سلام حمد آل بريبت
انطلاقًا من هذا الحديث النبوي الشريف ،جعلته عنواناً لمقالي هذا وحتى يفهم
القارئ المقصد من العتبة النصية ،أن كل كتاب ومقال يفهم من عنوانه باعتبار أن
العتبات النصية مهمة جداً في لفلت انتباه القارئ على مختلف مستوياته الثقافية
والمعرفية ،ولنطرح السؤال الآتي:ماهي مكارم الأخلاق التي جاء النبي ليتمها ؟ وهل
الأخلاق كانت غير مكتملة وجاء ليتم نقصها؟.
فالنبي كما هو معلوم في سيرته كانت قريش تصفه بالصادق الأمين. والقرآن
الكريم يصفه وصفا لم أجد لأي نبي ورسول له مثيل بقوله تعالى:((وانك لعلى خلق عظيم))
.فما هي الأخلاق التي يتمها برسالته، فيبدو إن أهم ركيزة للأخلاق التوحيد ،الذي
كانت الجزيرة العربية تفتقد له حيث كان يسودها الشرك اي يفهمون أن الخالق وموجب
الوجود أو مفيض الوجود هو الله ولكن جعلوا معه أنداد والهة تقربهم إليه زلفى .
وبذلك جاءت الرسالة المتممة لتركز على محورية الأخلاق في صناعة الحضارة
والتطور وقد أهملت الأمة ذلك، فكان نتاجها الفقهي يفوق نتاجها النظري والعملي في
علم الأخلاق .وعودا على بدء فإن الأخلاق المتممة هي : الأخلاق العبودية أو
التعبدية((الخوف، والرجاء، والتوكل، والعفاف، والزهد والدعاء. ......الخ)) لما
لهذه المنظومة المتممة من أثر بالغ في بناء الإنسان كفرد، من جانب ثم لما لها من
أثر بالغ في منظومة الأخلاق الاجتماعية كتحقيق العدالة من جانب آخر ، ولنأخذ مثال
الخوف وأثره النفسي في شخصية الإنسان فكلما كان الخوف من السماء جعل الفرد أكثر
مقاومة للظلم والوقوف بوجه الحاكم الظالم لاعتقاده، بأن من بيده الحياة والموت هو
الله والحياة سفرة تنتهي بحقيقة يعرفها جميع الخلق وهو الموت، وبذلك فلا مرجو
غيره، ولا توكل إلا به وما المال والبنون إلا زينة الحياة الدنيا لذلك ترى
الشيوعية في نظرتها للدين أفيون تتعطاه المجتمعات في حالة فقرها
وقهرها، لأنها نشأت في وسط اجتماعي يقدس الحاكم الظالم، ويبرر ظلمه بأن سلتطه
مستمدة من السماء بدعم من الكنيسة.
وفي الفقه الإسلامي تم التركيز على
المنظومات العقابية وترك المنظومة التربوية والأخلاقية، لذلك تجد أن القرآن الكريم
ركز على منظومة الأخلاق فجاء خمس القرآن الكريم في آياته أحكام والباقي في التربية
والأخلاق لإنه اهتم ببناء الفرد والمجتمع معا ،فهو دين اجتماعي أكثر مما هو دين
صوامع وأديرة ، لذلك لم تترك مرحلة صدر الإسلام أي بناء عمراني ملوكي كما في
الأهرامات بل باشر النبي حكمه من مكان بسيط على اعتبار ، أن الفضيلة المهم نشرها
وليس بناء القصور لها فسقطت الدولة الإسلامية حيث جعلت البذخ والترفية في العصور
الملكية من العصور الأموية والعباسية والعثمانية همها.
ولم تستفيد من الوفرة في الأموال
التي تحققت للدولة في بناء مجتمع صناعي بل لعب نصيب وزرياب في وسط مدينتها المنورة
وغدا تشريع الأطعمة والمناكح هما شاغلا لها. في حين لما وفر الاستعمار القديم
لأوروبا المال والذهب استثمر في بناء مجتمعها إنتاجية وتعاورت العلوم الطبيعية
والفلسفية في تشكيل نظرية النهضة الصناعية مع نهضة أخلاقية وضاعت الأمة في صراع
اخروي من الفرقة الناجية وإنتاج الإرهاب والكراهية والعصبية والتطرف وتبرره مرة
بقهر الآخر دون إصلاح الداخل فحين لما ملكنا العالم وقهرنا الآخر لم يبرر ضعفه كما
فعلنا بل أعاد هيكلة وضعه وبنى نفسه وأصبحت الأندلس فردوسا إسلاميا مفقوداً بسبب
ضياع الأخلاق والاهتمام بالمناكح وقد قيل:الفرص تمر كالسحاب فاغتنمها والأمة
العربية والإسلامية مرة الفرصة في تاريخها ولم تغتنمها.
وأخيرا وليس آخرا الأخلاق محور ارتكاز النهضة في أية امة وقد قال أحد
مفكرينا:وجدت في الغرب إسلام بلا مسلمين وفي أوطاننا وجدت مسلمين بلا إسلام.
0 تعليقات