آخر الأخبار

الأخلاق في فكر المعلم الثاني

 




 

سلام حمد آل بريبت

 

المعلم الثاني هو ابونصر محمد بن طرخان الفارابي (260 هج-339 هج). ابن اخت الجوهري صاحب الصحاح شيعي المذهب .وان كان الفلاسفة ضد المذاهب، لأن كل منهم يعتبر مذهبا في فكره ومدرسة خاصة تمثله ،والسبب نسبته للمذهب للتقارب بينه وبين ما يذهب إليه الخواجة نصير الدين الطوسي صاحب مرصد مراغة ،وهو غير أبي جعفر الطوسي الملقب بشيخ الطائفة ، في فكرة الإمام المعصوم عند الشيعة ، وأعتقد الموضوع ليس فيه تشابه وبحاجة إلى إثبات لاختلاف منهج كلا العالمين ، وقال الفارابي في ارتباط رئيس المدينة الفاضلة بالله سبحانه وتعالى بوساطة العقل الفعال . (ينظر تاريخ الفلسفة في العالم الإسلامي، حنا فاخوري وخليل الجر، 440).وأبرز أساتذته يوحنا بن حيلان ،وابن سراج النحوي، ويوسف بن متي ،ومن تلامذته يحيى بن عدي، وإبراهيم بن عدي . (ينظر تاريخ الحكماء، محمد بن خطيب الزوزني ، 277).وترجمة مؤلفاته إلى مختلف اللغات ،ويعد كتابه فصول منتزعة والفصول المدنية من اهم كتبه في الأخلاق ،ويرى بعضهم إنهما عنوانان لكتاب واحد، (ينظر مقدمة المحقق لكتابه فصول منتزعة، 9) .وتتلخص فكرته في الأخلاق بالتالي:

 

يرى كل من أفلاطون وأرسطو ان علم الأخلاق ،وعلم السياسة علمان منفصلان ،ويشتركان في غاية وهدف واحد هو ((السعادة)) ،والدور الذي يضطلع به القانون ،هو بناء مجتمع فاضل ،وتربية إنسان فاضل كما يذهب أفلاطون، ويرى أرسطو ان نهاية احدهما بداية للآخر ،في كتابه الأخلاق ،معتبراً نهاية السياسة بداية الأخلاق او نهاية الأخلاق بداية السياسة، وكلامه له واقع نعيشه في سياسة الدول المختلفة ،ورسالته السياسية تعد في الأخلاق الاجتماعية، وقد رد المعلم الثاني محاولا التوفيق بين آراء فلاسفة اليونان ،ومعتبرا السياسة والأخلاق متداخلان ،ويؤكد على وحدتهما ولا يمكن فصلهما ،ولا نعهد له رسالة منفصلة في الأخلاق لكن آراءه في الأخلاق وردت في تعليقاته على آراء فلاسفة اليونان ،ويعد مشروعة في ((علم المدنية)) أرقى ما قدمه من إنجاز وقسمه إلى نظري وهو البحث في ماهية الفضيلة والخير والسعادة ،وعملي كيفية وصول ذلك المجتمع إلى ذلك البحث النظري في السعادة والفضيلة والخير. ...الخ .من خلال المدينة الفاضلة ،وتعبيراته الإنسان الكامل ، أو الفاضل الأول ، الإمام، الرئيس الأول، واضع النواميس .يصنف المجتمعات على أساس السعادة الحقيقية التي ترنو إليها إلى:

 

1-المدينة الفاضلة، وهي المدينة التي يكون فيها الناس على معرفة بحقيقة السعادة ،وأساس هذه المدينة التعاون لتحقيق السعادة.

 

2-المدينة الجاهلة، وهي التي لا يعرف أهلها حقيقة السعادة ، وإذا عرفها، فلن يفهموا لعد امتلاكهم الفهم والإدراك .

 

3-المدينة الضالة ،وهو المجتمع الذي ينشد السعادة الغائية ،ولكن لديه آراء فاسدة حول العالم، والخالق وقضايا الفضيلة والرذيلة .

 

4-المدينة الفاسقة ،وهو المجتمع الذي تتوافر لديه آراء صحيحة عن العالم ،والخالق، والسعادة، والفضيلة ،والخير ،والشر ،لكنهم في السلوك العملي يتصرفون تصرف المدينة الجاهلة .وبذلك ينطبق عليهم مفهوم القرآن الكريم يقولون ما لا يفعلون .

 

وبذلك الفارابي يقدم فهما للأخلاق من خلال تقسيم المجتمعات إلى أربع أقسام ،يعلل كل صنف وفق منظور أخلاقي قوامه السعادة، والسبيل إليها بالتعاون ،فكان معلم أول في الفكر الإسلامي.

 

إرسال تعليق

0 تعليقات