آخر الأخبار

ليس بعيدا عما حدث في مصر وبحدث الآن في تونس

 




 

 

حامد المحلاوى

 

الديمقراطية الغربية وهم كبير يستحيل تطبيقه في مصر أو منطقتنا في أي يوم من الأيام ! ..

 

السبب ببساطة راجع لاختلاف التجارب والثقافات والموروثات والعقائد الدينية وغيرها من الأمور .. وعليه أعتقد أن المفكر والكاتب البريطاني الذي ولد وعاش في الهند " روديارد كبلنج " كان موفقا جدا عندما قال قولته الشهيرة : الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا .. كلاهما مفتقد معرفة ثقافة الآخر وتقاليده بدرجة عميقة ..

 

نعلم أن أوروبا مرت بعصور وأحداث لم تمر بها منطقتنا .. وهذه أصقلت تجربتهم في تداول السلطة وشكل الحكم الذي نراها عليه اليوم .. انتقال سلمي وسلس للحكم تخضع فيه الأقلية لرأي الأغلبية برضا وقبول والأغلبية لا تستأثر فيه بالرأي ولا تعمد إلى تهميش الأقلية ..

 

- وهل النموذج الغربي للديمقراطية يعتبر نافعا ومفيدا لكي يطبق في كل بلاد العالم ؟ ..

 

إجابة هذا السؤال في حاجة إلى التدقيق .. فبلاد مرت بعصور الظلام التي سيطرت فيها الكنيسة على المجتمع عدة مئات من السنين وليس عقود .. تلاه عصر النهضة ثم الثورة الصناعية وما صاحبه من انتشار الإلحاد والتمرد على الكنيسة .. وبعده العودة مرة أخرى إلى القيم الدينية أو ما سمي بعصر الإيمان .. وأخيرا عصر العلم والعقل .. هذه أخذت قرونا طويلة تشكلت من خلالها ملامح شخصيتهم .. نحن لم نمر بهذه المراحل حتى نصل إلى نفس النتيجة .. بل كان لنا مسارات أخرى تاريخية ونفسية مختلفة تماما .. فالقبلية والعشائرية وسلطة الكبير مثلا كانت وما زالت متغلغلة في نفوسنا حتى الآن وإن أظهرنا عكس ذلك .. أيضا تباين مجموعة القيم التي تشكل منها الجانب السلبي في الشخصية الشرقية ومنها مثلا النظرة الدونية المتخلفة للمرأة ولبعض فئات المجتمع وغيرها من أمور ..

هل يمكن تصور حالنا الآن لو طبقنا الدستور وفاز أحد الأحزاب الهشة ( غير الدينية ) وأصبح من حقه تشكيل الحكومة ؟! .. ضياع مؤكد ! .. صحيح الديمقراطية انتخابات وأحزاب وحق الجميع في التطلع إلى السلطة والحكم .. لكن هذا ما تم بالضبط عندما فازت جماعة الإخوان ( الدينية ) وكادت أن تضيع البلد بسببه لولا عناية الله وصمود المؤسسة الوحيدة القادرة على حماية وصيانة أمن البلد وهي الجيش .. إذن الفارق كبير بين الأماني والواقع ..

 

رأيي أن هذه الأشياء تجعل من اللجوء إلى تطبيق النموذج الغربي في الديمقراطية بطريقة كوبي بيست عملية غير منطقية وأقرب إلى الخيال .. السنوات الأخيرة التي مرت بها منطقتنا تدلل على صدق ما أقول .. طبعا لست بمتخصص ولا أدعي أنني أمتلك نظرية للحكم من بنات أفكاري أدعو إلى تطبيقها .. لكنها مجرد أفكار أطرحها أو اعتبرني أفكر بصوت عال ليس إلا ..

 

- لماذا لا يكون لنا نموذجنا الخاص للحكم الذي يلائم مجتمعاتنا ؟! ..

 

هنا بيت القصيد .. نموذجا يكون ثمرة فكر وجهد مشترك بين علماء السياسة والاجتماع والاقتصاد والقانون والإعلام والتاريخ والجغرافيا وعلماء الدين المستنيرين وكل من يستطيع أن يسهم بالرأي والمشورة .. نموذجا عصريا يتم فيه الجمع بين الديمقراطية الغربية بما تحمله من إيجابيات ومزايا ويكون أيضا نابعا أيضا من قيمنا وعاداتنا وأصولنا التاريخية ..

 

لا شك أن ذلك سيكون أجدى وأنفع بدل أن نجري وراء سراب لن نجنى من ورائه أي فائدة نتيجة الكسل والتقليد الأعمى ..

 

إرسال تعليق

0 تعليقات