خلاله لترى الطريق . والأفضل لها أن لا تخرج من البيت أصلا .

 

كما أن المسيحيين القدماء منعوا المرأة من الخروج حاسرة الرأس دون نقاب. وإذا خالفت ذلك ذهبت إلى الكنيسة عارية الرأس تعاقب بقص شعرها حسبما جاء فى رسالة القديس بولس إلى أهل كورنثوس الذي يرى أن النقاب "شرف المرأة".

 

ومما سبق نستطيع أن ندرك أن اللباس الذي تفرضه جماعة معينة وتضع له مواصفات حسب هواها لتحجب المرأة جسداً وعقلاً وروحاً لا أصول له فى الإسلام وتعود أصوله إلى الثقافات القديمة كما أشرنا فى السطور السابقة.

 

وللحديث بقية


إرسال تعليق

0 تعليقات