آخر الأخبار

أطروحة : الجامع بين إبليس والجن .. (3)

 

 





علي الأصولي

 

لا جامع بين إبليس والجن إلا بالتستر والاختفاء، ولذا لو نظرنا للفظ الجن لوجدناه مشتق من مادة الجنين والجنة، بالتالي كل من كثر وطال اختفاءه فهو جني ولذا سمعنا من الأهل وإطلاق بعض الألفاظ على أطفالهم وصبيانهم بلفظ - أنت جني - أو -  فلان مثل الجن - أو مفردة أكثر تهكما بلفظ - أنت طنطل - وهذه المفردات أريد منها الاختفاء والتستر بعد المشاغبة والمعاكسة، 

 

وهذا الفهم - فهم لفظ الجن واشتقاقه - لم يكن حاضرا في الذهنية الفقهية القديمة عندما صادفتهم رواية الكليني في - الكافي - عن أبي رييع الشامي قال: سألت أبا عبد الله(ع) فقلت: إن عندنا قوما من الأكراد، وأنهم لا يزالون يجيئون بالبيع، فنخالطهم نبايعهم؟

 

فقال(ع) يا أبا الربيع لا تخالطوهم، فإن الأكراد حي من أحياء الجن، كشف الله تعالى عنهم الغطاء فلا تخالطوهم.

 

وعلى ضوء هذه الرواية قال الطوسي: وينبغي أن يتجنب مخالطة السفلة من الناس والأدنين منهم. ولا يعامل إلا من نشأ في خير ويتجنب معاملة ذوي العاهات والمحارفين. ولا ينبغي أن يخالط أحدا من الأكراد ويتجنب مبايعتهم ومشاورتهم ومناكحتهم - النهاية –

 

والتزم في - السرائر - لابن إدريس ما أفتى له الطوسي أعلاه. وابن سعيد الحلي في - الجامع للشرائع - والمحقق الحلي في - تذكرة الفقهاء - وصاحب الجواهر ج22/ لم يشذ عمن سلفه وكراهة التعامل والزواج من الأكراد تبعا للنصوص،

 

وهذا الفتاوى التابعة للنصوص أحرجت جملة من الفقهاء منهم صاحب - المستمسك - السيد الحكيم، ومنهم الشهيد السيد الصدر الثاني في - مسائل وردوده - وما تخلصوا من الإحراج إلا بتضعيف الرواية بابي ربيع الشامي.

 

غير أن من الفقهاء من لم يلتزم بتضعيفه بل ذهب لتوثيقه بطرق معروفة في مظانها. وهؤلاء اسقطوا الرواية من رأس بدعوى مخالفتها للمحكم والأصل القرآني الناص والمساواة بين الناس إلا بالتقوى. على تفصيل ذكروه في كتبهم البحثية الفقهية الاستدلالية.

 

وما يهمنا هو توجيه الفقيه السيد الشيرازي وهذه الرواية وهو من أحسن التوجيهات التي قرأتها كما في - موسوعة الفقه ج62 كتاب النكاح / إذ نص: أن الأكراد جمع كرد وهو مشتق من كرد الجبل أي ذهب إلى الجبل، جاء في - المنجد: كرد كردا .. العدو طرده كارد مطارد: طارده ودافعه انتهى:

 

 ومن هنا فإن المقصود في الرواية ليس الطائفة الكردية بل المقصود كل الناس الذين يقطنون المناطق الجبلية ونحوهم المنقطعون عن الأحكام الشرعية والحضارة المدنية ككلمة - الإعراب - الدالة على كل مبتعد عن الحضارة الدينية. فالأكراد كل من سكن الجبل سواء كان كرديا أو غيره. فقد يكونون من أهل فارس أو أهل اندونيسيا أو أهل أفغانستان فلا يشمل الحديث العنصر الكردي المعروف والمراد من - الجن - هو المتستر بالجبل .. الخ .. انتهى:

 

إذن: الرواية مع فرض صحتها فهي ناظرة على نحو القضية الخارجية ومن كان في تلك العصور وان قلت يمكن فهمها على أنها ناظرة نحو القضية الحقيقية. قلنا يمكن ذلك مع تحقق الملاك وهو الاستتار وعدم المخالطة بالحواضر الدينية والمدنية.

 

ما أريد بيانه: هو أن من كان مستترا فهو من الجن سواء كان مخلوقا ماورائيا كما هو الفهم المشهوري أو كان مخلوقا ماديا كما في من تستر خلف جبل أو بحر أو حصن أو دين أو مذهب أو دعوى وطنية أو دعوى إنسانية أو حتى صفحة فيسبوكية فالكل جن وكل جن بحسبه وهذا المبنى وانتظر المزيد ..


أطروحة : ذرية ابليس .. (2)

 

 

إرسال تعليق

0 تعليقات