عز الدين البغدادي
رغم أن المنطق والمنهج يميزان بين الرواية والدراية، أو الخبر
وتعقله إلا أن هذه البديهية يتم تجاوزها كثيرا في النزاع الفكري الموجود على
الساحة بين جهات تقليدية وأخرى تنويرية أو تحررية، إلا أن المنهج للأسف غائب عن
كثير من هذه الحوارات، لكن أهم إشكالين أجدهما يترددان ويقع فيهما الكثير هما:
الأول: "توجد رواية": وهو ما تجده عند كثير من طلبة
العلم، بل وللأسف من كثير ممن يحسب على العلماء من أهل الغلو عندما يطرح دعوى ثم
يقول: توجد رواية تدل على ذلك، المهم ان هناك روتية وكأن وجود رواية أي نفس وجودها
كاف لإثبات المدعى، رغم ان الرواية لا تكون حجة ما لم تكن معتبرة ناهضة بسندها
ومتنها، ورغم ان هذا أمر بديهي الا ان كثيرين جدا هم من يقعون فيه.
الثاني: "موجود في الكتب": وهو إشكال تجده عند بعض
الحداثويين المراهقين فكريا أو المندفعين ضد الإسلام كموقف عدائي غير علمي، وهو
يبحث عن حديث موجود في كتاب ويبني عليه رؤيته، دون ملاحظة اعتبارية الخبر سندا
ومتنا ودون -وهو الأهم- ملاحظة الظرف التاريخي للحدث رغم انه يصيح ليلا ونهارا ان
الشريعة بنت ظروفها التاريخية لكن عندما يريد ان يمارس عملية النقد فإنه يترك
منهجيته وراء ظهره.
عموما كلا الإشكالين يرجعان الى أصل واحد، ومشكلة عدم معرفة
التعامل مع النص، وهي مشكلة كبيرة وقع فيها بدرجة ما فقهاء كبار فضلا عمن دونهم.
0 تعليقات