رأفت السويركي
" فَلْيَهْرعْ
كُلُّ جًنُوْد الْفِرْعَوْن وَلَا يَعُوْدُوْن إلَّا بَعْد تَحْرِيْر النِّيْل
مِما يُقَيِّد جَرَيَانِه"!!
يُسَيِّرُ الله
الرياح وفق مشيئته الخيرة منذ خلق الأرض ليجعل منها سكناً ومستقراً؛ فتحمل الرياحُ
الغيمَ مُثْقَلَةً بأمطارها وتمضي؛ وبَقَدٍر مُحَدَّدٍ وزمن مُقَرَّرٍ يتخيره الله
تنوء بحملها فتلقيه ماءً عَذْبَا فُرَاتَاً؛ ينسرب منذ فجر التاريخ دفقاً في مجراه
الذي نحته في أرض الله فلا تحده قدرة أو تحجبه رغبة؛ ليرزق الله بما أنزله سبباً
لحياة خلقه من النبت والحيوان والطير والإنسان والهوام؛ وكل بقدر معلوم.
فمن تهبط الأمطار
بالعدل الإلهي على جبال أرض استوطنها لا يصيبه العطش؛ وكذلك بالعدل الإلهي من وصل
إليه ماء النهر في مجراه لا يعطش؛ لأن الله لا يقبل (قِسْمَةً ضِيزَى) في الخير الذي أكرم به كل خلقه. لذلك
لا يقبل الله وهو العدل الوهاب أن يحجب مخبولٌ فضل رحمته عن بقية خلقه؛ فيُقيِّض
له من يُرسِّخ تطبيق عدله إذا نَسِيَ أن الماء لا يمكن أن يحتبسه حابس وهو يعبر
الأرض بالعدل ليلتقي في منتهاه ماء البحر على أَمْرٍ قد قُدِر؛ ليصيرَ بَخْرَاً
فَغَيْمَاً تحمله الرياح ليكون رزقاً.
وكما قال المصري
القديم "إنه هو الذي يروي المراعي، هو المخلوق من "رع" ليغذي
الماشية، وهو الذي يسقي الأرض الصحراوية البعيدة عن الماء. ماؤه هو الذي يسقط من
السماء، إنه هو الذي يأتي بالقوت، وهو الذي يكثر الطعام، وهو الذي يخلق كل شيء
طيب، ويمدحه الناس".
لذلك نقش المصري القديم في جدارياته وبردياته:
" أنا لم ألوث ماء النهر... لم أمنع الفيضان في موسمه... لم أُقِمْ سَدَّاً
للماء الجاري... أعطيت الخبز للجوعى وأعطيت الماء للعطشى".
***
فهل يفهم "الأحباش"
أحفاد "أبرهة الأشرم" معنى "الخط الأحمر" الذي حدده المصريون
القدماء عهداً على أنفسهم وجندهم؛ ونقشوه على مقياس النيل: " إذا انخفض منسوب
النهر، فليهرع كل جنود الفرعون ولا يعودون إلا بعد تحرير النيل مما يقيد جريانه".
أتذكر هذه الكلمات؛
وقد اقترب "الوعد الموعود" إذا لَمْ يَتَفَكَّر الأحباشُ؛ ويرتدعوا
ليدركوا مدلول " فليهرع كل جنود الفرعون لتحرير النيل مما يقيد جريانه "...
عن "سد الحبشة" أتحدث!!
0 تعليقات