علي الأصولي
يبدو لي بأن مقولة انشروا تعاليم ابن عربي - والتي نوه عنها محمد
الصدر - في فقه الأخلاق بانت بوادرها وظهرت مشاريعها بما لا مزيد عليه من إيضاح
خاصة ونحن في عالم افتراضي تجد فيه من الأفكار والدعوات وتزاحم الآراء بما لا
يحتاج مؤونة للإيضاح ،
لا أود جرج مشاعر بعض المشايخ والسادة - خاصة ممن لم تجمعهم معنا
صداقة افتراضية أو واقعية - ولا أحب جرح مشاعر محبيهم ومن ينشر نصوصهم ومقالاتهم
وفديواتهم المهتمة إيماء الاهتمام والدعوات الأخلاقية بصيغها العرفانية وأخذ أنظار
محبيهم إلى مكان بعيد عن واقعهم حتى قرأنا لأحدهم ما مفاده - لا تعترضوا على الحر
- فكل شيء من الله جميل - مع أن الحر هو بسبب التغيرات المناخية العنيفة والتي
ادخل البشر نفسه والتلاعب بالبيئة والطبيعة من خلال التجارب وكبرى المصانع ناهيك
عن التصحرات ونحو ذلك مما يفضي بالتالي تدخل البشر وما نحن فيه وهذا ما أشار إليه
القرآن - بما كسبت ايد الناس –
اجزم بأن هؤلاء مع اني أحسن الظن بنواياهم هم ضحية قراءات مغلوطة
أو مشايخ طرق جهلة ، والا ما الدين إلا بالدنيا وصلاحها على كل حال ،
تعلموا من أقطاب المتصوفة الذين عاشوا لأجل دينهم ودنياهم ومصالح
الناس أفضل من الهراء الذي أسمعه مع الاحترام للشخوص ،
فهذا أبو العباس أحمد بن علوان اليمني كبير متصوفة القرن السابع
الهجري والذي استقطب مؤيدين ومريدين كثر في اليمن بزهادته وعلمه وحسن سمته ، وقد
أشار الخزرجي صاحب - العقود اللؤلؤية - إلى ما يتمتع به ابن علوان من الحب في قلوب
الناس وكثرة محبيه واتباعه وزواره ،
قد عاصر أفول الدولة الأيوبية وقيام الدولة الرسولية ، وبين هذه
المرحلة الانتقالية ، وفي أثناء هذه الانتقالة حصلت الأمور الجسام على مرأى ومسمع
ابن علوان ، وأهمها الحبس المؤبد لأخوة الملك المنصور عمر بن علي الرسول ، واغتيال
الملك المنصور على يد عبيده وظهور الملك المظفر ، وشاهد بأم عينيه المظالم قائمة
على الرعية وانتشار الفقر بين أوساطهم وبروز ظاهرة الفساد حتى بلغت القضاء ورجاله
واستفحال تجنيد المثقفين من الفقهاء لتبرير الفساد وتجميل صورة السلطة والحكام!
وفي هذا الإرباك لم يدس الصوفي الثائر رأسه بالتراب متغنيا بتراتيل
قواعد العشق ، أو ترديد مقاطع الوجدان الصوفي ،
كما هي سيرة - دعاة الأخلاق والعرفان - الشيعي المعاصر في الجملة ،
نعم: وقف احمد بن علوان وقوف الجبال الشامخات وانتقد الأوضاع
المشينة للحكام والدولة واستخدم كل ما انعم الله عليه من علم ومعرفة وشجاعة وحكمة
في إبلاغ النصيحة والموعظة والمطالبة برفع المظالم ورفض الباطل والانتصار للحق ،
ولذلك فقد أرجع الأديب الشاعر /عبدالله البردوني كثرة المرويات والحكايات
الأسطورية عن الإمام الباهوت احمد بن علوان إلى وقوفه إلى جانب الرعية في وجه
السلطة الظالمة. بل وتصدى للفقهاء الذين باعوا علومهم خدمة لأسيادهم بثمن بخس دون
خوف من يوم المعاد ، ثم بين للناس زيف مدعيي التصوف الذين كانوا بئس المثل السيئ
واختار لنفسه ولإخوانه منهجآ كاملاً وسلوكاً واضحاً صالحاً لكل زمان ومكان خارجاً
عن نطاق التقليد ، داعياً إلى الجهاد والتجديد ، راسماً شروط وآداب لمن أراد
السلوك إلى منازل الأحباب ، يقول في كتابه - المواهب والترقي إلى أعلى المراتب -
اسلكوا أيها الإخوان على بركة الله سبيل الأخيار، الماشين بقدم المختار إلى حضائر
قدس الجبار –
نعم : هو لم ينادي بالقول - وأعلموا أن المحمدية قد اشرقت وأن
سحائب صيفها قد أرعدت وأبرقت ، وسفينتها قد صنعت ، وقوائمها قد رفعت - إلا بعد الأداء
، أداء تكليفه في زمن تقاعس عنه المتصنعون وخذله المتفيقهون والى الله تصير الأمور
..
0 تعليقات