علي الأصولي
مناط التكليف الشرعي
من صلاة وصوم وحج ونحو ذلك هو البلوغ الشرعي الذي نص عليه الشارع بأوضح العبارات،
وقد حدد الشارع
البلوغ بالنضوج الجنسي تارة والبلوغ لسن معين تارة أخرى،
ومن هنا كان لا بد
والتفريق بين مفهوم البلوغ من جهة وبين مفهوم الرشد من جهة أخرى، وعدم جعل
المقولتين في سلة واحدة في قراءة النصوص ذات العلاقة، ولذا نجد القرآن الكريم ينص
بوضوح وهذا التفريق إذ قال في سورة النساء آية - 6 - (وابتلوا اليتامى حتى إذا
بلغوا - النكاح - فإن أنستم منهم - رشدا - فادفعوا إليهم أموالهم)
وكما ترى لم يجعل
النكاح وهو لا يتأنى إلا بالنضج الجنسي بسلة الرشد الذي يلحظ من عدمه عدم صحة اتخاذ
القرارات المالية بمعزل عن الولي، بالتالي نفهم أنه ليس كل من بلغ فهو راشد وليس
كل من كان راشدا فهو بالغ إذ لا ملازمة ولا لزوم،
ومنه تعرف وهن وضعف
دعوى: أن الفتاوى المعاصرة من تقييد البنت البكر بـالرّشيدة إنّما يهدف التّمويه
بغية الخروج عن وطأة الشّناعة العرفيّة الواضحة في أيّامنا، وإلّا فالطّفلة بنت
التّاسعة عند الشّارع تُمرّر معاملاتها الماليّة وتُصحّح زيجاتها كما يُتعامل مع
بنت الأربعين،
ولذا قال في السرائر:
لأنه لا خلاف بينهم أن حد بلوغ المرأة تسعة سنين - فإذا بلغتها وكانت رشيدة - سلم
الوصي إليها مالها .. انتهى موضع الشاهد: إذن الملاك بالرشد في صحة التصرفات
المعاملاتية المالية لا بفرض البلوغ الشرعي،
نعم: فالرشد هو
عبارة عن نضج اجتماعي وفهم الحياة من خلال التجارب والمشاهدات ونحو ذلك، وبالتالي
يخرج الإنسان من كونه ساذجا إلى كونه فاهما لا يخدع،
ربما يسجل على
الفقهاء فهمهم لحقيقة الرشد وربطه بشكل ملحوظ بالتصرف المالي تبعا للنص(فإن أنستم منهم
رشدا فادفعوا إليهم أموالهم) إلا أن هذا الربط لا ينسجم ومعنى الرشد العرفي
واللغوي، نعم نص القرآن بالتصرف المالي هو لبيان أظهر مصاديقه، بالتالي فهم الرشد
خاضع للفهم العام والزمان والمكان والثقافة لهذا المعنى إذ ليس خاضعا لفهم تعبدي أريد
به خصوص التصرفات المالية. وان شئت أن تقول تبعا للقاعدة( المورد لا يخصص الوارد) فمورد اللفظ القرآني بالمال لا يعني الاقتصار
عليه فحسب ..
0 تعليقات