البروفسور/ نديم الجابري
أستاذ العلوم السياسية بجامعة بغداد...
تنطلق أطروحة الإسلام الوطني من احتساب الوطن وعاءا العقيدة .
أنها أطروحة مستمدة من وقائع تاريخية وردت في الكتب المقدسة .
إذ أن جميع الكتب المقدسة أجمعت على أن الله سبحانه قد خلق الأرض
قبل الإنسان و قبل أن يبعث فيها الرسل و الأنبياء عليهم السلام . و الأرض هنا
كناية عن الوطن . كما أجمعت الكتب المقدسة على أن الله سبحانه قد أمر النبي موسى
عليه السلام بفتح ( أرض كنعان ) لتكون وعاءا العقيدة اليهودية . كما أن الكتب
المقدسة أجمعت على أن الله سبحانه أمر السيد المسيح عليه السلام بفتح القدس لتكون
وعاءا العقيدة المسيحية . فضلا عن أن الله سبحانه قد أمر النبي محمد ص بالهجرة إلى
يثرب لتكون وطنا لأمته و وعاء للعقيدة الإسلامية .
إن أطروحة الإسلام الوطني تنطلق من نظرة واقعية مستمدة من فقه
الواقع ، آخذة بنظر الاعتبار إرهاصات التجارب الإسلامية المعاصرة و أثرها السلبي
في أحداث ارتداد لدى الرأي العام إزاء المشروع الإسلامي . فضلا عن تأسيسه على
الفرضيات الآتية :
١ - أن هذه الأطروحة تريد
أن تنأي بالإسلام عن تحمل مسؤولية الأخطاء التي ارتكبها زعماء الحركات الإسلامية
المعاصرة .
٢ - أن هذه الأطروحة
تتعامل مع ( الإسلام الأممي ) بواقعية ملحوظة .
ففي الوقت الذي تتعامل فيه
بايجابية مع أطروحة الإسلام الأممي الداعية إلى بناء الروابط الثقافية - الحضارية
مع الشعوب الإسلامية الأخرى . بيد أنها ترفض أطروحتها العابرة للوطنية لعدم
واقعيتها و لتعارضها مع السنن الإلهية و الطبيعة الاجتماعية للبشر . فضلا عن إخلالها
بالأمن و النظام الدوليين .
٣ - أن هذه الأطروحة ترفض منهج الإسلام الطائفي، لأنه بالتقوقع
الطائفي الذي يتسم به تقطع الأواصر الثقافية و الحضارية مع الشعوب الإسلامية
الأخرى ، و بالمنهج الطائفي تكون مدعاة للفتن التي تهدد السلم الاجتماعي و تمزق
الوحدة الوطنية لبلدانها .
٤ - هناك تحولات في الرأي العام العراقي أخذت به من الإسلامية إلى
غيرها . ان هذا التحول نحو الآخر غير المحدد المعالم عبارة عن ردة فعل سلبية إزاء إخفاقات
الحركات الإسلامية . و الراجح ، أن هذه الردة تعد خطوة أولى نحو تحولات محددة
المعالم قد تأخذ به من الإسلامية إلى الليبرالية في المستقبل المنظور خصوصا اذا ما
حسنت القوى الليبرالية من أدائها و اقتربت من الجمهور أكثر فأكثر . ٥ - فقد
المشروع الإسلامي بألوانه الاجتماعية و السياسية كافة فرصته في العراق على مدى
المستقبل المنظور ، لان الحركة الإسلامية التي تدعي تمثيلها لهذا المشروع سقطت
بالتجربة عندما أخفقت في الحصول على شرعية الإنجاز و التي لم تقدم شيئا ملموسا
للمواطن و للوطن و لم تف بالوعود التي قطعتها على نفسها .
0 تعليقات