محمود جابر
للتذكرة بدأنا الحديث
فى هذا البحث بأن هناك نظرتان تحكمان منهج النظر إلى الإنسان الأول : يرى الإنسان
مخلوقات مفطورا على الطاعة والتقوى والخير ومعرفة الله تعالى وهذا هو منهج الإسلام.
والمنهج الآخر: يرى
الإنسان ابنا للخطيئة وعبدا لها ... وإذا كان الإنسان صاحب خطيئة أولى فإن الذي
دفع الإنسان الأول – آدم – إلى الخطيئة هي زوجه - حواء – وعليه فقد اعتبروا حواء/ الزوجة
/ المرأة (شرا مطلقا)... وعليه يجب إخفاء مكمن هذا الشر وإبعاده عن أماكن العبادة ...
ثم تحثنا عن لباس
المرأة فى الجاهلية وقبل الإسلام.
لباس المرأة فى
الإسلام :
بعض الناس لديه
انطباع بان الإسلام جمد زى المرأة العربية سالف الذكر، وفرض عليها زيا موحدا خال
من الجمال !!
لقد جاء الإسلام ووجد
النساء تفنن في اللباس والزينة، وبالغت بعضهن فخرجت عن الأدب العام في الستر فكشفن
الصدور والأعناق والثديين، فدعا إلى الستر، وتهذيب الألبسة الخليعة لتراعي الآداب
العامة وقيمة الحياء الاجتماعي أما فصل النساء عن الرجال وحجزهن في حجر منزوية،
ومنعهن من المشاركة في الحياة فهذا ليس من الدين الإسلامي في شيء بدليل عمل النساء
مع الرجال والتحدث إليهم.
فهذه عائشة بنت أبي
بكر وزوج النبي صلى الله عليه وآله تعلم الرجال الحديث، وتشاركهم في الحروب وفي
السياسة واشتهرت منهن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وزينب بنت على (عقيلة
بنى هاشم) و سكينة بنت الحسين وعائشة بنت طلحة، وزينب بنت موسى الجمحية وكان لهن
باع في البلاغة والفصاحة والشعر والجدال وقوة المحاجة.
من الطبيعي أن يتشكل
زى المرأة تبعا لاختلاف الأذواق والبيئة الاجتماعية، والاقتصادية. ومما لا شك أن
لكل عصر ولكل مصر زيه الذي يختص به ويميزه عن غيره من الأزياء من هنا سنتتبع تشكل
زى المرأة العربية المسلمة في بداية الإسلام إلى العهد العباسي.
لقد جاء الإسلام مقاوما
لظاهرة الخلاعة في اللباس وأمر بالستر فإن النساء تحايلت بطرق مختلفة في حياكة
ملابس جديدة تحترم تعاليم الدين من جهة، وتظهر محاسنهم من جهة أخرى مثل زى "القباطي" وهو ثوب ضيق
يلتصق بالجسم ويبدي نحافة الجسد من ثخانته ويبرز محاسنه، وثبت أن عمر بن الخطاب
نهى عن لبس القباطي
ذكر مالك "بلغني أن عمر بن الخطاب نهى النساء عن لبس القباطي لأنها وإن كانت
لا تشف فإنها تصف"مما يشهد بأن النساء لبسن هذا النوع من الزى.
ومما اخترعته المرأة-
"رغم أن الشريعة أمرت بإسبال الإزار وإرساله قدر ذراعا ليستر قدمي المرأة عند
المشي-"اللباس القصير الضيق لتظهر محاسن جسدها وقد احتج علماء ذلك العصر على
هذا النوع من اللباس بهذه المقولة "ليحذر العالم من هذه البدعة [لبس القصير
والضيق]، التي أحدثتها النساء"!!
ومما اخترعته النساء
في صدر الإسلام "الناهزة"وهي
طريقة تعظم بها رؤوسهن تتمثل في لبس الخمر والمقانع على شكل عمامة توضع على الرأس
تشبه أسنمة الإبل لتوهم بغزارة شعرها وكثافته تحت الخمار والمقانع، ولتكتمل شروط
الزينة لبست النساء الخواتم المتناسقة مع ثيابهن الجميلة .
أما عن الاختلاط
بين الرجال والنساء .
مما يتخيل أيضا ان
العصر الإسلام شهد زيا موحدا لا يشف ولا يصف ويستر كل المرأة حتى لا تظهر وكانت
النساء قابعات فى حجرهن لا يغادرن بيوتهن، دون أدنى اختلاط !!
وأقول بكل وضوح أن
عصر الإسلام كان فيه اختلاط ، بل لم يكن اختلاطا فقط بل اختلاط لمتبرجات مع رجال
غرباء ، كانت سبيعة بنت حارث الأسلمية زوجة لسعد بن خوله العامري ، و كان ممن شهد
موقعة، و توفى عنها زوجها في حجة الوداع ، فما أن طهرت من نفاسها حتى بادرت
بالتبرج و التجمل و التزين و خرجت تمشي بين الرجال طلباً للزواج ، فتقدم لها أبو
السنابل بن يعك ، و كهل ، وشاب ، فاختارت الشاب / رواه البخاري و مسلم !!
و كانت النساء محل تطلع
من الرجال لمعرفة جمالهن وكان جمال نساء القبيلة محل تفاخر بين قبائل العرب ، "
من رواية عن يحي بن عبد الله بن الحارث قال : لما دخل رسول الله ( صلى الله عليه
وآله وسلم ) مكة يوم الفتح ، قال سعد بن عبادة : ما رأينا من نساء قريش ما يذكر
عنهن من جمال ؟! فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : هل رأيت بنات أبي أمية بن
المغيرة ؟ هل رأيت تربة ؟ هل رأيت هندا ؟ إنك رأيتهن و قد أُصبن بآبائهن " . أي
أنك رأيتهن و هن غير متجملات و لا متبرجات حيث كن في حال حداد على آبائهن الذين
قتلهم جيش النبي . لذلك لم ترهن في وضع يبرز مواطن جمال بنات قريش . مع الملاحظة
أن هندا إحدى اللائي ضرب بهن النبي المثل لجمال القرشيات، هي هند بنت أمية زوج
النبي نفسه و المعروفة بأم سلمة .
كان التبرج لإظهار
الجمال ليس هو المفهوم من تبرج الجاهلية الأولى المنصوح بعدم لجوء المرأة المؤمنة
إليه، كان التبرج المسموح، كن يضعن الحمرة بسحق الأحجار الحمراء و عملها كمسحوق
يشبه بودرة تجميل اليوم، و قد جملت أم السيدة عائشة بنتها بهذه الحمرة ليلة دخل
بها الرسول .
المسألة كانت تغطية
الثديين ليس إلا، لكن أن تلبس المرأة اللافت للنظر و المبرز للجمال فلم يكن شيئاً
محرماً، لأن هذه هي طبيعة المرأة التي فطرها الله عليها، ولن تر لخلق الله تبديلاً
.
كانت الأقراط الكبيرة و الطويلة المطعمة من
إكسسوارات التجميل اللافتة للنظر من زينة الصحابيات، و هو ما يأتينا ذكره في خبر
أم هانئ بنت عم النبي التي تبرجت بمثل هذا القرط و قامت تسير بين الرجال مستعرضة
جمالها، فتحركت غيرة عمر فقال لها : " إن محمدا لا يغني عنك شيئا " . فغضب
النبي ليس لتبرج أم هانئ مطلقاً، و لا حتى أشار حتى إليه، كل ما أغضبه أن يقول عمر
أن شفاعة محمد لا تلحق أهل بيته . " رواه الطبراني.
مرة أخرى نؤكد أنه لم
يكن زمن النبي شيء اسمه الحجاب كما هو مقرر اليوم، و لم يكن هناك فصل بين الرجال و
النساء، و حديث ما اجتمع رجل و امرأة إلا و كان الشيطان ثالثهما لا يلتقي بالمرة
مع واقع المجتمع في الزمن النبوي ، مما يشير إلي تهافته ، و إنه من الموضوعات بعد
ذلك بزمان طويل، أما واقع زمان الدعوة يحكيه لنا الجاحظ فيقول : " فلم يزل
الرجال يتحدثون إلي النساء في الجاهلية و الإسلام ، حتى ضرب الحجاب علي نساء النبي
خاصة ، ثم كانت الشرائف ( أي الشريفات بمعنى طبقي ) من النساء يقعدن للرجال للحديث،
ولم يكن النظر من بعضهم إلى بعض عاراً في الجاهلية و لا حراماً في الإسلام "
.
و عن خوات بن جبير
قال : " خرجت مع النبي في غزوة فخرجت من خبائي فإذا بنسوة حولي، فلبست حله ثم
انتهيت فجعلت أتحدث معهن ، فجاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال : يا جبير
ما يجلسك هنا ؟ قلت : يا رسول الله بعيري قد شرد ، فكان رسول الله (صلى الله عليه
وآله وسلم) يمازحه كلما التقاطه : ما فعل بعيرك يا خوات ؟!" .
و مثل أم هانئ من بين
الشرائف ( أي الشريفات أي من عليه المجتمع ) كانت الصحابية عائشة بنت طلحة ، التي
دافعت عن حقوقها ، ورفضت أن يفرض عليها أحد أمراً لم يفرضه القرآن ، و من ذلك
رفضها أي لون من الحجب و التحجب ، و كانت شئونها الجنسية تحكي وتذاع علي الملأ في
نوادر و طرائف يسمر عليها المسلمون في سهرهم المتواد و المتراحم ، دون أن تشعر بنت
طلحة بأي تحرج بل كانت تفخر به . فقد كان لديها يوماً صحابية تزورها ، و إذ بزوج
عائشة يدخل متعجلاً فتنهض إليه عائشة و تدخل معه داخلا، وتسمع الضيفة أصوات المتعة
الجنسية لعائشة بنت طلحة ، حتى خرجت إليها ترفض عرقاً ، فسألتها الضيفة مستنكرة : أو
تفعل الحرة ذلك ؟ فردت عليها : " إن الخيل العتاق تشرب بالصفير " ، فشبهت نفسها بالخيول الأصيلة
التي تصدر مثل هذه الأصوات صفيراً في مثل هذا الموقف ، كانت عائشة تعلن فخرها
بمتعتها ، دونما أن ينزعج أحد من الصحابة . و من حكاياتها المشهورة أنها مرة كانت
تحت زوجها في السرير فنخرت نخرة تفرقت منها مائة من أبل الصدقة هلعاً و لم تجتمع
مثلها حتى اليوم . و عندما أراد زوجها أبو مصعب عتابها علي تبرجها الشديد قالت له :
" أن الله سبحانه و تعالى وسمني بمسيم الجمال فأحببت أن يراه الناس ، فيعرفوا
فضلي عليهم ، فما كنت لأستره .
0 تعليقات