سلام حمد آل بريبت
شهدت مصر انعطافة تاريخية مهمة جدا بعد الثورة التي أسقطت حكومة
الاخوان المسلمين ، بمباركة شعبية وانتفاضة من جيشها الذي يمثل صمام أمان لنظامها
السياسي، الذي يمتد من إسقاط الملكية الخديوية سنة 1952 ،وانطلاقاً من قيادة
الرئيس جمال عبدالناصر الذي مثل تيارا تسمى باسمه التيار الناصري ،وقد حقق مكاسب سياسية
واقتصادية واجتماعية وثقافية في داخل مصر وخارجها . وأثر بمحيطها الدولي والإقليمي
،وبعد نكسة 67 والانكسار النفسي الذي سببته انطلق السادات في مشروعه، الذي اختلف
في هدفه ولكن فرضته الظروف، وحقق انتصار 73 وهدم خط بارليف وأرعب الصهي ونية.
لكنه سمح للجماعات المتشددة في خرق مؤوسسة الأزهر الشريف، التي
تمثل الخط المعتدل في مدرسة الخلفاء، وكانت اتفاقية السلام مع الكيان الص هيوني
فرض واقع ،بسبب الوضع الاقتصادي واتحاد المعسكرين الأطلسي ووارشو مع هذا الكيان،
وبعيدا عن شعارات الثورية ،التي لا تفهم الواقع وظروف دول المواجهة ،التي تتحمل
عبء اقتصادي وموقف دولي وتخلي عربي وإسلامي عن دعم هذه الدول ومنها مصر . واستمرت
الجماعات اللاسلامية- (أفضل هذا المصطلح بدل الجماعات الإسلامية) -في بناء
منظومتها المالية والفكرية مستغلة مجتمعات الهامش والفقر والعشوائيات السكانية في
نشر فكرها الراديكالي الأعرج والاعور، كونه يبتعد عن أساسيات القرآن الكريم- الذي
هو (مصدر الهداية ومنبع المعرفة ومنهج للحضارة والسلوك)- بخط عرضي مع تطور الحياة
،وقطع الامتداد الطولي للفكر الإسلامي المعتدل ، ومع سقوط نظام حسني مبارك ،وبقاء
الدولة المدنية المصرية محافظة على مؤوسساتها الدستورية، انتفض الشعب في رفض سلطة
مرشد الإخوان، والرجوع إلى ذهنية خلافة حزبية تلبس الدين وسيلة وغاية لتحقيق
مأربها. لبى الجيش طموح الجماهير التي رفضت شرعية صناديق التزوير وديمقراطية
الخداع واختطاف الدولة التي بناها الشعب المصري بدمائه، قفزت شخصية الرئيس
عبدالفتاح السيسي لقيادة المشهد السياسي الجديد في مصر، لذلك تطلب منه :
1- الحزم مع الجماعات اللاسلامية، وإبعاد خطرها عن اي مشهد
ديمقراطي حالي ومستقبلي في مصر.
2-إعادة الهيبة للثقافة والفنون المصرية في قيادة المشهد العربي
والإسلامي.
3-إنهاء ملف سيناء والسيطرة عليه كونها تمثل بؤرة للتطرف الذي يمنع
إستغلال مواردها الكثيرة، وخصوصاً الطاقة الشمسية والنفطية والتعامل بأسلوب مرن مع
قبائل البدو ،
4-فتح مشاريع استثمارية ،وخدمية في صعيد مصر وإنهاء ،أن يكون
الصعيد ملاذ آمن للخارجين عن القانون
5-تغيير خطط الزراعة وجعل مصر منافسة في إنتاج أجود أنواع البذور
المهجنة للمحاصيل الزراعية ،التي تسيطر إس رائيل على سوقها وإنتاجها ،وهذه الخطوة
تمثل بعد إستراتيجي في تحقيق المواد للخزينة العامة مع تحقيق امن غذائي .
6-وضع خطة في تحديد الإنجاب، ونشر ثقافة تحديد النسل، لما يمثله
زيادة السكان غير المخططة خطورة على جميع المستويات .
7-التعامل مع أزمة المياه والدفع الدولي المريب في إشغال مصر عن
خططها الداخلية ،والتعامل مع إثيوبيا بأسلوب الكسب والدفع والضرب في عمقها السياسي
والاجتماعي والاقتصادي.
وتمثل زيارته للعراق انعطافة تاريخية في رجوع مصر، لدورها القيادي
في الدول العربية والإسلامية ،كما نتمنى أن تنفتح على امتدادها الجغرافي في
أفريقيا وخصوصاً دول (السنغال والنيجر ومالي) ،التي يمثل عدد الناطقين بالعربية ما
نسبته 46 بالمئة من مجموع سكان هذه الدول ،التي تتمتع بظروف وموارد اقتصادية
للاستثمار ودفع رأس المال المصري والقوى العاملة لهذه الدول، التي بدأ الصراع حول
مناطق النفوذ فيها شديداً وخصوصاً فرنسا .
ومصر تملك مقومات السبق فيها لوجود دين ولغة مشتركة ،يمكن ان تسهل
عليها الامتداد الأفقي والعمودي ،ويحظى السيسي بقبول الشارع المصري والعربي
والعالمي ،بمقبولية ممكن استغلالها لصالح مصر مع السماح للفن بالنقد وممارسة
الأعلام لسلطتة الرابعة في النقد والتوجيه ، وعدم ممارسة سلطة المقص مع الإبداع
الفكري والفني ،وتأهيل المجتمع للإنتقال إلى ممارسة حقوقه السياسية ،بطريقة
الجرعات ،والحزم مع الفساد والفاسدين وإبعاد الهياكل الهرمة ،التي تدير مؤوسسات
الدولة وقد مضى عليها زمن طويل ،مع تعديل قانون التقاعد لكي تدخل طاقات شابة إلى
تلك المؤوسسات ،التي نخرتها البيروقراطية عبر عقود من الزمن ،والاتجاه بالتعليم في
كل مراحله نحو التحسين والجودة العالمية ،والاستثمار فيه بشكل مدروس ،وتمثل هذه
المدة لحكومة السيسي إمتداد أهداف مع ثورة يوليو 52 ،وتغيير مسارات لأن الحياة في
تطور مستمر يتطلب التنوع في الأسلوب والطريقة والمنهج لبناء دولة العدل والمساواة
، ومصر زاخرة بالطاقات البشرية المبدعة في مختلف المجالات ،ولديها جامعات رصينة
مارست دور نهضوي عربي ،وإسلامي ودولي يشهد به العدو قبل الصديق .
0 تعليقات