آخر الأخبار

أبي احمد: من التوهان الفكري الى سوء الخاتمة السياسية

 

 


 

* تمر إثيوبيا اليوم - كدولة - بمرحلة مفصلية أكثر تعقيداً من تاريخها الحديث، حيث تتعرض لأنماط شديدة وقاسية من التحديات "الوجودية" غير المسبوقة، صارت تشكل خطراً مميتا على مجمل ركائزها الأساسية في مستوى السلطة والمجتمع ككل.

 

* فالمشهد الإثيوبي يبدو قاتماً وحزيناً بكل تفاصيله السياسية والأمنية والاجتماعية، نتيجة لتراكم مجموعة معقدة ومتداخلة من الأسباب والبواعث، ساهمت مجتمعة في إغراق البلاد في بيئة الصراعات المزمنة هذه.

 

* وعلى الرغم من أن حالة عدم الانسجام والتوافق ظلت هي السمة الأبرز في التاريخ السياسي الإثيوبي على مدى عقود طويلة، وذلك لاعتبارات سياسية واجتماعية وثقافية ودينية تتميز بها هذه الدولة الإفريقية، إلا أن الحالة الإثيوبية الراهنة تبدو استثنائية بكل المقاييس، لا سيما وأن شبح الحرب الأهلية بات يخيم على البلاد أكثر من أي وقت مضى.

 

ومن لم يستشعروا بعد مدى الخطر الذي يهدد المجتمع، فعليهم أن ينظروا حولهم بشكل جيد ليروا عشرات الأمثلة والأدلة التي تبرهن تلك الحقيقة.

 

* ولعل الأمر الأكثر خطورة الذي قد يزيد من تعقيد الواقع السياسي الإثيوبي الراهن، يتمثل هذه المرة،  بشخصية رئيس الوزراء أبي أحمد، لاعتباره شخصية سلطوية وكيدية لا تمتلك أي من مقاومات سياسية، تؤهله لإدارة البلاد في هذه المرحلة الحساسة، خاصة وأن جل محاور اهتمامه تدور أولاً وأخيراً حول مفهوم القوة العسكرية والهيمنة على الآخرين بشتى السبل والوسائل، بعيدا عن قوة المنطق والعقل المرتكزة على المبادئ والآيلة لخدمة المجتمع، والتي أنشئت السياسة لأجلها.

 

* وفي هذه اللحظة التاريخية التي تقف بلاده أمام مفترق طرق خطير، يصعب التنبؤ بمالاته المستقبلية، يعلن الحرب الشاملة ضد الجميع، في محاولة لعسكرة السياسة وبناء نظام ديكتاتوري شمولي يحتكر السلطة احتكارًا مطلقاً.

 

* لأنه ينظر لعالم السياسة كما ينظر الجنرال إلى المعركة، همّه الوحيد هو الربح بشتّى السبل، فتتمحور إستراتيجيته حول كسب المعركة مستعيناً بالقوة،ويهمّه الأصوات المؤيّدة أكثر ممّا يهمه المبادئ والأخلاق.

 

* في حين يحتاج السياسي الناجح إلى المقدرة على معالجة القضايا المعقّدة والأوضاع الصعبة بتصميم وإصرار حسبما يمليه عليه العقل والمنطق.

 

ومع ذلك كله، يحاول الرجل بإقناعنا "بطريقة ميكافيلية" بأن اللعبة المفضوحة التي يمارسها، ليست سوى عملية ديمقراطية تشوبها الشفافية الكاملة.

 

* ومهما تكن الأسباب والمبررات التي دفعت الرجل للإقدام على هذه الخطوة "الجنونية"، فإنها تبقى - في حكم المنطق - تصرفاً طائشاً وقفزة في الظلام وسوء الخاتمة السياسية، تعبر عن حالة خيبة وتوهان فكري.

 

* لأنه حين تعمى البصيرة السياسية ويضيق النظر الاستراتيجي ويختل إدراك المرء بتقديره لحقائق الأمور ، يكون الخذلان والفشل نصيرا له، أينما حل ورحل.....

 

 

إرسال تعليق

0 تعليقات