لواء ركن (م) : طارق ميرغني الفكي
الحزبية في القوات المسلحة تمثلها وحداتها وليت الأحزاب السياسية المدنية
تحذوا حذوها في الانتماء والأداء ، قال الله : (....وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا
وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ
اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) سورة الحجرات 13 ، ليتعارفوا لا ليتفاخروا ، ليتنافسوا
لا ليتناحروا .
ومن ذلك فالحزب في القوات المسلحة يتكون من وحدات مترابطة مع بعضها بتعارف
قوي خاصة في مناطق العمليات بها مختلف القبائل ، تتنافس في جودة الأداء وإتقان
العمل ونظافة السكن وتنظيم المظهر وانضباط الفرد، تتسابق في المعارك لنيل القدح
المعلى في كسر شوكة العدو ، يهمهم مصلحة البلد وإن أدى ذلك للتضحية بأنفسهم ،
يتحملون أخطاء مواطنيهم بصدر رحب ، تدربهم الدولة حتى على مستوى الأكاديميات
والعلوم الإستراتيجية فيخلصون لها ويتفانون في الزود عنها ، لا يجاملون في الحق
حتى زميلهم إذا كان رئيساً عند إراقة الدماء .
أما الحزب السياسي المدني فيتكون من مختلف القبائل ورغم أنهم متعارفون
لكنهم متناحرون يظهرون لبعضهم خلاف ما يبطنون ، كل منهم يعمل لإقصاء الآخر للأحقاد
الشديدة بينهم ، همهم مصالحهم وليس مصلحة البلد فإما أن يفوزوا أو يتدمر الوطن
لذلك يرفعون السلاح ضد الدولة ويريقون الدماء ، لا يهمهم معاناة الشعب طالما حصلوا
على السلطة ، لديهم حقد شديد على حزب القوات المسلحة يجتمعون عليه ويتآمرون على من
يستلم السلطة منه لإسقاطه ويخدعون الشعب بدكتاتوريته وطغيانه ليكتشف الشعب بعد ذلك
كذبهم وضلالهم ، حدث ذلك لعبود ونميري والبشير .
ومن ذلك فإن ميل أفراد القوات المسلحة لحزبهم أقوى من ميلهم للأحزاب
السياسية المدنية لتوفر البيئة الصحية المعافاة من الأحقاد والمبرئة من تغليب
المصلحة الخاصة على العامة ، وعليه فإن الذين يضخمون ميل بعض أفراد القوات المسلحة
للأحزاب السياسية المدنية بالصورة التي يريدون بها تهديد تماسك القوات المسلحة
وتفكيكها يبحثون عن سراب لأن ميل العسكريين لحزبهم أقوى ، وإذا تجاوز الحزب
السياسي المدني حده المباح وولغ في دماء الأبرياء كان أول من يتصدي له من أفراد
القوات المسلحة هم أقربهم إليه مودة وأكثرهم إليه ميلاً ، حدث ذلك عندما تصدى عبود
لنفسه فإنقلب عليها ورفض السلطة عندما أريقت الدماء ، وتصدى نميري لحزبه عندما ولغ
في الدماء ، وتصدى سوار الدهب لنميري عندما أريقت الدماء ، وتصدى إبن عوف للبشير
تجنباً لإراقة الدماء ، وتصدى إبن عوف لنفسه فانقلب عليها وتنازل عن السلطة تجنباً
لإراقة الدماء ، فإراقة دماء الأبرياء عند رجال القوات المسلحة خط أحمر لا يمكن
تجاوزه ، هذا هو تاريخها الذي يشفع لها في الدماء فإين تاريخ الذين يبارزونها
العداء ويريدون تلطيخ صورتها بالدماء ، وللأسف فقد وضح أن معظم تلك الدماء كانت
تراق من وراء جدار المظاهرات لصالح الماسونية ، ووضح أن السر من الإصرار على الاقتراب
بالمظاهرات لأسوار القوات المسلحة والتمسك بتلك الساحات هو لجعل المواطنين كبش
فداء لتحقيق مكاسب سياسية بسفك الدماء لضرب عصفورين بحجر واحد هما تشويه صورة
الحكومة ، وتشويه صورة القوات المسلحة ، لذلك لا نريد إقتراباً بعد اليوم من هذه
الأسوار لأنها أجندة تخدم الماسونية لتحطيم القوات المسلحة بعد أن ظلت عصية عليها
في سعيها لاستباحة الأرضي السودانية لتحقيق حلمها الرامي لتقسيم الدولة لصالح
النظام العالمي الجديد .
إن أفراد القوات المسلحة الذين تشبعوا في الرضاعة منها لن يتنكروا لها
عقوقاً وعصياناً ، لأن الكبير كبير وإن قلَّت في كتفه الدبابير ، فمؤسستهم وإن
جارت عليهم عزيزة وقادتهم وإن ضنوا عليهم كرام ، فهي مفخرة لهم شهد بكفاءتها
الأعداء وأشاد بدورها الأصدقاء لم تقصر على مر التاريخ في واجبها ولم تتقاعس عن
أداء مهامها ، والقادة فيها يعملون فوق طاقتهم لجسامة المسؤوليات الملقاة على
عاتقهم ، ويضحوا بأنفسهم فداء لوطنهم حفظاً للأرض والعرض ، خنادقهم مقابرهم وإن
نفدت ذخائرهم ، لم تنكسر لهم شكيمة ولم تلن لهم عزيمة ، وإن وقع الظلم على أحدهم
لا يُسمع منه إلا المحدود وفي إطار الحدود ، يؤثر على نفسه ولو كان به خصاصة
عرفاناً لمؤسسته وتقديراً لزمالته .
إن مؤسسة القوات المسلحة بسيرتها الحميدة تجاه وطنها ومواطنيها لم تكن
تتوقع يوماً ما أن تتعرض من بعض سياسيي وطنها لمؤامرة خبيثة لتشويه صورتها وتلويث
سمعتها وتنجيس طهارتها ، فهي بهذا التصرف الأرعن ستنعي انحيازها للثورات ليكون الانحياز
الحالي هو آخر الإنحيازات، وستزهد في قيادتها للانقلابات إلى الأبد ، لذلك على
الساسة أن يعوا دورهم ويكملوا نقصهم الذي كانت تشبعه لهم حباً للوطن لا طمعاً في
السلطة ، عليهم أن يطوروا أنفسهم ويواكبوا زمانهم ويوسعوا أفقهم ويعرفوا من وراء
إعاقة مسيرة وطنهم ولن يكون ذلك إلا بالتأهيل لإدارة الدولة في الأكاديميات
الإستراتيجية خاصة العسكرية لأن الدولة السودانية في حالة حرب مع الماسونية وهذا
الشرط يجب أن يكون أساسياً لممارسة السياسة في الدولة ، لأنه بالتجربة وضح أن
الماسونية لا تريد عسكرياً في قيادة الدولة بحكم تأهيله الذي يؤدي لفشل مؤامراتها
وكيفية مداراتها والتعامل معها لذلك ترفض الانقلابات حتى وإن تم معالجتها بالانتخابات
، وتوصم العسكري بالدكتاتورية والطغيان لخلعه وإسقاطه لنأتي بعد سنوات بعبارة
ضيعناك وضعنا معاك ، فدكتاتورية وطغيان عبود ونميري والبشير لم نشهدها إلا مع
الثورات فقد كانوا في حياتهم قمة في الزهد والتواضع والوطنية ، إن الأحزاب
السياسية المدنية تقع في مخططات الماسونية وهي لا تدري بسبب الأحقاد التي تعمي
الصدور لتجعل السودان يدور في حلقة مفرغة .
إن السبب في عرقلة نهضة السودان وتجويع أهله وهزيمة مشاريعه الإنتاجية
والزراعية هم اليهود وأذنابهم لأن أحبار اليهود يزعمون أن نهضة السودان تعني
زوالهم ونهايتهم ، لذلك لم ينجح الاقتصاد إلا في مؤسسات القوات المسلحة الاقتصادية
المؤمنة من مؤامراتها ، وقد باءت كل محاولات تدمير هذه المؤسسات بالفشل ، لذلك يجب
التعامل مع كلام الدول الكبرى في شأن القوات الصديقة التي يقودها حميدتي بتحفظ
شديد وحذر كبير لأنهم بالتجربة لا يريدون للسودان خيراً وما حدث في نيفاشا خير
دليل ، وتعامل القوات المسلحة مع القوات الصديقة ليس غريب ولا هو بالأمر الجديد
وهنالك مقولة في شأنها بأن أبو القدح يعرف بعض أخوه من وين ، وهنالك فرق بين
القوات الصديقة والقوات المتمردة التي تم توقيع الإتفاق معها في جوبا فلا تخلطوا
الأوراق لأن القوات الصديقة أصلاً عاملة مع الجيش ولا زال هنالك تمرد متجدد ،
والجيش الرئيسي يحتاج لإبعاده عن حرب العصابات التي تستنزف بها الماسونية الجيوش
لتشغلها عن واجبها الرئيسي ودورها الأساسي ، وحميدتي ليس سياسي حتى نقيم كلامه
سياسياً فقد دخل مجالها بعد الثورة ، وهو قد ساهم مع القوات المسلحة في استتباب الأمن
خاصة في دارفور ، ومن يدعي تكلفة قواته العالية فإن تسليح القوات المسلحة بالدروع
يعادل عشرات أضعاف عرباته وتسليحها لأن الدروع هي المعمول بها في تنظيم الجيوش ،
لذلك عالجوا الاقتصاد أولاً إذا كنتم صادقين في اجتهادكم لإصلاح القوات المسلحة
أيها الساسة بنظرتكم الحزبية الضيقة والحاقدة التي دمرت جهاز أمن الدولة لنميري
وجهاز الأمن والمخابرات للبشير ، هذه الأجهزة الأمنية التي كلفت الدولة مليارات
الجنيهات في التدريب والتأهيل لتذهب هدراً بخبراتها التراكمية ، فالأخطاء لا تعالج
بالإلغاء ولكن بالتقويم والبناء ، معالجة للسلبيات وإعتماداً للإيجابيات لذلك
أبعدوا أحقادكم السياسية عن الأجهزة الأمنية حتى لا تفيدوا الماسونية من حيث لا
تدرون ، وحميدتي الآن ليس أولوية وإنما الأولوية هي إصلاح الاقتصاد الذي بإصلاحه
سينصلح كل شيء حتى الدين الذي تتهمونه بالسبب في القصور فالفقر عدو لكل شيء .
إن سرقة الثورات لا تتم في الفترة الانتقالية التي تؤمنها القوات المسلحة
وإنما تتم بعد الانتخابات، وما محاولات تلطيخ صورة القوات المسلحة بدماء الأبرياء
وتشويه سمعتها بالتقصير في أداء الواجب إلا محاولات يائسة لسرقة الثورة لكن هيهات
لمروجي الشائعات أن يصلوا لمرادهم وقد كشفت الأيام خداعهم ، من يريد الحكومة
المدنية عليه بالانتخابات وليس بسرقة الثورات ، وسرقة الثورة في الفترة الانتقالية
تعني تحويل الانحياز العسكري إلى انقلاب بقوة الحنك لا بقوة السلاح وهو أمر لن
تسمح به القوات المسلحة لأنها مسؤولة من تأمين هذه الفترة حتى قيام الانتخابات
ليختار الشعب حكومته المدنية ، لذلك لا تظلموا القوات المسلحة وهي تؤدي دورها
وواجبها بكفاءة وإقتدار في تأمين الفترة الانتقالية لحين قيام الانتخابات ، ومن
يريد عودتها لثكناتها عليه بتعجيل الانتخابات وليس تأجيلها ، عجلوا بالانتخابات
لترفعوا عنها هذا البلاء يا من رميتموها بكل غثاء إن كنتم صادقين في إرادتكم
للحكومة المدنية ، ونصيحتي للثوار أن ينتبهوا حتى لا تسرق ثورتهم بعد الانتخابات
وذلك بإصلاح الأحزاب من الداخل تأميناً على الإيجابيات وتقويماً للسلبيات أو
بتكوين حزب سياسي جديد ، غير أن الأفضل هو البناء على القديم للاستفادة من الخبرة
التراكمية خاصة بعد زوال الديناصورات نسأل الله لهم الرحمة والمغفرة ، وذلك لأن
التطرف السياسي الذي يرفض القديم غير منطقي وغير مقبول ولن يجعل للثورة قاعدة
شعبية وستكون العزلة مصيرها ، كما أنه لا بد من حماية الأحزاب والمؤسسات الاقتصادية
من مخططات الماسونية بالاستفادة من الأجهزة الأمنية حتى تنهض كما هو الحال في
مؤسسات القوات المسلحة الاقتصادية ، فالماسونية هي السبب في الفشل الذي يلازم الاقتصاد
السوداني، ولا تصدقوا التخذيل الذي يتهم الشعب السوداني بالكسل وعدم الإنتاج ، عليكم
فقط إزالة فرملة اليد الماسونية المقيدة للشعب وستشهدون التميز في كل مكان فهذا
شعب معلم لكنه مكتوف بحبال الماسونية لصالح إسرائيل ، ويشهد بإنتاجية الشعب
السوداني العمل الخارق في زمن قياسي لعودة ضخ البترول في الأنابيب إبان فترة أحداث
هجليج ، والمساهمات المشهودة في تطوير معظم الدول الصديقة ، والاختطاف الذي يتم
للكفاءات السودانية الراغبة في الهجرة الخارجية ، فلا تصدقوا تشويه الصورة التي
تروجها الماسونية .
نحتاج للتخلص من الحزبية السياسية المدنية الحاقدة ونستبدلها بحزبية سياسية
مدنية مشابهة للحزبية العسكرية التي تتفانى في خدمة الوطن وتضحي بالدماء ولا تجامل
بنوها في إراقة الدماء لأن الولاء الأعمى يجب أن يكون لله ورسوله وماعدا ذلك
فالطاعة في الحد المشروع والحق المباح .
عاش السودان حراً أبياً
0 تعليقات