آخر الأخبار

العقيدة الإسلامية والنظرية المذهبية

 


 

عز الدين البغدادي

 

يسيء كثير من المسلمين من حيث يشعرون أو لا يشعرون إلى دينهم عندما يفهمونه من خلال المذهب، وهم لا يدركون بأن المذهب هو قراءة للدين، وهذا الأمر مشكل في المنهج وخطير في النتائج. لأن المسلم ربما ينظر إلى المسلم الذي يختلف معه في المذهب وكأنه كافر، وهذا امر طبيعي فعندما تفهم المذهب على أنه الدين فسيكون من يختلف معك في المذهب خارجا عن الدين. ويبدو الأمر عندما تجد ان كثيرا من الدعاة في أوربا أو إفريقيا عندما يدعون الناس إلى الإسلام فإنهم في الحقيقة يدعونهم الى المذاهب فيبدأ هؤلاء رؤيتهم للدين بنظرة سلبية الى المختلف مذهبيا، وبدل أن يبدؤوا بقيم الدين فإنهم يبدؤون بسب الشيعة أو الحديث عن فاجعة السقيفة.

 

ولهذا فأنا شخصيا لا افرح بدخول أشخاص الى الإسلام وهم يحملون هذا الفهم، لأنهم سيزيدون الأمور اضطرابا ويضرون مجتمعهم كما يضرون الإسلام.

 

العقيدة الإسلامية التي يفترض بالمسلم أن يؤمن بها هي تلك التي حددها القرآن الكريم وحدده النبي (ص) بشكل واضح فهمه عموم الناس حيث قال تعالى: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ) وكذلك الإيمان بالبعث والنشور والجنة والنار.

 

وأما ما سوى ذلك فهي نظريات مذهبية، ومن لا يعتقد بها فإنه لا يخرج بذلك عن حدود الإسلام بحال، فلا يحكم بعدم إيمان من لا يؤمن بخلق القرآن عند كثير من أهل السنة أو لا يعتقد بالكلام النفسي عند الأشاعرة مثلا أو العصمة أو المهدي المنتظر عند الشيعة أو المنزلة بين المنزلتين عند المعتزلة، ولا يحكم بكفر من يعتقد بأن النبي (ص) أسري بروحه لا بجسده، ولا يحكم بكفر من اعتقد بالجبر أو بالاختبار، لأنها هذه كلها مسائل نظرية ليست ضرورية. ولهذا تجد أن المسلمين في السابق كانوا في الغالب يتعايشون فيما بينهم اجتماعيا، وتجمعهم المساجد وحلقات الدرس وإن اختلفوا في تفاصيل اعتقاداتهم.

 

مثل هذا الفهم سيزيل كثيرا من العقد، وسوف يوحد الخطاب الديني بشكل اكبر ويزيل الخلافات المصطنعة، ويثير الانتباه أكثر الى قيم الإسلام أكثر من الخلافات النظرية التي يقل نفعها ويكثر ضررها.

 

وأما ما يذكر من روايات عن أهل البيت ورد فيها إطلاق صفة المؤمن على خصوص من يعتقد بإمامة أهل البيت فإن هذا مصطلح خاص لا يستفاد منه أنّ من لم يؤمن بذلك فهو كافر أي خارج عن حدود الإسلام.

 

وهذا يشبه ما تجد عند الأباضية حيث تجد في كتبهم مصطلح "جماعة المسلمين" ويقصدون  به طائفتهم، ولا يعني ذلك أنّهم يكفّرون غيرهم.

إرسال تعليق

0 تعليقات