عز الدين البغدادي
كثيرا جدا ما يفرز الفهم الديني المجتمعي في بعض جوانبه على الأقل أوهاما
تمنع الفرد من فهم الأمور بواقعية، وتصنع أفكارا تمنع من فهم الحاضر أو العمل
المستقبلي، وهنا سأقف عند فكرتين تتكرران باستمرار على الألسن، وهما:
الأول: لولا يوم السقيفة لما كنا الآن على هذه الحال، وأن كل ما نمر به
الآن هو بسبب بيعة السقيفة. وبغض النظر عن الطرح العام لقضية السقيفة فإن هذا
الطرح يتوهم أنه لو لم يحصل يوم السقيفة لما حصلت هناك اي متغيرات أخرى في التاريخ
خلال الأربعة عشر قرنا التي مضت، وكأن البشر الآخرين ليسوا متغيرات ولا يمكن ان
تكون لهم رؤى أو مطامع، أو أي شيء آخر من المتغيرات. وهذا الطرح يعشق التاريخ
ويلعنه في نفس الوقت، وهو يفهم التاريخ وطبيعة الحركة الاجتماعية بشكل مشوه تماما.
الثاني: أن واقعنا لن يتغير إلا بظهور المهدي، وأن العراق لن تتحسن أحواله
إلا بظهور المهدي وهذا وهم ديني آخر، فالقضية المهدوية قصية إيمانية غيبية مثل الإيمان
بيوم القيامة لا يجوز أن تمثل عائقا عن العمل للمستقبل أو الثقة بوضع مستقبلي أفضل.
قد يبدو أنهما فكرتان ساذجتان او بسيطتان، لكنهما في الواقع فكرتان
شائعتان جدا ومؤثرتان بين عامة الناس، ويتكرر الحديث عنها دائما وبشكل مثير
للسخرية والألم معا.
0 تعليقات