آخر الأخبار

مدمر آبيي أحمد وقراءة في الآفاق والاحتمالات

 


رئيس مجلس التاج الإثيوبى


 

كمال حامد

 

بناءا على قراءاتي هنا وهناك وخاصة بين المواقع الأثيوبية الناطقة باللغة العربية واللغة الإنجليزية ولمحاولة تفكيك وتفسير ما حدث في أثيوبيا من احتجاجات عقب إطلاق كتاب آبي أحمد : مدمر.

 

أستنتج أن هناك سعيا هادئا لطي صفحة نظام الفيدرالية العرقية Ethno -Fedralism والذي تأسس مع مجيء نظام الجبهة الثورية الديمقراطية الشعبية الإثيوبية سنة 1991م.

 

يومها توصل الائتلاف الحاكم إلى معادلة مفادها أنه ومن أجل الوصول لحالة سلام وتعايش يتم تقسيم أقاليم الحكم بناءا على العرقيات الرئيسية التي تكونت منها أثيوبيا بجغرافيتها الحالية التي صنعتها حروب منليك التوسعية ( بعضهم يسميها حروب استرداد).

 



أيا كانت التسمية ، فإنه ومنذ موت منليك في ديسمبر 1913م حتى الإطاحة بحكم هيلاسيلاسي في 1974م واختفاء صورة نظام التسلسل الوراثي في الحكم، وخلال فترة ما بعد هيلاسيلاسي فإن المركزية الثقافية ظلت هي القابضة برغم القناع الماركسي وظلت أثيوبيا تدفع فاتورة التوسع و فاتورة أشواق القوميات للتحرر، وكان الثمن تارة تحالفا مع الإيطاليين الذين ظن بعض التحرريين أنهم سيجدون الخلاص بدعمهم، وتارة أخرى بأكبر تحدي وهو حرب محاولة استرداد الإقليم الصومالي والمعروفة بحرب الأوجادين وهي حرب قام بشنها نظام زياد بري في الصومال واستمرت من يوليو 1977م حتى مارس 1978م وانتصرت الصومال فيها لولا التدخل العسكري المباشر للأنظمة الماركسية وهي :

1- الإتحاد السوفيتي (روسيا أساسا وجمهوريات الإتحاد التابعة) : كانت تنتصر للعقيدة الأرثوذكسية التي تجمعها تاريخيا مع الحبشة سواء كانت ملكية وراثية أو ماركسية !!

 

2- كوبا : الكاثوليكية تنتصر لولائها الماركسي.

 

3- اليمن الجنوبي : انتصر يومها لماركسيته بالرغم من أخوة الدين التي كانت تجمعه مع الصومال.

 

واستمرت الحروب بين أديس أبابا وحركات الكفاح المسلح في مختلف الأقاليم : أوروميا، جمبيلا، العفر، التيجراي، صوماليا ، وكانت استنزافات لا تنتهي لا بالانتصار ولا بالاستسلام والتسليم، إلا في حالة واحدة استثنائية هي : أرتيريا.

 

واليوم وبعد عام واحد من حكم آبي أحمد يعود وبقوة طرح فكرة النظام المركزي من خلال كتاب ( مدمر) ، وتطل الأسئلة والاحتمالات التي لابد أن تطل :

 

1- ماهي المركزية التي يمكن أن تلتف حولها وتتوافق عليها مختلف قوميات أثيوبيا وأديانها ؟ علما أن الدين في أثيوبيا صار ولحد ما عابرا للقوميات التاريخية التي لعبت دورا في تاريخ الحبشة قبل تشكيل الدولة الأثيوبية وهي الأمهرية والأورومية والتيجرينية ، فثلاثتهم صار فيهم مسلمون ومسيحيون بمذاهب مختلفة داخل كل دين، وحدهما القوميتين الصومالية والعفرية ظلتا مسلمتين خالصتين ( حسب علمي ) ولكن نسبتهما العددية محدودة نوعا ما.

 

2- هل يستمر النظام الفدرالي العرقي الحالي بكل ما بدأ يظهر فيه من تصاعد طموحات القوميات ذات الإطار العرقي واللغوي المتجنب للدين ( ولو ظاهريا لمقتضى الحال ) وهو تصاعد بدأت تلوح في أفقه نذر تفكك الدولة أو الاستغلال من قوى خارجية متربصة، علما أن الطموحات الإقليمية الإثنية تستند إلى ظلامات ذات معقولية ومثبتة تاريخيا.

 

رسالة رئيس مجلس التاج الاثيوبى بمناسبة فوز آبى احمد بجائزة نوبل


3- الملكية الوراثية الحبشية الأثيوبية : هل انتهت ؟ وهل هناك احتمال أن تعود بوجه جديد وتوافق داخلي ؟

 

من الصعب جدا أن تحكم بزوال نظام استمر لألفي عام أو أكثر قليلا خاصة عندما يكون مبنيا على أساس ديني وهو الحق الإلهي Divine Right لحكم السلالة ، ( ونقول ذلك وفي ذهننا تجربة إسبانيا التي استعادت حكمها الملكي التاريخي بشكل دستوري بعد سنوات من الحكم الجمهوري بقيادة فرانكو من 1939م حتى 1975م ، مع مراعاة الفوارق التاريخية ).

 

ولهذا ظل الأمير أمها سيلاسي هيلاسيلاسي يعلن في الخارج وباستمرار أنه الإمبراطور وريثا لوالده وكان حوله مؤيدون من السلالة وأصدقائها والكثيرين في الداخل الأثيوبي ممن ارتبطوا بصورة أو أخرى بهيكلية الحكم تلك ومن لا زالت أشواقهم تحن لتلك الأيام.

 



ومات أمها سيلاسي في 1997م وسمحت حكومة ميليس بإحضاره وإقامة جنازته في الكاتدرائية التاريخية ، وما زال مجلس التاج الأثيوبي موجودا وفاعلا في الخارج ويرسل رسائله للداخل في مختلف المناسبات.

إرسال تعليق

0 تعليقات