عز الدين البغدادي
ربما قرأ البعض او شاهد في المكتبات كتاب "مشارق أنوار اليقين في
حقائق أسرار أمير المؤمنين" وهو كتاب من تأليف رجب البرسي وهو فقيه وشاعر،
ولقب "البرسي" نسبة إلى مسقط رأسه (برس) وهي قرية كانت تقع بين الكوفة
والحلة، ثم انتقل إلى الحلة وبقي فيها حتى وفاته سنة 813 هـ، كما عرف بلقب (الحافظ)
لكثرة حفظه الأحاديث والروايات والأخبار وخاصة التي تخص أهل البيت.
عرف بكتبه التي ملئت بالغلو
والروايات المكذوبة وهو الكتاب الذي يقرأه كثير من الناس وربما يصدقون ما فيه من
طامات، وقد ملأ كتابه بخطب ليس لها أصل نسبها للإمام علي (ع) وهي غير ثابتة ولا
معقولة بأي نحو كان، بل وحتى ما كان لها أصل فقد أضيف إليها شيء كثير جدا. والغريب
لأن كثيرا ممن ترجم له لم يذكر عنه غلوا ولم ينتقده إلا السيد محسن الأمين في
كتابه "أعيان الشيعة" حيث ذكره وقال عنه: "وفي كتابه إفراط وربما
نسب إلى الغلو"، ورغم أن العبارة فيها تسامح إلا أن أحدا لم يسبقه لنقد كتبه،
ومع ذلك فإن الشيخ الاميني لم يرتض ذلك في كتابه "الغدير"، ودافع عن
البرسي بشدة ونفي عنه تهمة الغلو، وقال في كتابه" الغدير": له في ولاء
أئمة الدين عليهم السلام آراء ونظريات لا يرتضيها لفيف من الناس، ولذلك رموه
بالغلو والارتفاع، غير إن الحق أن جميع ما يثبته المترجم لهم عليهم السلام من
الشؤون هي دون مرتبة الغلو غير درجة النبوة.
خطر لي أن اكتب عنه وأنا أتذكر رواية ذكرها في كتابه "مشارق أنوار
اليقين" وورد فيها عن جبرئيل: لما
ضرب علي مرحب اليهودي ضربته الهاشمية؛ أمرت أن أقبض فاضل سيفه حتى لا يشق الأرض
فيصل الثور الحامل لها يشطره شطرين‼
ولم يكتف برواية هذه الأسطورة التي تذكر أن الأرض يحملها ثور وان ضربة علي
كان من الممكن ان تشق الكرة الأرضية حتى تصل الى الثور الذي يحملها فيشقه كذلك شقين،
بل قال في آخرها: " استعظم الجاهل هذا الحديث"، ومع كل هذا تجد كثيرا من
علمائنا يترجمون له ولا ينقد احد منهم كتبه التي لا زالت تطبع وتوزع، فأفضل طريق
للسيطرة على عقول الناس ان تزرع في عقولهم دينا يقوم على الخرافة.
0 تعليقات